سابعاً : الأقلية السنية في إيران ( قال آية الله تسخيرى : إن أهل السنة شاركوا مع أنهم أقلية في بناء الثورة شاركوا مناحي الحياة ولهم بشكل كامل حقوق المواطنة وحقوق الأخوة وهي أكثر من المواطنة في كل المجالات)
والرد عليه أقول ،، لقد كانت أغلبية إقليم إيران سنية حتى جاءت الدولة الصفوية , والتي أسسها الشاه إسماعيل الصفوي ، ففرض التشيع الإثنى عشري على الإيرانيين قسراً , بعد أن جعله المذهب الرسمي للدولة ، وكان إسماعيل هذا ، قاسياً جباراً متعطشاً للدماء إلى حد لايكاد يصدق[1] , ويشيع عن نفسه أنه معصوم , وليس بينه وبين المهدي فاصل , وأنه لا يتحرك اٍلا بمقتضى أوامر الأئمة الاثنى عشر[2] , ولقد تقلد سيفه وأعمله في أهل السنة , وكان يتخذ سب الخلفاء الثلاثة ( أبوبكر وعمر وعثمان ) لامتحان الإيرانيين , وقد أمر الشاه أن يعلن السب في الشوارع , والأسواق وعلى المنابر منذراً المعاندين بقطع رقابهم , وكان إذا فتح مدينة أرغم أهلها على اعتناق التشيع بقوة السلاح[3] ..
ولقد آزر شيوخ الشيعة سلاطين الصفويين في الأخذ بالتشيع إلى مراحل من الغلو ، وفرض ذلك على مسلمي إيران بالقوة والنار وكان من أبرز هؤلاء الشيوخ شيخهم على الكركي[4] , الذي يلقبه الشيعة بالمحقق الثاني , والذي قربه الشاه ظهماسب ابن الشاه اسماعيل , وجعله الآمر الناهي المطاع في الدولة , وكذلك كان من شيوخ الدولة الصفوية المجلسى ، والذي شارك السلطة في التأثير على المسلمين في إيران والعمل على تغييرهم إلى المذهب الشيعي الإمامي بالقوة والترهيب ، وتهجير علماء أهل السنة وقتلهم وسفك دمائهم ، ولاننسى الجانب الآخر من أثر الدولة الصفوية , وذلك في حروبها لدولة الخلافة الإسلامية العثمانية , وتعاونها مع الأعداء من البرتغال ثم الإنجليز ضد دولة المسلمين وتشجيعهم لبناء الكنائس ودخول المبشرين والقسس , مع محاربتهم للسنة وأهلها[5] .. فهذا الذي جعل نسبة السنة 35% في إيران ، بعد أن كانوا الأغلبية الكاثرة .. إنه ذات المخطط الصفوي الذي ينفذ اليوم على سنة العراق ، ولكن لاحياة لمن تنادي ، إن الذي فعلته الثورة في أهل السنة بإيران ، مشهور مقطوع به متواتر .. فهذا الشيخ محمد سعيد بانو ، كتب تقريراً عن تسعة أيام قضاها في إيران عام 1982م ، جاء فيه عن أوضاع أهل السنة / ما يلخص الموضوع في النقاط الآتية :
- قلة ممثليهم في البرلمان ، فلهم أربعة عشر مقعداً من 270 مقعداً بنسبة 5% ، وليس من بينهم وزراء أو نواب وزراء ..
- العمل في القضاء وفق المذهب الشيعي ..
- الكبت , فأبرز علمائهم ومنهم أحمد مفتي زادة ، مع حوالي ألفين مفكر سني يعيشون داخل السجون ..
- عدم وجود مساجد للسنة في طهران ، مع السماح ببناء معابد لأتباع الديانات الأخرى ..
- الدعوة ضد المذهب السني في وسائل الإعلام , فالشيعة يكرهون الصحابة وخاصة الخلفاء الثلاثة الأول ..
- النظام التعليمي متحيز للمذهب الشيعي ..
- التمييز في التعامل ، حيث يجد السنة صعوبة في الحصول على عمل بعكس الشيعة[6] ، هذا قليل من كثير وغيض من فيض ..
ثامناً : تعريف الشيعي عند التسخيري ( قال آية الله تسخيري : الشيعي هو الذي يتبع ما وصل إليه من أهل البيت ، يؤمن بأن النبي أوصى من بعده لأهل البيت عن طريق حديث الثقلين " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " برواية الترمذي , وعن طريق ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) ، له أدلته يؤمن بأن الرسول العظيم أوصى بالتمسك بأهل بيته , فما قاله أهل البيت هو يشكل كل التراث الشيعي ، أما السني فيؤمن أيضاً بالرسول ولكن لا يؤمن بالوصية , ولكن يؤمن بأن انتخاب المسلمين بعد الرسول هو الذي يجب أن يتحقق , جيد , هذا إختلاف اجتهادى , هذا يرى بالوصية وهذا لا يرى بالوصية , هذا في أصل المسألة )
والرد عليه ،، أن من أهم عقائد الشيعة ( مسألة الإمامة ، وأنها جاءت بالوصية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم , وأنها لطف من الله عز وجل , ولا يجب أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى , وليس للبشر حق اختيار الإمام وتعيينه , بل وليس للامام نفسه حق تعيين من يأتي بعده , وقد وضعوا على لسان أئمتهم عشرات الروايات في ذلك , منها مانسبوه الى الإمام الباقر رحمه الله : أنه قال : أترون أن هذا الأمر إلينا نجعله حيث نشاء؟ لا والله ماهو إلاعهد من رسول الله , رجل فرجل , مسمى حتى تنتهي إلى صاحبها , ويعتقد الشيعة الإثنا عشرية : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نص على الأئمة من بعده , وعينهم بأسمائهم , وهم اثنا عشر إماماً لا ينقصون ولا يزيدون ) ..
إن من أخطر الأمور التي ابتدعها الشيعة الروافض أمر الوصية ؛ وقد ترتب على هذا الأصل أن الذين سبقوا الإمام عليا رضي الله عنه في سلم الخلافة ؛ مغتصبون لحقه كما جاء في كتاب الكافي " من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وكان رسول الله وكان عليا عليه السلام "[7]
إن استقراء تاريخ الخلفاء الراشدين ، لا يجد للوصية ذكراً في خلافة أبي بكر , ولا في خلافة عمر رضي الله عنهما , وإنما نجد بداية ظهورها في السنوات الأخيرة من خلافة عثمان رضي الله عنه ، عند بزوغ قرن الفتنة , وقد استنكر الصحابة هذا القول عندما وصل الى أسماعهم , وبينوا بطلانه وكذبه , ومن أشهر هؤلاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه والأدلة في ذلك كثيرة ومشهورة ، ذكرتها في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومن هذه الأدلة , عن عمرو بن سفيان قال : لما ظهر علي يوم الجمل قال : أيها الناس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا من هذه الإمارة شيئاً , حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبابكر , فأقام واستقام حتى مضى لسبيله[8] .. أما حصر الأئمة بعدد محدد ، فهذه عقيدة فاسدة باطلة , أمير المؤمنين علي وأولاده وأحفاده براء منها في كتب الشيعة المعتمدة كنهج البلاغة ، عن علي رضي الله عنه قال : دعوني والتمسوا غيري , فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان , لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول[9], وإن الآفاق قد أغامت[10], والمحجة قد تنكرت , واعلموا أني إن أجبتكم ركبت لكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم , وأنا لكم وزيراً خير لكم منى أميراً[11] .. فلو كانت إمامة علي منصوصاً عليها من الله عز وجل كما يزعم هؤلاء ؛ لما جاز لعلي بن أبي طالب تحت أي ظرف من الظروف أن يقول للناس دعوني والتمسوا غيري , ويقول : أنا لكم وزيراً خير مني أميراً , كيف والناس تريده وجاءت تبايعه[12] ، ويقول في نهج البلاغة كلاماً أكثر صراحة وأشد وضوحاً حين يقول , أنه بايعني القوم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان وعلى ما بايعوهم عليه , فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد , وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار , فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا , فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه الى ما خرج منه , فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى[13]..
إن مسألة الوصية لاتثبت بأي وجه من الوجوه , ومسألة حصر الأئمة بعدد معين مردودة بالكتاب والسنة ، كما أنه لا يقبلها العقل والمنطق والواقع , إذ بعد انتهاء العدد المعين هل تظل الأمة بدون إمام ؟؟ ، ولذلك فإن عصر الأئمة الظاهرين عند الإثني عشرية لا يتعدى قرنين ونصف إلا قليلاً , وقد اضطر الشيعة للخروج عن حصر الأئمة بمسألة نيابة المجتهد عن الإمام , واختلف قولهم في حدود النيابة[14] , وفي هذا العصر اضطروا للخروج نهائيا عن هذا الأصل الذي هو قاعدة دينهم , فجعلوا رئاسة الدولة تتم عن طريق الانتخاب ، ولكنهم خرجوا عن حصر العدد إلى حصر النوع , فقصروا رئاسة الدولة على الفقيه الشيعي[15] .. وقالوا بنظرية ولاية الفقيه ..!!
أما الحديث الذي استدل به آية الله تسخيري في قوله صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي ، وهذا الحديث رواه الترمزي , كتاب المناقب رقم 3786 ، فإن فيه الأنماطي والحديث له أكثر من طريق لا يخلو كل طريق من كلام مع اختلاف المتون ..
وأما الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسلم في صحيحه أن الأمر كان بالتمسك بكتاب الله , والوصية بأهل البيت فأوصى بكتاب الله , وحث على التمسك به ثم قال : وأهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى , أذكركم الله في أهل بيتى , أذكركم الله في أهل بيتى ؛ فالذى أمر بالتمسك به كتاب الله وأما أهل بيت رسول الله فأمر برعايتهم وإعطائهم حقوقهم التي أعطاها الله تبارك وتعالى إياها[16]..
أما تفصيل الرد في حديث الثقلين الذي استدل به التسخيري .. فهو من عدة وجوه ..
1- أن عترة الرجل أهل بيته , وعترة النبي صلى الله عليه وسلم هم كل من حرمت عليه الزكاة وهم بنو هاشم , هؤلاء هم عترة النبي صلى الله عليه وسلم , فالشيعة ليس لهم أسانيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يقرون بأنه ليس عندهم أسانيد في نقل كتبهم ومروياتهم ، وإنما هي كتب وجدوها وقالوا ارووها فإنها حق[17] وأما أسانيدهم , كما يقول الحر العاملي وغيره من أئمة الشيعة , إنه ليس عند الشيعة أسانيد أصلاً ولا يعولون على الأسانيد[18], فأين لهم ما يروونه في كتبهم عن عترة النبي صلى الله عليه وسلم؟ بل أهل السنة هم أتباع عترة النبي صلى الله عليه وسلم وأعطوهم حقهم , ولم يزيدوا ولم ينقصوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق نفسه : لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا : عبد الله ورسوله[19] ..
2- إمام العترة علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وبعده يأتي في العلم عبدالله بن عباس الذي هو حبر الأمة , وكان يقول بامامة أبي بكر وعمر قبل علي رضي الله عنهم , بل إن علي بن أبي طالب قد ثبت عنه بالتواتر أنه قال : أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوبكر وعمر[20] .. فعلي يقر بفضل الشيخين وهو إمام العترة[21]..
3- هذا الحديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم : تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً , كتاب الله وسنتي[22] , وقال النبي صلى الله عليه وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ[23] ، فأمر بالعض عليها بالنواجذ , وقال صلى الله عليه وسلم : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وقال : اهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن مسعود ولم يدل هذا على الإمامة أبداً , وإنما دل على أن أولئك على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم , كما أن عترة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة أبدا[24] ..
4- أن الشيعة يطعنون في العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم , ويطعنون في عبدالله ابنه ويطعنون في أولاد الحسن وقالوا : انهم يحسدون أولاد الحسين ويطعنون كذلك في أبناء الحسين نفسه من غير الأئمة الذين يدعونهم كزيد بن علي , وكذلك إبراهيم أخي الحسن العسكري , وغيرهم فهم ليسوا بأولياء للنبي صلى الله عليه وسلم وعترته المباركة , بل أولياء النبي وعترته هم الذين مدحوهم وأثنوا عليهم وأعطوهم حقهم ولم ينقصوهم ، وأما قول الله تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) فإذهاب الرجس لا يعنى في اللغة العربية ولا في لغة القرآن معنى العصمة فالرجس هو الشيء القذر قال تعالى ( رجس من عمل الشيطان ) ، والرجس النتن وقيل العذاب ، وبالجملة لفظ الرجس أصله القذر يطلق ويراد به الشرك كقوله تعالى ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) الحج 30 ، ويطلق ويراد به الخبائث المحرمة كالمطعومات والمشروبات ، ولم يثبت أن استخدم القرآن لفظ الرجس بمعنى مطلق الذنب بحيث يكون في إذهاب الرجس عن أحد إثبات لعصمته وكلمة التطهير لا تعني العصمة , فإن الله عز وجل يريد تطهير كل المؤمنين وليس أهل البيت فقط ، وإن كان أهل البيت هم أولى الناس وأحقهم بالتطهير, فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم عن صحابة رسوله ( مايريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم ) المائدة 6 ، وقال عز وجل ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) التوبة 103 ، فكما أخبر الله عز وجل بأنه يريد تطهير أهل البيت , فقد أخبر كذلك بأنه يريد تطهير المؤمنين , فإن كان في إرادة التطهير وقوع للعصمة لحصل هذا للصحابة , ولعموم المؤمنين الذي نصت الآيات على إرادة الله عز وجل تطهيرهم ، وقد قال الله عن رواد مسجد قباء من الصحابة ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) التوبة 108 ، ولم يكن هؤلاء معصومين من الذنوب بالإنفاق ، وقال تعالى عن أهل بدر وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان ) الأنفال 11 ، ولم يكن في هذا إثبات لعصمتهم ، مع أنه لا فرق يذكر في الألفاظ بين قول الله تعالى عن أهل البيت ( ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) وبين قوله في أهل بدر ( ويذهب عنكم رجز الشيطان ) ، فالرجز والرجس متقاربان , ويطهركم في الآيتين واحد , لكن الهوى هو الذي جعل من الآية الأولى دليلاً على العصمة دون الأخرى , والعجيب في علماء الشيعة أنهم يتمسكون بالآية ويصرفونها إلى أصحاب الكساء , ثم يصرفون معناها من إرادة التطهير إلى إثبات عصمة أصحاب الكساء , ثم يتناسون في الوقت نفسه آيات أخرى نزلت في إرادة الله عز وجل لتطهير الصحابة , بل هم في المقابل يقدحون فيهم , ويقولون بانقلابهم على أعقابهم مع أن الله عز وجل نص على إرادة تطهيرهم بنص الآية ، وقد فصلت الحديث في أية التطهير وحديث الكساء في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ..
تاسعاً : السنة عند الشيعة ( قال أية الله تسخيري الشيعة والسنة كلاهما يؤمنان بسنة رسول الله وقال : وأنا لا أرى اختلافاً في الأصل بين الشيعة والسنة حول سنة رسول الله أبداً )
والرد عليه ،، أن آية الله تسخيري يعرف الخلاف جيداً ، ولكنه إدمان اللف والدوران , وهي ذات إبر التخدير التي كان يستخدمها مع رموز أهل السنة عقوداً من الزمن ، والتي تطورت مع المؤسسة التي تسمى المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، والتي قد جعلت منه زئبقياً في أقواله بامتياز ..!!
إن نظرة الشيعة للسنة النبوية المطهرة مرتبطة بنظرتهم في الإمامة , فقد قاموا بتكفير معظم الصحابة رضي الله عنهم , وهذا التكفير الشنيع ترتب عليه إنكار الشيعة لكل الأحاديث والمرويات التي وردت عن طريق الصحابة ، ولم يقبلوا إلا الأحاديث الواردة عن طريق الأئمة من أهل البيت ، أو ممن نسبوهم إلى التشيع كسلمان الفارسي , وعمار بن ياسر , وأبوذر ، والمقداد بن الأسود وقد شنوا هجوماً عنيفا على رواة الحديث كأبي هريرة و[25]سمرة بن جندب وغيرهم واتهموهم بالوضع والتزوير والكذب ، واعتبر الإمام عبد القاهر البغدادي الشيعة من المنكرين للسنة لرفضهم قبول مرويات صحابة رسول الهدى عليه الصلاة والسلام[26] ..
والخلاصة ،، فإن الدارس لنصوص الشيعة ورواياتهم ، ينتهي إلى الحكم بأن معظم رواياتهم وأقوالهم تتجه اتجاها مجانفاً للسنة التي يعرفها المسلمون , في الفهم والتطبيق , وفي الأسانيد والمتون ..
عاشراً : الدولة الفاطمية ( قال آية الله تسخيري : الدولة الفاطمية تمتعت بخصائص ولها نقائص لاريب ، لكن من خصائصها المعروفة أنها انفتحت على كل المذاهب وقدمت الأزهر لكل المذاهب لتدرس فيها آراءها , يعني كانت فيها حرية الرأي والعقلانية الإسلامية المطلوبة وانفتاح الجميع على الجميع )
والرد عليه ،، إن الحقائق التاريخية تؤكد لنا أن الدولة الفاطمية الإسماعيلية الشيعية ، لم تكن دولة فكر ولا انفتاح على الآخرين , بل هي دولة متعصبة , اعتنقت المذهب الشيعي الإسماعيلي وارتكبت جرائم منكرة ، منها غلو بعض دعاتهم في عبيد الله المهدي وزعموا أنه يعلم الغيب , وأنه نبي مرسل ومن جرائمهم , التسلط والجور وإعدام كل من يخالف مذهبهم ، فقد نفذوا حكم الإعدام في أربعة آلاف رجل مرةً واحدةً ما بين عالم وعابد ورجل صالح[27] ، وكانوا يقتلون علماء أهل السنة ويمثل بهم في شوارع القيروان بتونس , وحرمت الدولة الفاطمية الإفتاء على مذهب الإمام مالك , واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالسجن والقتل والضرب ، ويدار بالمقتول في أسواق القيروان وينادى عليه : هذا جزاء من يذهب مذهب مالك , ولم يبيحوا الفتوى إلا لمن كان على مذهبهم[28] ، وأبطلوا السنن المتواترة والمشهورة عن رسول الله ، كاسقاط صلاة التراويح ، وزادوا حي على خير العمل في الآذان , ومن لم يقل في الآذان ذلك قطع لسانه ووضع بين عينيه وطيف به في القيروان ثم قتل , ومنعوا التجمعات خوفاً من الثورة والخروج عليهم , وأتلفوا مصنفات أهل السنة , ومنعوا علماء أهل السنة من التدريس ودخلوا بخيولهم مساجد أهل السنة وأزالوا آثار حكام أهل السنة السابقين[29] ، وقام المغاربة وأهالي الشمال الأفريقي بمواجهة الدولة الفاطمية بالمقاومة السليمة والجدلية والمسلحة وبالتأليف والشعر حتى اضطرت الى الانتقال إلى مصر ، ولم تستقر لها الأمور في الشمال الأفريقي ، بل تتالت الثورات والصدامات ، ورفض أهالي الشمال الأفريقي السنيون عقيدة الدولة الفاطمية الباطنية الخبيثة ؛ جملة وتفصيلاً واعتبروها لاعلاقة لها بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ..
لقد استطاع القائد الأمير المعز بن باديس الصنهاجي الأمازيغي السني ؛ القضاء على بقايا الدولة الفاطمية في الشمال الأفريقي ، بعد ملحمة كبيرة يعرفها المؤرخون المنصفون ، وبعد أن انتقلت إلى مصر وبنوا الأزهر وجعلوه مقراً , لتربية الدعاة وتعليمهم المذهب الشيعي الإسماعيلي , وأعدوا دعاة الدوله الفاطمية وأرسلوهم إلى المشارق والمغارب لتشييع العالم الاسلامي ، وحاربت المذاهب السنية بكل انواعها ..
إن ادعاء أن الدولة الفاطمية قد انفتحت على كل المذاهب ؛ هو محض كذب وافتراء على الحقيقة والتاريخ .. حيث لم يحدث شيء من كل ذلك إلا في أواخر عهدها ، وبعد ضعف قوتها ، نتيجةً للعلاقات بين الدولة النورية والدولة الفاطمية ؛ فقد ترتب شيء من الانفتاح النسبي المشوب بالضعف والتفلت والاستخذاء ..
هذا ،، ولي كتابان عن هذه الدولة الغابرة ..
الأول بعنوان : الدولة الفاطمية في الشمال الأفريقي
والثاني بعنوان : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس
وقد ذكرت فيهما الكثير من التفاصيل والحقائق التاريخية ، التي لا يمكننا سردها وبيانها في هذه العجالة ، وهي موجودة على مواقع الإنترنت لمن أراد التوسع والاستفادة منها ..
الحادى عشر : العلماء الإيرانيون والفكر السني ( قال أية الله تسخيري : الذي انقذ الفكر السني آنذاك هم العلماء الإيرانيون ، يعني الإمام الغزالي والإمام الجويني .. دعمت الفكر السني بكل قوة وأعطته قدرة واستمرارا أكبر على الثبات , إذن لا نستطيع أن ننسب مذهباً إلى عنصر , نقول التشيع فارسي والتسنن عربي , هذا كلام غير صحيح )
والرد عليه ،، أن الذين ذكرهم من كون علماء إيران كالغزالي والجويني ودورهم في دعم الفكر السني هذا صحيح , ولكنهم كانوا ضمن منظومة المشروع السني الكبير الذي أشرفت عليه دولة السلاجقة المناهضة للبوهيين والفاطميين ، وعلى الرغم من كون السلاجقة في الأصل أتراك ، إلا أنه قد انضوى تحت ألوية مشروعهم السني أشراف أهل البيت , كعبد القادر الجيلاني , والعرب الأقحاح , كالوزير بن هبيرة الشيباني , والأكراد فيما بعد كنجم الدين أيوب وأسد الدين شيركوه وصلاح الدين ، وغيرهم من الأفارقة والأمازيغ في العالم الاسلامي الفسيح , وإذ كانت الدولة الفاطمية في ذلك العصر قد بسطت نفوذ التشيع من الشمال الأفريقي غرباً إلى بلاد الفرس والعرب شرقاً ؛ فإن السلاجقة قد قاموا بحماية العراق وبلاد الشام من التشيع ، وقاموا بإنشاء المدارس النظامية ، التي كان يدرس بها الغزالي والجويني , فقامت بدور عظيم في الإحياء السني وتقليص المد الشيعي , وإعداد الكوادر اللازمة لقيادة حركة المقاومة ضد خطوط الغزاة الصليبيين الوافدة من الخارج ، والاختراق الباطني الرافضي الشيعي القادم من الداخل .. لقد تم نضج هذا المشروع في عهد نور الدين محمود الشهيد التركماني الأصل ، صاحب المشروع السياسي والعسكري والفكري والثقافي المحرر على أصول أهل السنة ، والذي تم على يد أحد ضباطه الأبطال وهو السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي الكردي ، الذي تم على يديه إلغاء كيان الدولة الفاطمية ، وفق الرؤية الإستراتيجية التي وضعها القاضي الفاضل بالتعاون مع القيادة النورية , فكانت لجهود علماء أهل السنة ومنهم الإيرانيون ، كبير الأثر في بلورة مشروع أهل السنة الذي تصدى للمشاريع الغازية والمخترقة في ذلك الزمان , الصليبيون والفاطميون والمغوليون ؛ سواء بسواء ..!!
الثاني عشر : التقية عند آية الله تسخيري ( قال التسخيري : المداراة نوع من التقية , عدم طرح كل الأفكار أمام ظالم جبار قاتل هو نوع من التقية )
والرد عليه ،، يقول يوسف البحراني وهو أحد كبار علمائهم في القرن الثاني عشر " المراد بها إظهار موافقة أهل الخلاف فيما يدينون به خوفا[30] ، وأما مكانها عند الشيعة ، فهي تحتل منزلة عظيمة ومكانة رفيعة دلت عليها روايات عديدة جاءت في أمهات الكتب عندهم ، فقد روى الكليني وغيره عن جعفر الصادق " أنه قال : التقية من ديني ودين آبائي , ولا إيمان لمن لا تقية له "[31]..
وأما سبب هذا الغلو في أمر التقية فيعود الى عدة أمور منها :
1- أن الشيعة تعد إمامة الخلفاء الثلاثة باطلة : وهم ومن بايعهم في عداد الكفار , مع أن علياً رضي الله عنه بايعهم وصلى خلفهم , وجاهد معهم , وزوج عمر ابنته أم كلثوم , وتسرى من جهاده مع أبي بكر , ولما ولي الخلافة سار علي نهجهم ولم يغير شيئا مما فعله أبو بكر وعمر , كما تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها , وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه , فحاولوا الخروج من هذا التناقض المحيط بهم بالقول بالتقية[32], واستخدموا مبدأ التقية لتفسير أحداث تاريخهم فذهبوا إلى أن سكوت علي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً كان تقية , وتنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية كان تقية ، واختفاء أئمتهم وسترهم كان تقية منهم , وهكذا يمكن تفسير كل الأحداث التي تناقض عقيدتهم بالتقية[33]..
2- أنهم قالوا بعصمة الأئمة , وأنهم لا يسهون ولا يخطئون ولا ينسون , وهذه الدعوى خلاف ماهو معلوم من حالهم , وحتى أن روايات الشيعية نفسها المنسوبة إلى الأئمة مختلفة متناقصة حتى لا يوجد خبر منها إلا وبإزائه ما يناقضه كما اعترف بذلك شيخهم الطوسي[34] , وهذا ينقض مبدأ العصمة من أصله , فقالوا بالتقية لتبرير هذا التناقض والإختلاف والتستر على كذبهم على الإئمة ..
ثم أما بعد ،، فقد كان غرضي من هذا البيان والتوضيح ورد الشبهات والذود عن حياض أمة الإسلام ؛ هو أن يتعرف الجمهور العريض من أهل السنة في بلدي وغيرها إلى حقيقة أغراض وأوهام وأباطيل هؤلاء القوم , فمشروع التشيع الإيراني له خططه وبرامجه ، ووجوده وآثاره بين الشعوب في أفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكتين وفي الدول العربية , ولهم أغراض وأهداف ، ووسائل وبرامج وخطط .. ومآرب أخرى الله أعلم بشرها ..
إن دعاة التشيع نشطون في دعوتهم ويبذلون جهدهم وكل غالي ونفيس ؛ فمن حق المسلمين علينا أن نبين لهم أن القرآن الكريم والسنة المطهرة ، مرجع كل مسلم في تعريف أحكام الاسلام ، وأن يفهم القرآن الكريم طبقاً لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف , ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات[35] , وأن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , وكل ما جاء عن السلف رضي الله عنهم موافقاً للكتاب والسنة قبلناه ، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالاتباع[36] ، وأن مفردات وأدواء المشروع الشيعي العقائدية والفكرية والثقافية والتاريخية , يندرج الكثير منها ضمن قائمة الأهواء والأباطيل البعيدة عن كتاب الله وسنة رسوله الكريم ..
وأختم هذه المحاورة بقول الشاعر :
واحذر مجادلة الرجال فإنها تدعو إلى الشحناء والشنآن
واذا اضطررت إلى الجدال ولم تجد لك مهرباَ وتلاقت الصفان
فاجعل كتاب الله درعاً سابغاَ والشرع سيفك وابد في الميدان
والسنة البيضاء دونك جنة واركب جواد العزم في الجولان
واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى فالصبر أوثق عدة الإنسان
واحمل بسيف الصدق حملة مخلصٍ متجرداً لله غير جبان
وبقول الله تعالى ( والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) الحشر 10
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
---------------------------------------------------
[1] لمحات إجتماعية من تاريخ العراق ، علي الوردي صـ56.
[2] الفكر الشيعي النزعات الصوفية ، كامل الشيبي صـ413.
[3] أصول الشيعة الأمامية (3 ـ 1475).
[4] المصدر نفسه (3 ـ 1476).
[5] أصول الشيعة الأمامية (2 ـ 1478).
[6] أحوال أهل السنة في إيران ، محمد سرور صـ210.
[7] أصو الكافي (2 ـ 16 ـ 17).
[8] الاعتقاد صـ184.
[9] لا تصبر له ولا تطيق احتماله.
[10] أغامت : غطت بالغيم.
[11] نهج البلاغة صـ236.
[12] ثم أبصرت الحقيقة صـ158.
[13] نهج البلاغة صـ526.
[14] الحكومة الإسلامية للخوميني صـ68 ، أصول الشيعة (2 ـ 814).
[15] الحكومة الإسلامية للخوميني صـ248.
[16] حقبة من التاريخ صـ203.
[17] المصدر نفسه صـ203.
[18] المصدر نفسه صـ203.
[19] البخاري رثم 3445.
[20] البخاري رثم 3671.
[21] حقبة من التاريخ صـ204.
[22] مستدرك الحاكم (1 ـ 93).
[23] سنن أبي داؤود (4 ـ 201 )، الترمذي وقال : حسن صحيح.
[24] حقبة من التاريخ صـ205.
[25] أضواء على محب الدين صـ48 ، 65 ، 66.
[26] الفرق بين الفرق صـ322 ، 327 ، 346.
[27] مدرسة احديث بالقيروان (1 ـ 76).
[28] صلاح الدين الأيوبي للصلابي صـ144.
[29] المصدر نفسه صـ144.
[30] الكشكول (1 ـ 202) ، أصل المطالب صـ909.
[31] أصول الكافي (2 ـ 219) ، المحاسن صـ255.
[32] أصول الشيعة الأمامية (2 ـ 984).
[33] دراسات عن الفرق وتاريخ المسلمين صـ217.
[34] أصول الشيعة الأمامية (2 ـ 985).
[35] النهج المبين لشرح الأصول العشرين صـ126.
[36] المصدر نفسه صـ157
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق