ربيع الحافظ : بتاريخ 15 - 11 - 2008
لا زالت تداعيات التحذير الذي أطلقه الشيخ القرضاوي من التغلغل الشيعي الإيراني المنظم في المجتمعات السنية مستمرة، بعد أسابيع على الصدام العقدي والفكري الذي أحدثه. هذه المرحلة أهم من سابقتها، ففيها يجرد كل طرف المكاسب والخسائر، ويحدد مواطن الصواب والزلل، ويرسم تصوراته، ويترقب ما سيصدر عن الطرف الآخر. بعبارة موجزة، هي إدراة نتائج المعركة.
مشهد نصرة المسلمين للشيخ القرضاوي، بمدارسهم المختلفة، عربهم وعجمهم، لم تعجب إيران. ما لم يعجبها أيضاً هو لوبي الأقلام والحناجر العربية الذين تكفلوا بالدفاع عنها وتبرير فضائحها وترقيع شذوذاتها وهم يُوبخون من قبل علماء الأمة ومفكريها ويُتهمون في مروءتهم. هذا اللوبي هو نتاج أعوام من بناء العلاقات العامة وإنفاق مئات الملايين من الدولارات، وسقوطه من الذوق العام على نحو مفاجئ هو انتكاسة إعلامية.
إلى هذا الحد والكلام هو تحليل، لكنه يصبح توثيقاً عندما يبوح مثقفون شيعة عن تقويمهم للمشهد بالقول:"باتت الوهابية السعودية تتاجر بقميص القرضاوي في وجه الشيعة، وتذرف عليه دموع التماسيح، وهم أول من أشبعه إساءة وتشويهاً على مدى عقود طويلة". التعبير جاء بعد صدور بيان يؤازر الشيخ القرضاوي حمل توقيع 190 عالم ومثقف من السعودية.
إيران قرأت المشهد أفضل مما قرأه العرب. السبب بسيط، وهو أن من يضع خطة يكون أقدر على رصد اللحظة التي تحيد فيها عن مسارها من الضحية التي تستهدفه الخطة. المشهد من المنظار الإيراني هو إعادة اصطفاف آيديولوجي لمدارس أهل السنة، بعد عقود من انقسامات ومشاغلات بينية استفادت منها إيران وأذكاها إعلامها الذي أعطى لنفسه حق تعريف ما هو الإسلام الصحيح فيتعامل معه ويلج به إلى المجتمعات الإسلامية، وما هو الإسلام الآخر فيقصيه؛ وهم وهابيون، أو سلفيون، أو تكفيريون، وثمة أصناف أخرى ذات دلالات أكثر صراحة: عثمانيون أو نواصب.
الشعبة الجديدة في غرفة العمليات في طهران التي ستتعامل مع نتائج المعركة سيوضع أمامها ملف لن يبتعد اسمه عن: "وفاق في طبقة كبار العلماء بين الوهابيين والإخوان المسلمين"، وهو وفاق يمكن أن يتطور فكرياً وآلياً، ويمتد إلى التنظيمات الإسلامية التي اختارت قياداتها حتى هذه اللحظة المواجهة مع العلماء وأصحاب الفكر، وقدمت السياسة على الآيديولوجية. اصطدام التنظيمات مع العلماء جعلها مناطق نفوذ حيوي لإيران في عمق الوسط السني لا غنى لها عنها.
تطويق الوفاق داخل طبقة العلماء والمفكرين، وعزله إعلامياً، ووأده في مهده، وحماية التنظيمات الإسلامية الموالية من عملية تجديد فكري ـ تأخرت كثيراً ـ تغيّر خريطة القوى السياسية على الأرض العربية لغير صالح إيران، هو مهمة الشعبة الجديدة.
على أي حال، ليس في المعاجم الفقهية والعقدية لأهل السنة مصطلح اسمه الوهابية، فضلاً عن أن يكون له ـ أينما ذكر ـ مدلولاً يخالف المذاهب الأربعة، وليس بين أتباع حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من يقول عن نفسه أنه وهابي، والخلاف بين علماء "المدرسة الوهابية" وبين الشيخ القرضاوي شخصياً لم يتجاوز الفروع، وإنما هو بين الحسن والأحسن، والحيطة والأحوط، ولا يعرف أن عالماً "وهابياً" أو طالب علم (والتشديد على هاتين الفئتين) أساء إلى الشيخ القرضاوي وشوه سمعته كما فعل علماء الشيعة.
أما ذرف الدموع على الشيخ فلم تكن دموع حزن، وإنما دموع فرح لوقفة عالم حان وقتها، وحدوثها هو شاهد فأل في التاريخ الإسلامي لإعادة الاصطفاف وتدشين فصل جديد يبدأ من العلماء ولا يقف عندهم. نعم سالت دموع حزن على شيخ بمنزلة وسن الشيخ القرضاوي وهو يتلقى البذاءات من اللسان الذي لم يتأدب مع الأنبياء والأصحاب والأولياء.
المشهد الذي أسماه الشيعة "قميص القرضاوي" له شواهد أخرى أوضح دلالة، فعلى صفحات "الإعلام الوهابي" اليوم استعراضات إيجابية لجوانب من المسار السياسي التركي، لا مصادقة على آيديولوجيته، وإنما حرصاً على دولة الأتراك، وقلقاً من مشاريع طائفية وعرقية إقليمية تستهدف آخر الحصون السياسية لأهل السنة، ومصداً أمام الكير الإيراني الذي ما فتئ ينفخ في رماد الخلاف الوهابي ـ التركي ويمنع ذوبان جليد بين أجيال عربية وتركية واعدة ومتفائلة ببعضها أورثتها إياه حقبة استثنائية، ومن ثم إبقاء الرقم التركي بعيداً عن مخاض المعادلة الإقليمية القادمة.
ليس مِثْل إيران من يرمي الغير بالتناقض. الذود عن القرضاوي وذرف الدموع عليه فرحاً أو حزناً ليس تناقضاً. التناقض هو من يقول للكافر: أنت مسلم، ويتخذه وليا، ويدخل معه في حلف ضد المسلمين.
النصيريون ومنذ عام 244هـ - 859م الذي خرجوا فيه من تحت عباءة المذهب الأم: الشيعة الاثني عشرية، وحتى عام 1973 وهم كفار عند المذهب الاثني عشري ـ وعند الأمة ـ، لا يشتركون مع المسلمين في أمر من أمور العقيدة أو العبادات؛ فلا صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج، وكانوا يربطون مواشيهم في المساجد التي كانت تبنيها الدول الإسلامية ـ وآخرها العثمانية ـ في قراهم أملاً في دخولهم الإسلام.
في شهر تموز/يوليو من عام 1973 أعلن (آية الله) موسى الصدر الإيراني الأصل، اللبناني الجنسية، ورئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان، أعلن في اجتماع عام في فندق في مدينة طرابلس منح شهادة الإسلام للنصيريين، دون خروجهم من دينهم، وقام بتعيين شيخ نصيري في منصب مفتي الاثني عشرية.
كان الوازع الآني لموسى الصدر القادم من قم هو إلقاء طوق النجاة إلى حليف مهم في المنطقة، هو حاكم سوريا الجديد النصيري حافظ الأسد، الذي كان قد أمسك لتوه بحكم سوريا، ووجد نفسه في حاجة ملحة إلى غطاء ديني أمام غليان شعبي رفضه كرئيس غير مسلم لشعب مسلم.
يقول الباحث الإسرائيلي "مارتن كرامر"المتخصص بالعلاقات النصيرية – الاثني عشرية:"أدركت إيران أنها من دون سوريا لا يمكنها إيصال دعمها إلى وكلائها في لبنان، وأدركت سوريا أنها من دون إيران لا يمكنها التحكم بشيعة لبنان" .."وما كان لحركة موسى الصدر (أمل) أن تصمد في الحرب الأهلية اللبنانية لولا الدعم السوري".. "إن الذي يجمع بين الشيعة الاثني عشرية والنصيريين ليس وحدة المعتقد وإنما وحدة المصير
وحدة المصير بين أهل القبلة وأهل الكفر هي الترجمة العربية الأمينة لكلام "مارتن كرامر". وهي وحدة قابلة للتوسع واستقطاب أعضاء جدد بقاسم مشترك أعظم بين مكوناتها وهو العداء لمحيطها الإسلامي. هذا القاسم يفسر سلوكيات تصدر عن مكونات هذه الوحدة تبدو متناقضة وهي غير ذلك، منها: ترحّم أمين حزب الله "المعمم" على روح حافظ الأسد العلماني، وثناء أمين حزب الله "المقاوم" على الجيش السوري الذي لم يطلق رصاصة في اتجاه إسرائيل وشجبه للمقاومة العراقية، واصطفاف إيران في خندق البعث السوري العلماني، ضد عدوها اللدود البعث العراقي العلماني، واصطفافها في خندق أمريكا ضد طالبان، وفي خندق الاتحاد السوفييتي والهند ضد الجهاد الأفغاني.
موسى الصدر الذي حمل من قم خريطة جديدة للمنطقة (تتشكل اليوم أمام أعيننا) وجد نفسه بحاجة إلى كل كافر ـ بحسب مذهبه ـ في المنطقة على عداء مع تاريخها وخريطتها السياسية، فراح ينادي نصيريي تركيا من فندق طرابلس بالقول: "إننا نوجه خطابنا إليكم ونقول لكم: إننا نعترف بإسلامكم". الجدير بالمعرفة أن "المسلمين الجدد" لازالوا حتى هذا اليوم أمناء على دين الأجداد، ويشكلون أحد الصدوع الرئيسية في خريطة الزلازل السياسية في تركيا التي تهدد خريطتها.
لا تزال إيران ومن معها في ملاذ إعلامي آمن؛ يقذفون ولا يُقذفون، يشجبون تلاحمنا مع أئمتنا، ونحيي تلاحمهم مع أهل الكفر، يحتقنون لوفاقنا، ونفرح لوفاقهم، يرفضون اصطفافنا ونرضى اصطفافهم.
معهد المشرق العربي
alhafidh@hotmail.com
لا زالت تداعيات التحذير الذي أطلقه الشيخ القرضاوي من التغلغل الشيعي الإيراني المنظم في المجتمعات السنية مستمرة، بعد أسابيع على الصدام العقدي والفكري الذي أحدثه. هذه المرحلة أهم من سابقتها، ففيها يجرد كل طرف المكاسب والخسائر، ويحدد مواطن الصواب والزلل، ويرسم تصوراته، ويترقب ما سيصدر عن الطرف الآخر. بعبارة موجزة، هي إدراة نتائج المعركة.
مشهد نصرة المسلمين للشيخ القرضاوي، بمدارسهم المختلفة، عربهم وعجمهم، لم تعجب إيران. ما لم يعجبها أيضاً هو لوبي الأقلام والحناجر العربية الذين تكفلوا بالدفاع عنها وتبرير فضائحها وترقيع شذوذاتها وهم يُوبخون من قبل علماء الأمة ومفكريها ويُتهمون في مروءتهم. هذا اللوبي هو نتاج أعوام من بناء العلاقات العامة وإنفاق مئات الملايين من الدولارات، وسقوطه من الذوق العام على نحو مفاجئ هو انتكاسة إعلامية.
إلى هذا الحد والكلام هو تحليل، لكنه يصبح توثيقاً عندما يبوح مثقفون شيعة عن تقويمهم للمشهد بالقول:"باتت الوهابية السعودية تتاجر بقميص القرضاوي في وجه الشيعة، وتذرف عليه دموع التماسيح، وهم أول من أشبعه إساءة وتشويهاً على مدى عقود طويلة". التعبير جاء بعد صدور بيان يؤازر الشيخ القرضاوي حمل توقيع 190 عالم ومثقف من السعودية.
إيران قرأت المشهد أفضل مما قرأه العرب. السبب بسيط، وهو أن من يضع خطة يكون أقدر على رصد اللحظة التي تحيد فيها عن مسارها من الضحية التي تستهدفه الخطة. المشهد من المنظار الإيراني هو إعادة اصطفاف آيديولوجي لمدارس أهل السنة، بعد عقود من انقسامات ومشاغلات بينية استفادت منها إيران وأذكاها إعلامها الذي أعطى لنفسه حق تعريف ما هو الإسلام الصحيح فيتعامل معه ويلج به إلى المجتمعات الإسلامية، وما هو الإسلام الآخر فيقصيه؛ وهم وهابيون، أو سلفيون، أو تكفيريون، وثمة أصناف أخرى ذات دلالات أكثر صراحة: عثمانيون أو نواصب.
الشعبة الجديدة في غرفة العمليات في طهران التي ستتعامل مع نتائج المعركة سيوضع أمامها ملف لن يبتعد اسمه عن: "وفاق في طبقة كبار العلماء بين الوهابيين والإخوان المسلمين"، وهو وفاق يمكن أن يتطور فكرياً وآلياً، ويمتد إلى التنظيمات الإسلامية التي اختارت قياداتها حتى هذه اللحظة المواجهة مع العلماء وأصحاب الفكر، وقدمت السياسة على الآيديولوجية. اصطدام التنظيمات مع العلماء جعلها مناطق نفوذ حيوي لإيران في عمق الوسط السني لا غنى لها عنها.
تطويق الوفاق داخل طبقة العلماء والمفكرين، وعزله إعلامياً، ووأده في مهده، وحماية التنظيمات الإسلامية الموالية من عملية تجديد فكري ـ تأخرت كثيراً ـ تغيّر خريطة القوى السياسية على الأرض العربية لغير صالح إيران، هو مهمة الشعبة الجديدة.
على أي حال، ليس في المعاجم الفقهية والعقدية لأهل السنة مصطلح اسمه الوهابية، فضلاً عن أن يكون له ـ أينما ذكر ـ مدلولاً يخالف المذاهب الأربعة، وليس بين أتباع حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من يقول عن نفسه أنه وهابي، والخلاف بين علماء "المدرسة الوهابية" وبين الشيخ القرضاوي شخصياً لم يتجاوز الفروع، وإنما هو بين الحسن والأحسن، والحيطة والأحوط، ولا يعرف أن عالماً "وهابياً" أو طالب علم (والتشديد على هاتين الفئتين) أساء إلى الشيخ القرضاوي وشوه سمعته كما فعل علماء الشيعة.
أما ذرف الدموع على الشيخ فلم تكن دموع حزن، وإنما دموع فرح لوقفة عالم حان وقتها، وحدوثها هو شاهد فأل في التاريخ الإسلامي لإعادة الاصطفاف وتدشين فصل جديد يبدأ من العلماء ولا يقف عندهم. نعم سالت دموع حزن على شيخ بمنزلة وسن الشيخ القرضاوي وهو يتلقى البذاءات من اللسان الذي لم يتأدب مع الأنبياء والأصحاب والأولياء.
المشهد الذي أسماه الشيعة "قميص القرضاوي" له شواهد أخرى أوضح دلالة، فعلى صفحات "الإعلام الوهابي" اليوم استعراضات إيجابية لجوانب من المسار السياسي التركي، لا مصادقة على آيديولوجيته، وإنما حرصاً على دولة الأتراك، وقلقاً من مشاريع طائفية وعرقية إقليمية تستهدف آخر الحصون السياسية لأهل السنة، ومصداً أمام الكير الإيراني الذي ما فتئ ينفخ في رماد الخلاف الوهابي ـ التركي ويمنع ذوبان جليد بين أجيال عربية وتركية واعدة ومتفائلة ببعضها أورثتها إياه حقبة استثنائية، ومن ثم إبقاء الرقم التركي بعيداً عن مخاض المعادلة الإقليمية القادمة.
ليس مِثْل إيران من يرمي الغير بالتناقض. الذود عن القرضاوي وذرف الدموع عليه فرحاً أو حزناً ليس تناقضاً. التناقض هو من يقول للكافر: أنت مسلم، ويتخذه وليا، ويدخل معه في حلف ضد المسلمين.
النصيريون ومنذ عام 244هـ - 859م الذي خرجوا فيه من تحت عباءة المذهب الأم: الشيعة الاثني عشرية، وحتى عام 1973 وهم كفار عند المذهب الاثني عشري ـ وعند الأمة ـ، لا يشتركون مع المسلمين في أمر من أمور العقيدة أو العبادات؛ فلا صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج، وكانوا يربطون مواشيهم في المساجد التي كانت تبنيها الدول الإسلامية ـ وآخرها العثمانية ـ في قراهم أملاً في دخولهم الإسلام.
في شهر تموز/يوليو من عام 1973 أعلن (آية الله) موسى الصدر الإيراني الأصل، اللبناني الجنسية، ورئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان، أعلن في اجتماع عام في فندق في مدينة طرابلس منح شهادة الإسلام للنصيريين، دون خروجهم من دينهم، وقام بتعيين شيخ نصيري في منصب مفتي الاثني عشرية.
كان الوازع الآني لموسى الصدر القادم من قم هو إلقاء طوق النجاة إلى حليف مهم في المنطقة، هو حاكم سوريا الجديد النصيري حافظ الأسد، الذي كان قد أمسك لتوه بحكم سوريا، ووجد نفسه في حاجة ملحة إلى غطاء ديني أمام غليان شعبي رفضه كرئيس غير مسلم لشعب مسلم.
يقول الباحث الإسرائيلي "مارتن كرامر"المتخصص بالعلاقات النصيرية – الاثني عشرية:"أدركت إيران أنها من دون سوريا لا يمكنها إيصال دعمها إلى وكلائها في لبنان، وأدركت سوريا أنها من دون إيران لا يمكنها التحكم بشيعة لبنان" .."وما كان لحركة موسى الصدر (أمل) أن تصمد في الحرب الأهلية اللبنانية لولا الدعم السوري".. "إن الذي يجمع بين الشيعة الاثني عشرية والنصيريين ليس وحدة المعتقد وإنما وحدة المصير
وحدة المصير بين أهل القبلة وأهل الكفر هي الترجمة العربية الأمينة لكلام "مارتن كرامر". وهي وحدة قابلة للتوسع واستقطاب أعضاء جدد بقاسم مشترك أعظم بين مكوناتها وهو العداء لمحيطها الإسلامي. هذا القاسم يفسر سلوكيات تصدر عن مكونات هذه الوحدة تبدو متناقضة وهي غير ذلك، منها: ترحّم أمين حزب الله "المعمم" على روح حافظ الأسد العلماني، وثناء أمين حزب الله "المقاوم" على الجيش السوري الذي لم يطلق رصاصة في اتجاه إسرائيل وشجبه للمقاومة العراقية، واصطفاف إيران في خندق البعث السوري العلماني، ضد عدوها اللدود البعث العراقي العلماني، واصطفافها في خندق أمريكا ضد طالبان، وفي خندق الاتحاد السوفييتي والهند ضد الجهاد الأفغاني.
موسى الصدر الذي حمل من قم خريطة جديدة للمنطقة (تتشكل اليوم أمام أعيننا) وجد نفسه بحاجة إلى كل كافر ـ بحسب مذهبه ـ في المنطقة على عداء مع تاريخها وخريطتها السياسية، فراح ينادي نصيريي تركيا من فندق طرابلس بالقول: "إننا نوجه خطابنا إليكم ونقول لكم: إننا نعترف بإسلامكم". الجدير بالمعرفة أن "المسلمين الجدد" لازالوا حتى هذا اليوم أمناء على دين الأجداد، ويشكلون أحد الصدوع الرئيسية في خريطة الزلازل السياسية في تركيا التي تهدد خريطتها.
لا تزال إيران ومن معها في ملاذ إعلامي آمن؛ يقذفون ولا يُقذفون، يشجبون تلاحمنا مع أئمتنا، ونحيي تلاحمهم مع أهل الكفر، يحتقنون لوفاقنا، ونفرح لوفاقهم، يرفضون اصطفافنا ونرضى اصطفافهم.
معهد المشرق العربي
alhafidh@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق