2009/01/29

قراءة في موقف ايران من أزمة غزة

فيما يبدو أن إيران أصبحت تعيش مأزقا في تبرير موقفها من احداث غزة،وهي الدولة التي أعلنت عن نفسها كطليعة لدول الرفض والممانعة ،حيث رسمت هذا الموقف اعلاميا من خلال الخطب النارية والشعارات الثورية والتثويريه ، سواء من خلال اركان الحكم فيها،أو من خلال أبواقها في المنطقه العربية،وازداد موقفها تأزما حين أزفت ساعة ترجمة هذه الشعارات الى واقع ملموس ، فوجدناها تنكمش الى الداخل ، ولكن الأمر لا يخلو من ذيول للخطابات والشعارات ذاتها التي شكلت الوجه السياسي لايران لسنوات طويلة.
إن الدارس للسياسة العربية سيقف بسهولة على عدد من الحقائق،أولاها: تهاوي اركان النظام الرسمي العربي وعدم قدرته على الخروج ابعد من الطرح القطري الضيق،وثانيها: سقوط مفهوم الامن القومي العربي بعد ان انصرفت الدول العربيه الى تحلفات ثنائيه مع الدول الكبرى، تضمن لها الابقاء على شكل النظام السياسي السائد فيها، وثالثها : ظهور سياسة التحرير بأي ثمن وهذا الطرح لا يبتعد عن مبدأ ميكافيللي (الغاية تبرر الوسيلة) حيث أصبحنا نرى في الشارع العربي من يطرح ما يسمى بـ (أحلاف الكراهيه) ،أو احلاف المصالح المشتركه، أو احلاف العداء المشترك .
وقد استغلت كثير من الدول الغربيه والاقليميه هذه الحقائق للدخول بثقة وقوة الى مطبخ السياسه العربيه ، ووصلت الخطوره الى درجة اننا اصبحنا حالة شوهاء وانعكاسا باهتا عن المشاريع التوسيعيه التي تسعى هذه الدول الى تثبيت ركائزها في المنطقه ، ومن هنا يرز المشروع الايراني الذهبي والقومي ، كأحد اهم المشاريع التي تسعى الى صياغة ورسم وجه الانسان العربي بما يتناسب مع افكار ونظريات هذا المشروع.
ولم تدخر إيران جهداً لتحقيق أهداف حلمها ببناء ايران الكبرى (مذهبيا وقوميا) ، وهو بالمناسبه ذات الحلم الذي تسعى اليه اسرائيل لبناء اسرائيل الكبرى (دينيا وقوميا ) ، حيث قامت برصد مواطن ضعف الانسان العربي لتنفذ من خلالها الى مشاعره واحاسيسه ، فحرصت وبترتيب وتنسيق مع عدد من الجهات والتنظيمات الحليفة لها الى استقطاب فئات من الشارع العربي تحمل في قلبها عذاب الفقر والقهر السياسي فأغدقت عليها المال الوفير مغلفا بشعاراتها الكبيرة والطنانه، حتى التبس على هؤلاء أولويات خطواتهم ،هل يصبرون على جوعهم وقهر أنظمتهم السياسيه الى ان تتهيأ الفرصه المواتيه للخلاص؟ ام الارتماء في الحضن الايراني الدافئ مالياً وإعلامياً.
أما الدور الإيراني في أزمة غزة فلا يخفى على الناظر، فايران اعلنت في اليوم الذي سبق العدوان أنها سترسل سفينة محملة بالمساعدات لأهل غزة ، وهذا يجعلنا نفكر لما كانت هذه الخطوه بهذا التوقيت ؟ في الوقت الذي كان هناك متسع لإرسال هذه السفينه في وقت أبكر من هذا،ولعل الجواب على هذا التساؤل أن ايران أرادت أن تحصد كسبا أعلاميا دون أن تضطر إلى الدخول في نزاع حقيقي مع اسرائيل اذا ما وصلت السفينة الى شواطئ غزه، فإعلانها عن إرسال هذه المساعدات في هذا التوقيت يبين لنا أن ايران تدرس الظروف السياسيه بشكل جيد ، وتحرص أن تكون ردود فعلها متساوقه مع اهداف مشروعها الكبير، ولكن هذا لا يمنع من بعض الضجيج الاعلامي لستر وجهها الحقيقي في المنطقه .
ولكن المازق الأكبر ما نراه ونلمسه في موقف أمين عام حزب الله من هذه الأزمة ، فقد أمطرنا ( سماحته) بخطب عنترية وعرمرمية ، مرة يهدد فيها اسرائيل ، ومرة أخرى الأنظمة العربية ، ومرة ثالثة يطلب فيها من العرب أن يطبقوا على اسرائيل والانقضاض عليها ونحن نتمنى ذلك ، ولكن نسي (سماحته) أن حزبه يملك ثلاثين ألف صاروخ لا تبعد عن أكثر مناطق اسرائيل حساسية في الشمال إلا بضع كيلو مترات ، ونسي كذلك أن الفلسطينين لم يدخروا جهدا في إحراج اسرائيل بالرغم من جرحهم النازف آبان حرب تموز 2006 ، التي اعتذر عنها ( سماحة السيد ) قبل أن تتحول إلى نصر إلهي بعد ذلك.
إن أمين عام حزب الله وهو الوكيل الشرعي لمرشد الثورة الايرانية ، سيكون مطالبا أكثر من غيره بتبرير مواقف ايران الضبابية وآخرها فتوى إمامه ومرجعه الأكبر بحظر التطوع للقتال في فلسطين ، والذي حدد فيها الموقف الايراني الحقيقي من القضايا العربية وبالأخص منها القضية الفلسطينية ، وأنها لا تصنف في قاموس السياسة الايرانية إلا مجرد أوراق ضغط وتفاوض لخدمة مشروعها الحلم ... ايران الكبرى

هل تستدعي إسرائيل حزب الله لتغطية انسحاب من غزة

كتب أمير سعيد :

في رده على سؤال حول احتمال دخول "حزب الله" اللبناني في حرب مع "إسرائيل"، قال سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في زيارته للعاصمة السورية الأحد: " لا أعتقد ذلك والشعب الفلسطيني في غزة بإمكانه الدفاع عن نفسه بشكل جيد وما يحتاجه الشعب هو فك الحصار وإيقاف العدوان فحسب ".

لكن قدرة أهل غزة لا يراها كذلك رئيس كتلة نواب "حزب الله" في البرلمان اللبناني محمد رعد، الذي قال السبت: "إن ما يجري في غزة هو امتداد لحرب يوليو وهدفه رفع معنويات العدو لأنهم يعتقدون أن غزة خاصرة رخوة ضعيفة يمكن السيطرة عليها بسهولة علهم يعوضون بعض المعنويات التي سقطت وهزمت في لبنان، حين فشلوا في حربهم ضد المقاومة (..) فالإسرائيليون يحاولون التعويض في غزة وهي ضعيفة صغيرة في الإمكانات بغية رفع معنويات الجنود الصهاينة".

اختلاف في التقدير ربما فقط بين من يرى أن أهل غزة قادرون على المقاومة والصمود والانتصار المادي، ومن يراهم ضعفاء وأرضهم خاصرة رخوة، بيد أن المهم هو الاتفاق في أن على غزة أن تدفع الثمن وحدها، والرسالة واضحة: التحرك لن يكون إلا سياسياً، وهو الانطباع الذي ترسخ حتى لدى النائب اللبناني سعد الحريري زعيم أكبر كتلة برلمانية في لبنان الذي أعرب الاثنين عن اعتقاده ـ استناداً إلى تصريحات مسؤول "حزب الله" ـ أن الحزب لن يهاجم "إسرائيل".

غير أن كل هذا لم يبد أنه قد أقنع عموس يادلين رئيس أجهزة الاستخبارات العسكرية "الإسرائيلية"، ولا وزير العدوان أيهود باراك، أو هكذا يريدان الإيحاء؛ فقد قال الأول "إن حزب الله الموالي لإيران قد يتذرع بالهجوم العسكري الذي تشنه إسرائيل منذ 27 ديسمبر على قطاع غزة ضد حركة حماس لفتح جبهة ثانية"، بينما قال الثاني أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع: "أنظارنا متجهة إلى شمال إسرائيل ونحن جاهزون لمواجهة أي تطور"، ومن قبل قالت الإذاعة الصهيونية الاثنين: "استدعت إسرائيل عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، وقد يرسلون للدفاع عن حدود البلاد الشمالية في حال شن حزب الله هجوما على الدولة العبرية."

لم يقل "حزب الله" إذن ولم يهدد، ولم ترشح أية معلومات عن استعدادات له على الجبهة اللبنانية الجنوبية ليفعل شيئاً هجومياً، وكل ما قد قاله زعيمه، هو أن على رجاله أن يكونوا جاهزين لأي عدوان من "إسرائيل"، لكن "إسرائيل" مع ذلك تقول الآن أنها حذرة!! لا جرم أن تكون كذلك، لكن أتراها من بعد خراب البصرة قد انتبهت إلى أن حزب "المقاومة اللبنانية" ربما سيتحرك لنصرة "المقاومة" في غزة بعدما الشعب الفلسطيني آلاف الأطنان من المواد المتفجرة التي استهدفت بحسب مجرمي الحرب الصهاينة أكثر من ألف هدف في قطاع غزة الذي لا تزيد مساحته عن 365 كيلو متراً مربعاً فدمرت آلاف المنازل وهدمت عشرة مساجد وقتلت وأصابت ثلاثة آلاف، دون أن تحس من "المقاومة اللبنانية" من أحد أو تسمع لهم ركزاً؟!

لماذا إذن كان هذا التوقيت الذي أطلق العدو فيه تحذيره من "الجبهة الشمالية"، وهو توقيت دقيق للغاية بعدما بدا أنه يعاني من مأزق خطير في تحقيق أهداف حملته العدوانية مع اليوم حادي العشر من العدوان المستمر بلا هوادة على قطاع غزة؟! إن ساسة "إسرائيل" وعسكرييها على السواء الآن في حاجة أكثر من أي وقت مضى لتأمين انسحاب لها من تخوم قطاع غزة تحت ذريعة تحاشي الحرب على أكثر من جهة بعدما بدا أنها ماضية في طريق مسدود، وفي الجانب الآخر، ورغم انشغال "حزب الله" باستحقاق الانتخابات اللبنانية؛ فإن سُمعَته التي ارتفعت عالياً في العالم العربي بحاجة إلى ترميم اليوم بعدما باتت كل شعاراته الثورية موضع شك كبير من الجمهور العربي الذي استوقفه خياران لا ثالث لهما، كلاهما مر لديه، وهما أن "حزب الله" ربما لم يحقق "النصر الإلهي" بخلاف ما قال في أعقاب حرب يوليو 2006، وهو ما شاطرته لجنة فينوجراد الصهيونية في التسويق له حينها، وبالتالي فهو عاجز عن تلبية نداء الواجب بنصرة أهل غزة (الضعفاء بحسب محمد رعد)، أو أنه قد خرج منتصراً من الحرب التي شنها من أجل تحرير 5 أسرى (ليسوا من السنة كما هو معلوم) ولم يستثمر هذا الانتصار في إنجاد ما يقارب المليونين في غزة تتقاطر القنابل بشتى أنواعها فوق رؤوسهم وتُجرَّب الأسلحة الحديثة في أجسادهم، وهو بذلك يُصدِّق اتهامات بطائفيته وتبعيته المطلقة لإيران.

كلا الطرفين ربما يحتاج لهذه الخطوة، لكن الأخير في ظل إحجامه عن التدخل هذه المرة وفاء لتاريخ طويل نأى فيه بنفسه عن نجدة الفلسطينيين في معاركهم المصيرية (ومنها مؤخراً حملة السور الواقي ومذبحة جنين وغيرهما)، يخرج جنوب لبنان نهائياً الآن من معادلة الصراع بين العرب و"إسرائيل"، وهو ما يكتب عنواناً جديداً لهذه الحرب أو يفرز واحداً من أهم علاماتها الفارقة تاريخياً، وهو ما يفتح بدوره تساؤلاً حاداً حول ماهية هذا التوافق المؤدي لعدم مشاركة الفلسطينيين في المخيمات بلبنان في التخفيف عن إخوانهم في غزة، أو بالأحرى الحؤول بينهم وفعل ذلك، لاسيما بعد أن أعلن القيادي الفلسطيني أحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة عن فتح جبهات جديدة في ‏حال استمر العدوان على غزة، ثم عودة أبو رامز مسؤول الجبهة في لبنان إلى نفي مضمون التصريح والتوضيح بـ"أن تصريح جبريل فهم على غير حقيقته"، وفقاً لصحيفة الديار اللبنانية، التي نقلت عن أبو رامز القول "(جبريل) لم يسم الجبهة ‏اللبنانية أو غيرها (..) فنحن لنا حلفاء في لبنان ولا يمكن أن نقوم بأي خطوة دون ‏التنسيق مع حلفائنا وإننا نحترم الخصوصية اللبنانية".. وهو ما يدحض من ناحيته آخر المخاوف الصهيونية والتي وردت بالإذاعة العبرية الاثنين من "أن عددا من كبار المسئولين العسكريين الإسرائيليين استبعدوا إمكانية قيام حزب الله بعمل استفزازي مباشر لكنهم اعتبروا أن المنظمات المسلحة الفلسطينية في لبنان قد تتحرك." ومعلوم أن الجبهة الشعبية قد قامت بكثير من العمليات في الجنوب المنسوبة لـ"حزب الله" من دون أن تتبناها خلال سني الاحتلال الصهيوني للجنوب اللبناني..

إن أحداً في الحقيقة لم يتصور حجم الصمود "الأسطوري" الفلسطيني، ولا مدى تحمل المقاومة للضربات الموجعة، ولعل أكثر من طرف تمنى أن تنجح "إسرائيل" في مهمتها عاجلاً لتقيلهم من عثرة أسقطتهم في مستنقع الخيانة والخذلان، لكنها لم تفعل ولم يتماسكوا.. وها قد حشرت المقاومة البطلة الجميع في زاوية مذلة، ثم هوت بهم من جرف إلى مكان سحيق..

وليس مستبعداً من الجميع أن يستدعي كلا منهما الآخر أو أحدهما الآخر، لملئ جرارهم المثقوبة من شلال المقاومة الهادر، ورتق أثواب العسكرية الصهيونية أو "أخلاقيات المظلومية الحزبية"!! وقد يكون هذا السيناريو ليس قدراً محتوماً، لاسيما بعد صدور إشارة واضحة من طهران بتهنئة النظام العراقي بالاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، بعد أن كانت من قبل شروط إذعان واستسلام في الخطاب الرسمي الإيراني، وتلاشي ضجيج الملف النووي الإيراني، لكنه يبقى محتملاً، وربما زاد البعض بأن هذه ستصبح في القادم القريب أمنية صهيونية بدأ يمهد لها عموس يادلين رئيس أجهزة الاستخبارات العسكرية الصهيونية استفزازاً للحزب بالقول: "أن حزب الله تلقى ضربة شديدة خلال حرب لبنان الثانية في صيف 2006 ولهذا فإنه يخشى تنفيذ هجوم كبير."، ومتى وقع ما قد يبدو الآن غريباً، سيقول البسطاء: لقد تدخل الحزب لإنقاذ الفلسطينيين، وستذوب الهمسات في بحور الصخب التعبوي

نصر اللات يرقص على أشلاء غزة

كتب خالد حربي :
الألثغ الدجال المتربص بأهل السنة دومًا، يفعل به حب الظهور فعله.
فهو لا يفوِّت موقفا إلا حاول استغلاله وراح يضرب على قيثارة المجد الذي حققه حزب اللات في حرب تموز معلنا أنه ناصر المستضعفين وسيد الرجال وإمام المقاومين، ثم ينهي خطاباته السخيفة بتهديدات يعلم العدو قبل الصديق أنها جوفاء.
فمعركة تموز، التي لم نرَ فيها مقاومًا واحدًا من حزب اللات ولم نشاهد في القتلى والشهداء سوى النساء والأطفال، صارت ناقوس عار يدقه الشيعة فوق رؤوس المسلمين ليل نهار.
وجراح المسلمين في غزة أعمق من أن يقفز عليها هذا الدعي.
كنت أقارن بين ما كتبه روبرت فيسك مثلا وبين ما قاله نصر، فروبرت فيسك خرج يلعن قومه ويذكرهم بمعاييرهم المزدوجة ويسرد لهم قائمة جرائمهم التاريخية ويستصرخ الأحرار لنصرة أهل غزة، أما نصر اللات فقد خرج مذكرًا العالم بأمجاده في حرب تموز الكرتونية والتي أدبت فيها كتائبه جيش اليهود، لكن هذه الفخر –إن صح- جرفته دماء المسلمين الجارية في شوارع غزة الجريحة.
أتساءل: أين قواتك التي تحدِّثُ بها نفسك ومن حولك صباح مساء، أليست هذه هي فلسطين التي طالما تغنيت بأنها هدفك الأكبر وغايتك الأخيرة؟! ألا تستحق دماء المئات في غزة منك ما فعلته من أجل الأسرى الستة المنتمين إلى حزبك؟! حقيقة تثبتها الأيام والأحداث: لن تنال فلسطين من حزب اللات سوى الكلمات الجوفاء والمتاجرة بالجراح والدماء لصالح مذهبيته المقيتة. وحين يزحف الألثغ الدجال على معاطف القتلى ويعتلى الجثث المكدسة ليطالب المجاهدين هناك بأن يطيلوا أمد المعركة إلى أطول فترة زمنية ممكنة مثلما فعل هو في جنوب لبنان!! ما هذا إلا خداع وتغرير بالمستضعفين ودغدغة فارغة لمشاعر ملايين المسلمين الغافلين، فمعلوم أن الأوضاع في غزة تختلف اختلافا جذريا عنها في لبنان.
وشتان بين حزب اللات الذي تمده دولتان على الأقل بالعون والدعم –إيران وسوريا – ويتمتع بحدود مفتوحة وطبيعة جغرافية مناسبة لحرب عصابات في دولة ثالثة وهي لبنان وبين حماس التي لا ظهير لها ولا نصير، والمحاصرة من جهات الأرض الأربع.
ثم إن هذه الدعوة لم يطبقها نصر الله نفسه: فلقد أسرع بالموافقة على مبادرة وقف إطلاق النار مع إسرائيل مع أنها جردته من كل مظاهر الانتصار واستولت على الجنوب منه ووضعت الحدود تحت سيادة سبعة آلاف جندي صليبي دولي، فهل يجهل نصر اللات هذا أم أنه يستغل جهل المسلمين ليرفع من رصيده فيقول الناس لم يصمد أحد مثلما صمد حزب اللات؟!!
وكما اختفت صواريخ نصر اللات الكرتونية اختفت أيضا تصريحاته النارية، وحلَّت المظاهرات بديلا عن الجهاد، وبديلا عن الشهادة، حلت الدعوات إلى عقد القمة العربية، تلك القمة التي رفضها وتبرأ منها ومن قراراتها في حربه المسرحية مع إسرائيل، لأنه كان يعلم يقينا أنها لن تصب أبدا في مصلحته، فلماذا يطالب بها الآن لأهل غزة؟!، إنها محاولة لإظهار كل ما يمكن إظهاره من تناقض وضعف المشهد العربي والإسلامي – السني-؟
ولا ينسى نصر اللات أن يتسيد الموقف الشعبي فيدعو الشعب المصري إلى أن ينزل إلى الشوارع بالملايين، والمصريون في حقيقة الأمر لا يحتاجون لمثل هذه الدعوة، فهم قد نزلوا بالفعل إلى الشوارع، وقدموا شهداء، وتبرعوا بدمائهم حتى أعلنت المستشفيات في سيناء امتلائها بالدم وعدم حاجتها للتبرع من المصريين لغزة لكثرة المتبرعين.
وإذا كان الموقف الحكومي في مصر مخزيا ومهينا إلا أن الموقف الشعبي المصري يأتي في مقدمة المواقف العربية من الحدث، فلا تزال هناك حكومات وشعوب عربية لم تنطق بكلمة واحدة تجاه غزة، ومصر ليست صاحبة الحدود الوحيدة مع فلسطين المحتلة، وكان الأحرى بهذا الدجال أن يفتح حدوده للفلسطينيين في لبنان ليقاتلوا منها، أو يحث حليفته سوريا أن تفتح أبوابها للمسلمين هناك في سوريا للقتال مع إخوانهم، لكنه اختار من المواقف ما يزيد شعبيته، وضغط على ما لا يعيبه من نقاط الضعف العربي. لم يحدثنا نصر اللات عن إيران وتصريحاتها أكثر من مرة أنها ستمحو إسرائيل من على الخريطة، فنحن لا نريد منها محوا ولا محقا، بل كنا نريد كسرا الحصار فقط. لكنها لم تفعل وللآن لم نرى صاروخا واحد من الصواريخ التي تهدد بها أمريكا وإسرائيل ليل نهار.
ولم ينس نصر اللات في غمرة حماسه أن يبشر بالمذهب الشيعي، وأن يقذف مشاهديه بغبار تربة كربلاء، فيدعو لأن تتحول كل الأيام إلى عاشوراء..!! ولكننا نتساءل ماذا رأى المسلمون من الشيعة حتى يستجيبوا لدعوة نصر اللات؟!
وهل نسى المسلمون مذابح التطهير العرقي على يد الشيعة في العراق؟! أليس الفلسطينيون هم أول ضحايا الشيعة في العراق؟! أليس نصر اللات وحزبه هو من يدرب مليشيات الموت الشيعية في العراق؟! أليس الشيعية هم من قتلوا المسلمين وهتكوا أعراضهم وشردوهم في الأهواز ولبنان وبغداد وأفغانستان؟! إن جهاد أهل السنة جهاد طاعة، لا جهاد سياسة، وجهاد شهادة، لا جهاد دعاية وظهور. فالذين جاهدوا في العراق والشيشان وفلسطين وأفغانستان والصومال لا ينتظرون توجيهات عبد إيران الذليل، ولديهم من العلم والبصيرة ما أذهلوا به الأعداء، وليت عبد إيران الذليل ينشغل بأرضه التي تركها راغما لقوات الأمم المتحدة، وليته يوفر نصحه لأشياعه في العراق الذين صاروا سيف المحتل على المسلمين.
ستنهض غزة من كبوتها وستبصق على المتاجرين بقضيتها وبدماء أبنائها. وعندما ترفرف رايات النصر في غزة، ستبقى رايات حزب اللات خانعة ذليلة تحت رايات الأمم المتحدة في لبنان

دولة الأمارات محمية إيرانية

بقلم صحيفة هآرتس العبرية
كشف وزير الخارجية التشيكي فى حديث صحافى عن وجود علاقات سرية وطيدة بين إيران و"إسرائيل"، لافتًا إلى أن تلك العلاقات ليس بالضرورة الكشف عنها رسمياً.
وقال " كارل شوارزينجر" لصحيفة "هاآرتس" العبرية فى تعليقه على إمكانية إقامة علاقات بين حركة حماس و"إسرائيل" : "لا شك أن العلاقات غير المباشرة تكون أحياناً مفيدة للغاية، وهذا ما أثبته التاريخ. و"إسرائيل" لها باع كبير فى هذا المجال. فهناك علاقات على مستوى معين، فى كل مكان، حتى بين إيران و"إسرائيل".
وأضاف وزير الخارجية التشيكي للصحيفة العبرية مؤكداً على ما قاله: "نعم، إنني متأكد بأن لا أحد لا فى "إسرائيل" ولا حتى فى إيران يمكنه أن يعلن وجود تلك العلاقات بين البلدين بشكل رسمي".
ودعا "شوارزينجر"، وهو الرئيس الدوري لمجلس الوزراء فى الاتحاد الأوروبي، الحكومة الإسرائيلية إلى ضرورة الحوار مع قادة حماس، مشيراً إلى أن التاريخ هو الذي يقول إنه من الضرورى أن تتحدث حتى مع أشد أعدائك، خاصة أن العلاقة الوطيدة التى باتت تربط حالياً سكان غزة بحماس، تؤكد أنه فى يوم من الأيام يجب على "إسرائيل" قبول حماس".
وشدد على خطأ سياسة الحصار الذى فرضته تل أبيب على غزة، والتى أتت بنتائج عكسية، حيث أصبح سكان غزة، يؤيدون حماس أكثر من أى وقت مضى. وفى نهاية حديثه لصحيفة "هاآرتس" العبرية، شدد وزير الخارجية التشيكي على وقوف بلاده القوى إلى جانب "إسرائيل" وإلى جانب حقها فى الدفاع عن نفسها وضمان أمنها. مستذكراً الدور الذي قامت به بلاده، عندما أمدتها بالأسلحة خلال حرب اغتصاب فلسطين فى عام 1948.
** من الجانب الآخر: إيران تطمع بالأمارات كلها زعم نائبان في مجلس الشورى الإيراني اليوم أن جميع أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة كانت محمية تابعة لإيران، وأن مطالبة الإمارات بالتفاوض على مصير الجزر الثلاث في الخليج العربي يعد "وقاحة"، وحذرا من احتمال اندلاع حرب بين الدولتين. وطالب أحد النائبين بلاده باتخاذ إجراءات تلزم السلطات الإماراتية بحسن معاملة المواطنين الإيرانيين الذين يترددون عليها وادعى أنهم يتعرضون لانتهاكات.
وأتى ترديد هذه المزاعم والأكاذيب فيما يتعلق بقضية الجزر بعد أيام من استدعاء الخارجية الإماراتية للقائم بالأعمال الإيراني في أبو ظبي وتسليمه مذكرة احتجاج على قرار أذاعه التلفزيون الإيراني بشأن إنشاء مكتبين للأعمال البحرية في جزيرة أبي موسى التي تحتلها إيران بمياه الخليج العربي. وهاجمت وسائل إعلام إيرانية السلطات الإماراتية بدعوى محاولتها طرد رجلي دين شيعيين في الإمارات.
وفي حوار مع موقع "عصر إيران" الإخباري، قال النائب عوض حيدر بور -عضو لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني- : "مطالبة الإمارات العربية المتحدة إيران بقبول مبدأ المفاوضات حول الجزر الثلاث أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية مطلب وقح للغاية، لأن البلد الذي كان محمية إيرانية سابقة يدعي اليوم ملكية أراض تعود للوطن الأم"، على حد زعمه. وادعى حيدر بور أن "كافة الوثائق والشواهد تثبت أن جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى تعود تبعيتها إلى إيران منذ تأسيس الدولة، بل إن الإمارات العربية المتحدة كانت نفسها جزءا من أراضي إيران، ومن الوقاحة أن تدعي الإمارات ملكية أراض ايرانية والأكثر وقاحة هو أن يجد هذا الادعاء من يؤيده"، في إشارة لدعم دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية عامة لموقف الإمارات في المطالبة باستعادة الجزر الثلاث.
وواصل النائب الإيراني بالقول: "إن قادة بعض الدول يعطون الضوء الأخضر للإمارات بغية استرضائها، ونحن نحذر هؤلاء ونقول لهم إن الحديث بخصوص أراضي الجمهورية الإيرانية هو شأن إيراني ولا يحق لمن لا يعرف إيران والإمارات الخوض في هذا الأمر".
نائب إيراني: مطالبة الإمارات بالجزر بمثابة إعلان حرب أما النائب الإيراني داريوش قنبري ممثل مدينة إيلام في مجلس الشورى الإيراني فزعم أن مطالبة الإمارات بالجزر الثلاث هو بمثابة إعلان حرب على بلاده، وهدد بأن دعوة من هذا النوع من شأنها أن تؤدي بالفعل إلى اندلاع حرب بين البلدين.
وأعاد النائب إلى الأذهان الحرب العراقية الإيرانية التي ادعى لموقع "تحليل" الناطق بالفارسية أنها اندلعت إثر مطالبات بالأرض، وقال: "إن تكرار الادعاءات الإماراتية التي لا أساس لها من الصحة ربما تؤدي إلى نشوب حرب"، واتهم الإمارات في هذا الصدد بأنها تقوم برشوة بلدان - لم يسمها - لدعم موقفها، على حد زعمه.
وكانت إيران قد احتلت جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى الواقعة قرب مضيق هرمز، إثر رحيل القوات البريطانية من الخليج في 1971. وترفض إيران باستمرار مطالبة الإمارات بحقها في الجزر, كما ترفض إحالة هذا الخلاف على محكمة العدل الدولية في لاهاي
Association of Victims of American Occupation Prisons( 1H1050 NGO ) Founder and Coordinator: Haj Ali AL-Qaisi Address / Iraq - Baghdad

الاستغلال الشيعي لإحداث غزة

عبد الرحمن العراقي
من المنطلق الذي يقول (مصائب قوم عند قوم فوائد) برز زعيم حزب الله حسن نصر الله – المتواري عن الأنظار- يوم أمس الأحد وعلى شاشات الفضائيات الشيعية ومنها (قناة المنار) التابعة لحزب الله ليصدر الفكر الشيعي مستغلا الإحداث الدامية التي شهدتها غزة العز من جراء القصف الإسرائيلي على المدن والقرى الفلسطينية، حيث شهد خطابه الذي ألقاه يوم أمس حمله واضحة لنشر التبشير الشيعي للدول العربية وبصورة جديدة وأسلوب أخر كما يراه المراقبون السياسيون بقولهم : (في خطابٍ لم يخلُ مِن التبشير بالمذهب الشيعي وانتصار الدم على السيف وذِكْر واقعة كربلاء والاستشهاد بخطابات خامنئي، استغل "حسن نصر الله" زعيم "حزب الله" الشيعي اللبناني، المجزرة الصهيونية في قطاع غزة، وشن هجومًا عنيفًا على عدة دول عربية في المنطقة، خاصة مصر والأردن).
كما حاول "نصر الله" أن يربط بين المجزرة الصهيونية الجارية الآن في قطاع غزة، وحرب صيف 2006، التي أشعلها الحزب وعانت لبنان كلها من ويلاتها نتيجة لعدم التكافؤ مع الخصم لا بالعدد ولا بالعدة ، وقال نصر الله في خطابه: (ما جرى في تموز (حرب صيف 2006) نسخة طبق الأصل عما يحصل اليوم في غزة، والتواطؤ هو نفسه والمعركة نفسها والنتيجة إن شاء الله ستكون نفسها).
وأفصح بعض المراقبين ان الربط بين إحداث غزة وحرب لبنان 2006 الذي حاول نصر الله جاهدا الربط بينهما هو أمر غير واقعي وغير منطقي وهو ظلم آخر لأهل غزة المجاهدين لأسباب منها:
أولا: هو افتعال حزب الله الحرب مع إسرائيل لغايات سياسية ومادية ليس أكثر وللحصول على الدعم الإيراني الذي بدا بالتوقف جراء التشدد المفروض على إيران من حيث صرف الأموال والترصد لجميع الأنشطة التي تقوم بها بعض الشخصيات العربية المشكوك في ولاءها لإيران ، حيث تتيح هذه الحرب الظروف الملائة لإيران ما لا يتيحه لها أمر أخر .
ثانيا: إبراز صورة جديدة للشيعة وتغطيتها بغطاء الجهاد والدفاع الأرض والعرض (بخلاف ما يجري على ارض العراق ) فضلا عن محاولة كسب التعاطف العربي وتجيره للقضية الشيعية.
ثالثا : محاولة امتصاص نقمة الشارع السني نتيجة المد الشيعي تجاه البلدان السنية ولا سيما ما جرى مؤخرا بين إيران والشيخ القرضاوي وعلماء أهل السنة بهذا الخصوص .
رابعا : إيران ستستفيد من العدوان على غزة بانشغال العالم بأحداث غزة ومحاولة التسريع ببرنامجها النووي . واستغل نصر الله هذه الحادثة لكي يدفع الشعوب العربية لصراع مع حكوماتها قال "نصر الله" في تصريحاته العدائية ضد الحكومة المصرية: (إن النظام في القاهرة ومعه مجموعة من القيادات العربية الأخرى في المنطقة شارك بشكل واضح في الاعتداء على سكان غزة الأبرياء والمذابح التي يتعرضون لها في قطاع غزة والتي خلفت مئات الشهداء والجرحى حتى الآن).
وادعى أنه لا يدعو إلى حدوث انقلاب في جمهورية مصر العربية ولكن يريد أن تضغط كافة الشعوب العربية والإسلامية على الحكومة المصرية من أجل فتح معبر رفح لنجدة أهالي قطاع غزة. وحرض زعيم "حزب الله" الشعب المصري قائلاً: "أيها المسؤولون المصريون إن لم تفتحوا معبر رفح وتنجدوا الفلسطينيين فأنتم شركاء في الجريمة والقتل والحصار". وخاطب شعب مصر قائلاً: "يا شعب مصر فلتخرجوا بالملايين إلى الشارع ويا شعب مصر يجب أن تفتحوا المعبر بصدوركم وأنا أتحدث من موقع الانتساب إلى المقاومة والشعب الذي قاوم إسرائيل 33 يومًا وقدم الشهداء).
ويؤكد المراقبون أن "نصر الله" حرص في خطابه على "دس السم في العسل" حيث ركز على إدراج العقيدة الشيعية في وسط خطابه الحماسي، كما أنه حرض الشعوب العربية من أجل التحرك بصورة غير مدروسة ضد حكوماتها في الوقت الذي لم يكشف فيه عن أي دعم عسكري ملموس على الأرض لمساندة الفلسطينيين في غزة وفي الوقت نفسه يحتفظ بصواريخه وأسلحته في مخازنها.
ان مهاجمة مصر في هذا الوقت وخاصة من نصر الله لم يأتي من فراغ بل جاء وفق الخطة الإيرانية الهادفة بالقضاء على الدور المصري الذي يقف في وجه المشروع الإيراني الفارسي في المنطقة. فقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط عن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قوله: (إن إيران تسعى لتنفيذ أجندة وأهداف تخدم مصالحها في الشرق الأوسط توجت باستغلالها لبعض الفلسطينيين وان الإيرانيين يهدفون لتحقيق الايديولوجيا الخاصة بهم في المنطقة) . وعن استغلالهم القضية الفلسطينية وتجيرها للفكر الإيراني قال أبو الغيط حسبما ورد في الصحيفة المذكورة : (الإيرانيون يستغلون بعض الفلسطينيين الذين صاروا كلعبة في أيديهم سواء بحسن نية أو بمعرفة عميقة بالأهداف الإيرانية حيث إن إيران لا تسعى لخير الشعب الفلسطيني) .
ان الحقد الشيعي تجاه الدول العربية لم يتغيب لحظة في خطاب نصر الله الموجه للدول العربية السنية بقوله :(بعض الأنظمة العربية شريكة في هذا المشروع) . وأوعز مراقبون للساحة العربية التشبيه الذي حاول نصر الله تبيانه بين غزة وكربلاء هو إهانه لكل العرب :( ليس من الغريب أو العجيب أن ينظر الشيعة للعرب السنة بنظرة مزرية أو حاقدة كما نراها واضحة للعيان في خطاب نصر الله فمجرد التشبيه بين غزة وكربلاء وبين الظالم والظلوم نجد إن المقصود من الظالم في (واقعة كربلاء) هم العرب السنة والمتمثلين بالدولة الأموية –آنذاك- والمقصود بالظالم اليوم بحادثة غزة هي إسرائيل ، وشتان بين الاثنين وهذا ديدن الشيعة وهذه هي نظرتهم تجاه العرب الذين كان لهم الدور الأول بإرغام الفرس على الدخول بالإسلام. وختاما : نقول لأهلنا في غزة جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا فاديتم ماعليكم وبورك مسعاكم فطاب ممشاكم وطابت لكم الجنة نزلا وان النصر صبر ساعة ونسال الله لكم الامن والسداد وان كنتم تألمون فأنهم يألمون كما تألمون ولكنكم ترجون من الله مالا يرجون

الأحواز الفردوس العربي المسروق -5

بقلم أيوب عودة / موقع المحرر العربي
بدو فقبيلة فدولة حديثة...
لم يحفظها الزمن بداية ظهور المعالم الأولى للدولة الحديثة الدول والحكومات العربية في الأحواز: سلطنة هرمز العربية: أصاب الوهن مفاصل الدولة العباسية، وتجزأت بعد أن غزاها المغول بقيادة هولاكو، وقضي عليها بعد مقتل المعتصم بالله العباسي. في تلك الأثناء تأسست مملكة عربية خليجية في الجنوب الشرقي للأحواز، أسسها عرب أقحاح، كانوا قد استوطنوا البر الشرقي والغربي، وجميع الجزر، قبل الفتح الإسلامي. أسست الإمارة على يد محمد ملك عمان، حيث تخلى عن سلطانه لنجله الأكبر، وتحرك مع مجموعة من حاشيته نحو الساحل الجنوبي الأحوازي، قاصداً إعمار تلك المنطقة بعد أن هجرها العرب، فأصبحت صحراء قاحلة. وقبل عبوره نحو الساحل الشرقي أسس على الساحل الغربي ميناء قلهات. استقر هذا الملك في منطقة هرمز التاريخية على بعد 30 ميلاً خارج المضيق ما بين جرون (سورو - بندر عباس) وجاسك، وبالقرب من الأحواش (ميناب) فشيدها من جديد، ثم وسع حكمه ليشمل كل جنوب شرق الأحواز، وكل الجزر وموانئ الخليج وصولاً إلى ساحل بلوشستان (كرمان القديم) والساحل الغربي. وكان قد سيطر على الملاحة في الخليج من القرن الرابع الهجري إلى القرن العاشر. مملكة قيس التي أسسها عرب بني قيصر في القسم الشمالي من الخليج نافست سلطنة هرمز. كان مركز حكم هذه المملكة في جزيرة قيس، ولم يتمكن حكام فارس وكرمان ولا المغول والسلاجقة الأتراك من إخضاعها. لكنما ملوك هرمز أخضعوها إلى سلطانهم وتمكنوا من ضمها إلى سلطنة هرمز. عنف فارسي.. وتسامح عربي كانت حدود مملكة هرمز من الشمال جزيرة خرج ومن الجنوب جزيرة جرون، وكذلك كل الجزر في الخليج والساحل بأكمله في جنوب شرق الأحواز. ينقسم تاريخ سلطنة هرمز إلى مرحلتين تاريخيتين : المرحلة الأولى امتدت من القرن الرابع الهجري إلى حوالى العام 1300 م. والمرحلة الثانية بدأت عام 1300 م في زمن الملك شهاب الدين، أحد ملوك السلطنة عندما نقل عاصمة المملكة من ميناء هرمز إلى جزيرة هرمز غير المأهولة لموقعها الممتاز كي يتمكن من الدفاع عنها أمام غزاة المغول الذين هاجموا مملكته. وبعد ذلك أصبحت مملكة هرمز سلطنة عظيمة وكبيرة وتمكنت من السيطرة على الخليج لأكثر من ثلاثة قرون. كانت تضم ثلاث حاضرات (مدن) كبيرة هي : هرمز الجديدة، رأس الخيمة، وقلهات، وضربت النقود باسمها. وبعد زحف الفرس إلى مملكة لار العربية واستيلائهم عليها بين عامي 1602/1601 م، اتفق الشاه عباس الصفوي مع البريطانيين للهجوم على سلطنة هرمز اثناء حكم الملك محمود الذي تولى الحكم بعد اخيه فيروز. احتل الصفويون البحرين التابعة لهرمز، ثم احتلوا ميناء جرون، وهدموه، ثم بنوا مكانه ميناء سموه العباسي أو بندر عباس، وقدموه للإنكليز مقابل مساعدتهم في احتلال هرمز، وبعد ذلك حاصر الفرس جزيرة جسم لقطع الإمدادات عن هرمز... وتحصن العرب والبرتغاليون ووقفوا ضد الإنكليز والفرس ولكن من دون جدوى. ثم حاصر الفرس والإنكليز جزيرة هرمز مركز السلطنة، وبعد معارك ضارية، وحصار دام ستة أشهر، سقطت هرمز في يد الفرس فهدموا كل ما فيها حتى لا تعيد بناء مجدها من جديد. سقط في هذه المعارك الكثير من القتلى بين الطرفين، لكن الفرس تصرفوا بوحشية شديدة وهمجية لم يسبق لها مثيل، حيث أقدموا على إعدام الأسرى العرب في الحين الذي كان فيه العرب يسلمون كل الأسرى من الفرس والإنكليز. وفي عام 1031 م أسر آخر ملك من ملوك هرمز، ونقل إلى شيراز ثم أعدم هناك. هكذا طويت صفحة مشرقة من صفحات تاريخ الأحواز المليئة بالأمجاد والبطولات الملحمية، فظهر في المعارك مع الصفويين أبطال ذكرهم التاريخ، واعترف الفرس ببطولاتهم أيضاً، منهم : حاكم جاسم وعلي كمال حاكم نخيلو. إعصار فارسي وزلازل طبيعية مملكة قيس العربية : تأسست تلك المملكة، وهي مملكة بحرية، في القرن الرابع للهجرة، وتزامن تأسيسها مع تأسيس سلطنة هرمز العربية في الجنوب الشرقي للأحواز، وكان مركزها جزيرة قيس إحدى جزر الأحواز، ويقال إن أول من عمر هذه الجزيرة هو عربي يسمى عمر بن عميرة. وكانت تشمل المملكة الساحل الأحوازي وجزر القسم الشمالي من الخليج العربي، وقد استولت تلك المملكة على كل الجزر وسواحل الخليج الشمالية، وكانت تشرف على السفن والتجارة في كل شمال الخليج، ونافست، منذ تأسيسها، سلطنة هرمز العربية السلطة على الخليج وجزرها وسواحلها وتجارتها. وقد حكم مملكة قيس بعد طرد سيف الدين أبو النضر احد أفراد عائلة بني قيس ويدعى الملك سلطان، لكن سيف الدين جزيرة قيس مرة أخرى، بعد أن استقر له الحكم في هرمز، وبعد أن اطمأن من عدم انحياز أتابك أبو بكر السلغوري التركي، عاد واستولى مرة أخرى على جزيرة قيس وأسر الملك سلطان وكبار بني قيصر، ونقلهم إلى جزيرة جرون (هرمز) ونفذ حكم الإعدام فيهم سنة 622 للهجرة. هذه الواقعة لم تكن نهاية ملوك قيس، ففي بعض الأحيان كانوا يهاجمون جزيرة هرمز ويعيدون سيطرتهم عليها وسلطانهم الذي فقدوه. من هؤلاء الملوك نذكر: الملك جمال الدين نعيم، الذي حكم كل شمال الخليج بجزره وسواحله حوالى العام 700 للهجرة، إلا أن ملك هرمز هزمه وأسره، لكنه تمكن من الفرار، وكذلك ابنه غياث الدين الذي انهزم وقتل على يد قطب الدين ملك هرمز. وهكذا تم استيلاء ملوك هرمز على مملكة قيس بالكامل. هكذا كان شكل الحكم العربي في منطقة الأحواز العربية، إمارات وقبائل وشيوخ. ولكن بعد سيطرة الفرس بمساعدة الإنكليز على تلك الأرض العربية، عمل العرب على استعادة نفوذهم على تلك الأرض في ما بعد، فماذا حصل وكيف استطاع العرب إعادة تشكيل حكم هناك، وكيف كانت أشكال الحكم لديهم؟
الإمارات الذهبية في عصر أعجف
الإمارات التي قامت في جنوب شرقي الأحواز بعد الاحتلال الصفوي : بعد نزوح الصفويين نحو الجنوب وباتجاه الساحل الشرقي للخليج العربي، واحتلال مملكة لار العربية بمساعدة الانكليز عام 1622م التي كانت تحكم جنوب شرقي الأحواز، وعلى امتداد الساحل الشرقي طيلة سبعة قرون، استعاد الوجود العربي سيطرته على جنوب شرقي الأحواز مرة أخرى، حيث تمكن، وبعد بضعة عقود من الاحتلال الصفوي من بسط سيطرته. أما الإمارات التي قامت في الجنوب الشرقي للأحواز فهي: إمارة بني العباس :(1673-1967م) والحكم الذي انزلق من الشاه إلى ضباط الشرطة كان مقرها مدينة بستك، وكان يحكمها في السابق ذرية عبدالله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ابن عم رسول الله، استمرت تلك الإمارة ثلاثة قرون، وكان مؤسس هذه الإمارة الشيخ عبد القادر حسن البستكي العباسي، وقد خلفه الأمير الشيخ محمد سعيد البستكي العباسي، ثم الأمير الشيخ محمد البستكي العباسي، المعروف بمحمد الكبير الذي حكم الجهانكيرية، ومنطقة الجبال المنحدرة (شيبكوه) وميناء لنجة، وجزر الخليج الجنوبية، ومنطقة ميناء جرون أو بندر عباس ولارستان. وقد انتصر على الفرس في معارك عدة.. كان للأمير محمد رضا خان العباسي خمسة أولاد، ولكن شقيقه استلم الحكم وكان يدعى محمد أعظم خان، واستمر يحكم البلاد إلى أن ضعفت سلطته بسبب تزايد قوة الحكومة المركزية الإيرانية وتطبيق سياساتها الهادفة إلى التخلص من شيوخ القبائل العربية والأمراء المحليين، حتى أصبحت زمام الأمور في أيدي ضباط الشرطة. إمارة القواسم: انتهازية الفرس.. لم تتغير بعد أن حكم أمراء عمان »لنجة« لمدة طويلة، أجمع أهل »لنجة« على تولية أحد القواسم عليها، فاختاروا الشيخ قضيب بن راشد بن مطر القاسمي، الذي حكم بين الناس بالعدل والإنصاف، وبعد وفاته استلم ابنه الشيخ محمد بن قضيب الحكم من بعده، وكان صاحب رؤية وتدبير عال. حصل على شهرة لا يستهان بها بعد قيامه بعقد مصالحة بين الشيخ سلطان بن صقر القاسمي حاكم الشارقة، وبين قريبه شيخ رأس الخيمة القاسمي، وكذلك في العام 1830 اجرى الشيخ محمد بن قضيب صلحاً آخر بين الشيخ طحنون بن شخبوط حاكم أبو ظبي والشيخ سلطان بن صقر شيخ الشارقة.. بعد وفاة الشيخ محمد تولى الحكم من بعده شقيقه الشيخ سعيد بن قضيب الحكم، وقام بمهامه على اكمل وجه، وبعد وفاته تولى الحكم ابنه الشيخ خليفة بن سعيد، وبعد هذا الاخير تولى الحكم الشيخ علي بن خليفة تحت وصاية الشيخ يوسف بسبب صغر سنه. احتلت الدولة الفارسية »لنجة« بقيادة احمد خان كبابي مستفيدة من الخلاف القائم، ثم تولى الحكم فيها هدايه الله خان بحيث كان أول فارسي يتولى حكم »لنجة«، ولكن حكم القواسم لم ينته. حكم الفرس »لنجة« من عام 1305 إلى 1315 حيث ثار الشيخ محمد بن خليفة القاسمي وطرد الحامية الفارسية وحكم مدة سنة وتسعة أشهر، إلا أن الفرس والإنكليز توحدوا ضده واجبروه على ترك »لنجة« بعد معركة ضارية ومقاومة أظهر فيها الأحوازيون شجاعة نادرة. ولكن »لنجة« بقيت ساحة مفتوحة على الصراعات وتنافس القوى الكبرى من إنكليز إلى فرس وأتراك. تعتبر »لنجة« مركزا لإمارة القواسم، امتد نفوذها إلى ميناء كنج الذي كان ساحة لتنافس أمراء بني معين. لعب القولسم دوراً بارزاً في طرد المستعمرين الأوروبيين من الخليج وكانوا يعرفون بقراصنة البحر. ولإمارة القواسم مواقف مشهورة أيضاً في الدفاع عن الاراضي العربية بوجه البرتغاليين والإنكليز، كما صدوا هجمات الفرس أثناء محاولات السيطرة على الأحواز، وقد تعاون اسطول القواسم في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي مع أسطول إمارة كعب آل ناصر، فما كان من الإنكليز إلا ان تعاونوا مع العثمانيين في محاولة لدحر القواسم، ولكن دونما جدوى. إمارة آل حرم: يعودون بنسبهم إلى أحد بطون قبيلة غزية القحطانية، وسبب تسميتهم بآل الحرم يرجع إلى كونهم من سكان الحرم المكي، وكانت هجرتهم إلى الساحل الشرقي الأحوازي ناتجة عن خلاف وقع بينهم وبين قبيلة ثقيف، فاتخذوا قرية (حالة بندر) مقراً لهم. كان أرحيمة بن سيف الحرمي أول حاكم لهذه الإمارة، قاد قبيلة الحرم سنة 1061 إلى جنوب شرق الأحواز، ثم توفي في عسلوه سنة 1092. اتخذ آل حرم عسلو عاصمة لهم. والمناطق التي دخلت تحت سيطرة الحرم هي: نابند، عسلوه، بو عسكر، بزبز، دهنو، غويرزة، كشكنار، خيارو، خند، صبروباش، تنك شرزة، تمبو، تمبو الغربية. يعتبر الشيخ محمد بن احمد بن خلفان الحرمي آخر أمراء آل حرم، حيث استطاع رضاشاه بهلوي أن يحتل إمارته ويسجنه، ثم يرسله أسيراً إلى طهران ليدس له السم فيموت في أسره. وفي ظل الاحتلال الفارسي تولى حكم الإمارة الشيخ أبو هند عبدالله الحرمي، بعدما تزوج من أرملة الأمير الشيخ محمد، ولكنه سلم الحكم في ما بعد إلى أبنائه في العام 1370 للهجرة 1951 م، حيث حكم من بعده الأمير الشيخ ابراهيم بن محمد بن أحمد الحرمي، بشكل رمزي، إلى العام 1387 للهجرة 1967 م، ثم انتقل إلى قطر ومنها إلى الإمارات العربية المتحدة مع عائلته وأتباعه، واستقروا في أبو ظبي وبذلك تكون ذهبت إمارتهم بعد حكم دام أكثر من ثلاثمئة عام. إمارة النصوريين (بني خالد) بنو خالد هم بطن من الجبور ذرية جبر بن مهنا الخالدي، وهم من سكان الإحساء. هاجروا منها بعد سقوط دولتهم وانتقلوا بعدها من الجعيمية شمال القطيف عن طريق الزبارة، وقد رافقتهم عشيرة آل سفر وهم من بني حميد أحد بطون بني خالد، ويقال انهم ذرية عبدالله بن قطن بن محمد بن عريعر الخالدي. استطاعت إمارة آل نصور أن تحافظ على استقلالها وأن تصك نقوداً باسمها. يعتبر الشيخ محمد النصوري أول أمرائهم، ومن بعده تولى الأمير الشيخ حاتم بن محمد الحكم، ثم الأمير الشيخ جبارة بن حاتم، والأمير الشيخ حسن جبارة الذي قتل في العام 1227 للهجرة. خاض الأمير الشيخ مذكور بن جبارة معركة ضارية ضد الفرس، واستولى على كل المنطقة الممتدة من كنكون (كنعان) إلى القابندية، واعترفت بسلطته الحكومة الفارسية على كل من كنكون، ميناء طاهري، القابندية، قلعة دار، آسير وعلاء مردوشت. لكن الفرس أرسلوا جيشاً كبيراً مجهزاً بمدفعية، وبعد معركة شرسة احتلوا قلعة قلات الحمر، وأسروا الشيخ مذكور وأرسل إلى شيراز، وأعدم بوحشية، إذ أجبر على ابتلاع العملة التي كانت تضرب في إمارته، إلى أن توفي. بعد فترة من الزمان حاول ابنه الشيخ حسن الانتقام لأبيه فقام بثورة على الفرس عام 1300 للهجرة، لكنه أجبر على التراجع نظرا لعدم التكافؤ بين قواته وقوات الفرس، ولغياب الدعم العربي أيضاً. لكن حكم النصوريين لم ينته عند ذلك، لا بل استمر تحت ظل الحكومة الفارسية. إمارة آل مرزوق من القبائل العربية الكبيرة المنتشرة على ضفتي الخليج، كان مركز هذه الإمارة في مرفأ الحسينية، ومسلم. هم من فخذ العجمان من فرع آل سليمان سكان الأحساء ونجد وهم من قبيلة القحطانية وكانت بلدة مغوه مقر حكمهم. من امرائهم : الأمير الشيخ راشد بن سلمان بن مساوي بن نشوان بن مرزوق المرزوقي، الأمير الشيخ سليمان بن راشد. بنو علي ( المعلى ): سكنوا نجد، وهم من بطن آل علي. انتقلوا إلى الأحواز عن طريق القطيف سنة 1152ويرجعون بنسبهم الى بني قحطان. كانت مدينة ميناء جارك مقر حكم إمارة المعلى ولهم فيها آثار مهمة، منها القلعة الكبيرة الحصينة التي بناها الشيخ صالح بن محمد آل علي، كما تركوا عدداً من المساجد والبرك. أبرز امراء آل علي هم : الشيخ محمد حسن، الشيخ محمد صالح، ثم الشيخ صالح، الشيخ علي بن خلفان آل علي. تأسست إمارتهم في منطقة تسمى صداق في منطقة من الجبال المنحدرة ثم اتسعت، ولعبت دوراً كبيراً في تاريخ الأحواز، ففي عام 1820 شاركت في غارة على السفن والأساطيل البحرية الأوروبية في الخليج العربي، ما أدى إلى تشكيل قوة بحرية موحدة من البريطانيين والهنود والعثمانيين لمهاجمة مقر الإمارة، لكن جيش الإمارة العربية تمكن من دحر القوات المتحالفة والانتصار عليها. من أبرز شخصيات هذه الإمارة : الامير محمد بن حسن، وكان شجاعاً وزعيماً قوياً للإمارة. تمّ القضاء على إمارة بني علي من قبل الإنكليز الذين جهزوا جيشاً قوياً من بومباي وهاجموها مع حلفائهم، ويذكر التاريخ ان أبناء الإمارة دافعوا دفاعاً مستميتاً عن أرضهم وحكمهم، بيد أنهم هزموا في النهايه نظراً لقوة الهجوم الذي تعرضوا له، وكان ان سلمت بريطانيا الإمارة إلى الفرس. لكن الحكم العربي فيها استمر حتى قيام الدولة الحديثة في إيران، وما زال يسكن حوالى أربعة الآف نسمة من العرب السنة هناك في الموقع الذي كانت تشغله إمارة بني علي. إمارة بني حماد: ينتسبون إلى جذام من عرب القحطانية، وهم بطن من الحميديين. سكنوا في أكثر من منطقة: مربق، كلات، كريشة، رستاق، وطين الأحمر. انتقلوا إلى الأحواز سنة 1110 للهجرة، انقسمت إمارتهم إلى منطقتين، شرقية وغربية؛ المنطقة الشرقية، مقر حكمها قرية مربق، وأول شيوخهم كان الأمير عبد الله بن محمد الحمادي الذي حكم عام 1863 م ثم الشيخ أحمد الحمادي، ثم الشيخ محمد الحمادي، وكذلك من أبرز أمرائهم: سليمان بن محمد الحمادي ويوسف وابراهيم واحمد والشيخ عبدالله بن حسن بن الشيخ ابراهيم. المنطقة الغربية: مقر حكمها قرية المقام وسميت بهذا الاسم نسبة إلى إقامة محمد أبو الفضل المعروف بسيف الله القتال الرفاعي الحسيني فيها أثناء هجرته الأولى إلى الأحواز. يعتبر الشيخ حسن بن الشيخ عبدالله الحمادي شيخهم الاول إمارة العبادلة: هم من قبيلة العبدول. يرجعون بنسبهم إلى عبيد بن عبدالله بن حمود ويعدون من بطون شمر. كانوا يحكمون في فلسطين ثم انتقلوا إلى الجزيرة العربية واستقروا في »العديد« ثم نزحوا إلى مناطق مختلفة، ومنها الأحواز سنة 1117 للهجرة. كان لهذه القبيلة الدور الفاعل في زمن سلطنة هرمز العربية، ولم تستطع الأخيرة السيطرة عليها إلا بمساعدة أسطول البرتغاليين. مقر حكم العبادلة كان في قرية العرمكي، وكان مركز إمارتهم في حصن منيع بين جبلي العرمكي والرميلة، وكانت إمارتهم تشمل مناطق العرمكي، نخل خلفان، أبو جراش، علفدان، الرميلة، أبو الطيور، الجبرية، حميران، كلشان، كوشند، جزيرة شيخ هندرابي، نخيلو وميناء جيروه - شيرو (بلدة كبيرة تقع على بعد 36 كلم من المكاحيل) وهي المركز الثاني للعبادلة ولهم فيها قلعة حصينة. ويذكر ان الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين زارهم سنة 1330 للهجرة حيث استقبل بحفاوة بالغة. من أبرز شيوخهم: الشيخ عبد الله بن محمد العبيدلي الذي كان أديباً وشاعراً، والشيخ عبد الجبار بن محمد العبيدلي والشيخ أحمد بن محمد العبيدلي والشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي. تتبع إمارة العبادلة عشائر آل ملا وآل رميزان وآل ناصر. مارس الفرس كل أنواع الاضطهاد على العبادلة لحملهم على الهجرة إلى الساحل الغربي من الخليج. إمارة آل بشر: آل بشر حكام نخل مير وميناء طاحونة. أصلهم من نجد وكبيرهم الشيخ مفلح بن بشر، يقال إنهم من بني مرة وكان انتقالهم سنة 1152 للهجرة، مقر حكمهم قرية نخل مير وما زالت لهم فيها قلعة قديمة وكذلك مسجد ومزراع وبرك. ومن أشهر رجالهم الشيخ محمد بن رحمة البشري. إمارة بني معين: ينتسب بنو معين إلى قبيلة حرب، وكما ينسبون إلى قبيلة شمر المشهورة. هاجروا من الجزيرة العربية سنة 1007 للهجرة، سكنوا جنوب شرق الأحواز بقيادة الشيخ عطية بن علي، حكموا جزر جسم، هرمز، لارك، هنجام، ميناء جرون (بندر عباس)، ميناء جاسك، ميناء شارك، ميناء نخيلو، أحواش (ميناب)، وأقصى المناطق في جنوب شرق الأحواز على الحدود مع بلوشستان. تمتعوا في بعض الاحيان باستقلالية كاملة ومطلقة في الحكم في إمارتهم، وفي أحيان اخرى كانت لهم تبعية اسمية لحكام فارس وأئمة مسقط، إلا أنهم كانوا يعتبرون حلفاء لهم أكثر مما كانوا تابعين. إمارة آل مذخور أو مذكور : عاصمتها ميناء أبو شهر، وكان لها أعظم أسطول بحري في الخليج آنذاك، ومن اعظم أمرائها الأمير الشيخ ناصر آل مذكور الذي ينتسب إلى قبيلة المطاريش، وكان قبله الشيخ مذكور بن حميد. شيد الشيخ ناصر آل مذكور مدينة أبو شهر الحديثة على انقاض مدينة أبو شهر العيلامية الأثرية، وجعلها عاصمة له، وتحالف مع بعض القبائل الأحوازية الداخلية والساحلية لصد زحف كريم خان زند نحو الأحواز، إلا أنه فشل وأسر على يد الجيش الفارسي حيث بقي في سجن أصفهان سنين طويلة. أثناء غيابه حكم أخوه الأمير الشيخ سعدون بن مذكور، حتى رجع الشيخ ناصر إلى الحكم مرة أخرى. الجدير بالذكر أن الأميرين الأخيرين عاصرا أمراء آل زعابي وتحالفا معهم للاستيلاء على البحرين، ولكن الأمر لم يطل وسقط هذا التحالف ضحية خلافاتهم. إمارة آل مذخور تشمل مناطق دشتستان وتنكستان تمتعت بموقع تجاري هام في الخليج وكان لها علاقات تجارية مع مسقط والهند والحجاز والبصرة. استطاع آل مذخور عام 1753 م الاستيلاء على البحرين بمساعدة آل زعابي، وكان لهم علاقات وطيدة مع شركة الهند الشرقية الهولندية - البريطانية. من القبائل التابعة لهذه الإمارة، شمر والبومهير وقد ذكرهما نيبور الرحالة فقال: (إنهما من السكان القدماء والأصليين). إمارة آل زعابي: بنو مصعب تأسست هذه الإمارة في ميناء ريق القريب من أبو شهر. يعود نسب آل زعابي إلى قبيلة بني مصعب. ويقال بأن لهم صلة بعشيرة مهرة الساكنة في مدينة جلفار برأس الخيمة. كانت أراضي هذه الإمارة تشمل مناطق ميناء ريق، جزر خرج، خويرج، ومنطقة نهر الحلة، وكانت تملك أسطولاً بحرياً كبيراً وعشرات القطع البحرية. تدين هذه الإمارة بأهميتها إلى التجارة والملاحة. من أشهر حكامها الأمير الشيخ حمد آل زعابي. وبعد وفاة الأمير الشيخ ناصر بن حمد آل زعابي استلم أبناؤه الحكم من بعده، حيث برز مير مهنا واعتبر لاحقاً من أشهر أمراء آل زعابي. فلقد استطاع هذا الأمير إخراج الهولنديين ومن ثم الإنكليز من بلاده ووقف بوجه الفرس والعثمانيين، كما شارك الأميرين ناصر الزعابي ونصر آل مذخور في الاستيلاء على البحرين، وكانت هذه أكبر معركة شارك فيها وكان لا يتجاوز 18 عاما، وشارك في هجوم ملا علي شاه عندما هاجمه بمساعدة بعض قبائل عرب الحولة، كما اتحد مير مهنا مع الشيخ سلمان الكعبي لصد هجوم مشترك شنه الإنكليز والعثمانيون والفرس. ومن مآثر مير مهنّا أيضاً أنه استطاع أن يطرد الهولنديين من جزيرة خرج والخليج إذ كان عمره لا يتجاوز الثلاثين. إلا أن الوضع لم يستمر كذلك إذ ثار الشيخ حسين بن سلطان آل زعابي على مير مهنا بتحريض من الفرس، فذهب مير مهنا إلى البصرة طالبا اللجوء السياسي، ولكن ونتيجة لتواطؤ كريم خان زند مع البريطانيين، إضافة إلى التعاون العثماني في البصرة، اعدم مير مهنا مع رفاقه، وأرسل رأسه إلى بغداد...بعد مير مهنا حكم الأمير حسن بن سلطان لفترة، ثم مير علي آل زعابي إلى أن قضى الفرس على تلك الإمارة بعد تأسيس دولتهم الحديثة. إمارة المدنيين: هي إمارة الشرفاء المدنيين الحسينيين الذين قدموا من المدينة المنورة بطلب من أمراء العباسيين واستقروا في الأحواز. كان مقر حكمهم قرية المربق، ومن أبرز شخصياتهم الشيخ حسن بن سيد محمد بن سيد عبد الحميد الشناوي الذي يرجع نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو من كبار رجال الطريقة النقشبندية في بغداد، فانتقل إلى المدينة المنورة مع أبيه وجده , ثم جاء إلى جنوب شرق الأحواز بطلب من الشيخ عبدالقادر العباسي البستكي، واستقر في بلدة نخيلو حتى توفي سنة 1105 للهجرة. من الشخصيات الأخرى الشيخ مصطفى بن الشيخ حسن المدني والشيخ احمد بن الشيخ حسن المدني وهذا الاخير استقر في مربق وشيد لنفسه قلعة فيها، وكذلك استطاع أن يستولي على ميناء جرون والمناطق المجاورة وعلى كل منطقة لار سنة 1730 للهجرة. وقف أمام زحف نادرشاه افشار وتحالف مع محمد خان البلوشي سنة 1147 للهجرة، لكنه هزم امام الجيش الفارسي وأسر ثم قتل بواسطة الماء المغلي، كل ذلك بأمر من نادر شاه. ومن أمراء المدنيين أيضا الشيخ راشد بن الشيخ حسن المدني الذي أعاد بناء القلعة في مربق (ما زالت آثارها موجودة إلى الآن) وتوفي في بلدة شناص سنة 1178 للهجرة، والشيخ محمد بن راشد بن الشيخ مصطفى الذي بنى قلعة لاور شيخ. كان للشيخ حسن المدني شقيق يدعى الشيخ شعيب المدني بن السيد محمد بن سيد عبد الحميد الشناوي، استقر في نخيلو بعد أن أتى من المدينة مع أخيه ثم رغب في الزهد والعبادة، في جزيرة سماها البرتغاليون لوند إلى أن توفي هناك، احبه الناس وأطلقوا اسمه على تلك الجزيرة، جزيرة شعيب ولكن الفرس غيروا اسمها إلى لاوان بعد الاحتلال.
التنين القادم من الشرق... حذار ايها العرب
الحديث عن الأحواز لا ينتهي، فالسراج العربي الذي أنار طويلا تلك الرقعة الجغرافية، لن ينضب زيته ولن تنطفئ شعلته، ما دام هناك دماء عربية تحاول الثورة، وتقف بوجه الظالم، المستبد، الذي ما زال يحاول قطع الأوردة العربية عن جسد عربي، عن أرض عربية خالصة. والى الآن ما زالت إيران تسعى إلى تغيير ديموغرافية الأحواز عن طريق استقدام العجم من ناحية، والضغط على العرب بشتى الوسائل من ناحية أخرى لدفعهم إلى الهجرة بشكل نهائي من أرضهم. إيران ما زالت تمارس الضغوط على العرب في الأحواز وعلى الحكام وشيوخ القبائل، وتعمل دائما على الحط من شأنهم وتحاول ضمهم إلى الفرس الإيرانيين بكل الوسائل المتاحة وبالقوة اذا لزم الأمر، كما تحاول فرض الثقافة الفارسية باستمرار على العرب. كما لجأت إيران إلى تعيين حكام فرس إيرانيين على شتى المناطق الأحوازية ما ادى إلى غضب العرب ورفضهم القاطع. أما الأمر الذي أدى إلى هجرة الأحوازيين العرب من هناك، فهو القحط الشديد الذي أصاب المنطقة بالجفاف التام فأهلك الزرع والضرع في عام 1361للهجرة. وهكذا فإن هذه الأرض العربية الغنية ضاعت نتيجة التخبط السياسي العربي والتآمر الدولي وخصوصا الأنكليزي في تلك الفترة على العرب. ضاعت هذه الأرض قبل فلسطين والى الآن ليس هناك من يقف ويطالب بحق لعله من أهم الحقوق العربية، ابتلعه التنين الفارسي القادم من الشرق... فحذار أيها العرب

الأحواز الفردوس العربي المسروق -4

بقلم أيوب عودة / موقع المحرر العربي
ليت الزمان يعود يوماً!
إمارة بني أسد العربية: كانت في شمال الأحواز منذ القدم ولا زالت، تستوطن الحويزة. يعود بنو أسد بنسبهم إلى ربيعة بن مدركة بن أياس بن مضر بن نزار، هذه القبيلة ذات بطون كثيرة. استطاع أبناؤها أن يؤسسوا إمارتهم أيام ضعف الدولة العربية العباسية، عندما تشكلت كيانات عديدة ضمن الدولة العباسية، حيث أسسوا إمارة مستقلة اتخذت مدينة الأحواز عاصمة لها. كانت زعامة هذه الإمارة لبني ناشرة بن نصر، وهم فخذ من قبيلة بني أسد، انشقت هذه القبيلة فيما بعد إلى شطرين، وكانت تملك نفوذا واسعاً وتقاليدها وأعرافها عربية متينة، لكنها وبالرغم من نفوذها الذي تخطى الدائرة التي رسمتها لها الدولة البويهية في علاقاتها الخارجية، وزيادة على ما لديها من نزعة نحو الاستقلال، فقد حدث سوء تفاهم بينها وبين الدولة التي تحكم العالم الإسلامي باسم الخليفة العباسي، تطور إلى نزاع مسلح رهيب وقعت بسببه حرب دامية سنة 1012م، وكان أبرز أهداف هذه الحرب الاستيلاء على جزيرة الدبيسية وجعلها تحت تصرف النفوذ البويهي المباشر. أدت تلك الحروب إلى نزوح الأمير علي بن مزيد الأسدي إلى الحلة في بابل، لكن إمارة بني أسد بقيت قائمة، إلا أن ضعفها بعد حين، هيأ الظروف لقيام إمارات أخرى في المنطقة منها إمارة بني عامر آل كثير، والخفاجة. بعد ذلك خضعت المنطقة لحكم المغول لغاية العام 844 حتى قيام الدولة المشعشعية. حيث ساعد بنو أسد محمد المشعشعي وساندوه في دعوته. خليج تميمي! إمارة بني تميم هم من أفخاذ قبيلة تميم العربية، كان يحكمون في التميمية، ثم امتدت سيطرتهم على جميع المناطق المجاورة مثل الدورق، الخلفية، معشور، رامز. يعود تاريخ هذه الإمارة في الأحواز إلى قرون خلت، وتعتبر مدينتا التميمية والخلفية موطناً قديماً لبني تميم. كان مركز حكمهم الأول في التميمية، وبعد قيام الدولة المشعشية أعطى السلطان محسن المشعشعي منطقة الدورق الغنية للأمير عبد التميمي بعد ما استحسن كرم التميمي، كما قام ذلك الأمير ببناء سور حول المدينة وجعلها عاصمة للإمارة بعد ذلك. من بعده تسلّم ابنه الحكم. وهكذا استمر حكمهم إلى أن عاد حكم مدينة الدورق لأمراء المشعشعين. لكنما الفرس استولوا على الدورق وبقى التنافس عليها بين تميم وبني خالد، إلى أن استقر الحكم فيها لبني خالد بعد هجوم نادر شاه. يقول الرحالة نيبور: »كان حرياً أن تطلق على الخليج تسمية بني تميم بسبب كثافة عددهم السكاني الممتد والمنتشر في ضفتي الخليج« يقدر عدد سكان بني تميم في شمال غربي الأحواز بحوالى 70 الف أسرة، تنتمي عشائر وأسر كثيرة إلى بني تميم، ويوجد نهر هناك يطلق عليه اسم نهر تميم. المشعشعين: مؤسس الإمارة المشعشعية هو محمد بن فلاح وينتسب إلى الشرفا الموسوية الحسينية الذين يلقبون بالموالي. امتدت سلطة المشعشعين في الفترة الأولى لتشمل كل الأحواز تقريباً إضافة إلى مناطق واسعة لتصل ميناء ابو حرون مروراً بمنطقة ( أبو شهر ) والجزر، ومناطق واسعة من العراق والجزيرة العربية. صك الملا محسن النقود باسمه في مدن دسبول وتستر والحلة. كان مركز هذه الإمارة مدينة الحويزة، وقد عرفت في عهد الصفويين بإمارة عربستان، وسقطت عام 1903 بيد الشيخ خزعل الكعبي بعد أن دامت حوالى خمسة قرون. ينقسم حكم المشعشعين إلى ثلاث فترات: الأولى كانوا مستقلين، ويلقبون بالسلاطين، الثانية : كانوا امراء عربستان، الثالثة: كانوا موالي الحويزة، وهم محمد بن فلاح وعلي بن محمد، السلطان محسن بن محمد، علي وأيوب ولدا محسن ابن محمد، مولى فلاح بن محسن، وصولاً إلى المولى مطلب بن محمد بن فرج الله.. أما في الفترة الأخيرة من حكم المشعشعين التي امتدت إلى عام 1903 فقد كان حكمهم يقتصر على منطقة لواء الحويزة ( سهل ميسان) حيث قضى الشيخ خزعل نهائياً على حكمهم. وبعد مرور أكثر من ستة قرون على نهضة سعيد محمد المشعشعي فإن هناك أكثر من 300 ألف أحوازي ينسبون أنفسهم إلى سلالته منقسمين إلى عشرات العشائر والبيوت.
فشل الفرس.. فغدروا
أشراف مكة.. صنعوا إمارة كعب كعب آل ناصر هاجر الشيخ محمد بن علي بن يحيى السبيعي الذي كان يرأس قبيلته في مكة المكرمة مع عشيرته إلى البصرة، بعد خلاف وقع بينه وبين أشراف مكة حيث سكنوا هناك في منطقة تدعى سدة الهندية، وهو يعتبر الجد الأكبر لأمراء بني كعب، بعد ذلك انتقلوا إلى مناطق الشيخ صقر التميمي في نهر الهميلي في الأحواز، وبعد وفاة الشيخ محمد بن علي ترأس القبيلة الشيخ ناصر بن محمد، ثم وبعد خلاف أيضاً نشأ بينهم وبين بني تميم، هاجر بنو كعب إلى أطراف منطقة كوت عبد الله التي سميت باسم الناصرية نسبة إلى الشيخ ناصر، وليس كما يقال نسبة إلى ناصر الدين شاه القاجار. أسس ناصر بن محمد الكعبي هذه الإمارة شمالي الخليج وشمال غربي الأحواز، وجعل مركز حكمه في مدينة القبان ثم نقل الشيخ سلمان العاصمة إلى الفلاحية (وقد سماها الفرس بعد ذلك شاكان) التي بناها بالقرب من الدورق. هذه الإمارة كانت تعد من أهم الإمارات في التجارة وفي الإعمار وكان من أشهر زعمائها الشيخ سلمان الكعبي والشيخ تامر، وقد توسعا في الإعمار والبناء في نطاق جغرافيتهم. من أبرز ما يذكر عن هذه الإمارة اتحادها مع إمارة آل زعابي للوقوف بوجه العدو المشترك أكان فارسياً أم تركياً أم غير ذلك. من أمراء كعب آل ناصر: الشيخ ناصر بن محمد، الشيخ بندر الذي حكم مدة طويلة، الشيخ خزعل، وكان نفوذهم يشمل كل المناطق الغربية في الأحواز، واستطاعت أن تضم منطقة الحويزة، وتقضي على حكم المشعشعين. احتلت الدولة الفارسية الأحواز على يد رضا خان بهلوي، فبعد فشل الفرس بتحقيق نصر عسكري على الشيخ خزعل غدروا به بمساعدة الأنكليز وقاموا باختطافه من على متن يخته، في العام 1925 حيث نقل إلى طهران وسجن هناك مدة 11 عاما إلى ان قتل على يد رئيس شرطة طهران بأمر من رضاخان بهلوي. إمارة آل كثير آل كثير قبيلة عربية تسكن في الشمال الغربي للأحواز، وتعود جذورها إلى بني غزية بن أبي غنم بن حارث بن ثوب بن معن بن عثود بن حارثة بن لام. تواجد أفرادها في نجد وأطراف الرياض ومنهم من استوطن حضرموت في جنوب اليمن. أول شيوخهم في الأحواز كان الشيخ خنيفر خلال الأعوام 1038 ـــ 996 للهجرة، ومن بعده انقسمت آل كثير إلى قسمين هما: بيت سعد بن خنيفر، وبيت كريم بن ناصر بن خنيفر. ومن أبرز شيوخهم الشيخ فارس وابنه الشيخ سعد الذي حارب الأمير مُلاّ المشعشعي ووسع حكمه ليشمل شرق نهر كارون، وصولاً إلى الحدود الجبلية مع البختيارية. ثم حكم الشيخ ناصر سنة 1165 للهجرة، من بعد أن أبعد الشيخ سعد من الحكم. وهكذا استولى على دسبول وتستر وكل شمال غربي الأحواز. من أبرز شيوخ آل كثير: الشيخ حداد الذي اتخذ لنفسه لقب الملك وصك العملة باسمه، وجعل من قلعة السلاسل مركزاً لحكمه في تستر، بيد أنه هزم أمام الجيش المشعشعي الذي كان بقيادة ملا عبدالله، أسر ونقل إلى الحويزة، إلا أنه استطاع الخروج من السجن ليعود إلى الحكم من جديد، لكنه ما لبث أن أسر من جديد في معركة مع الفرس كتبت له الهزيمة فيها أيضاً. وهكذا فقدت إمارة آل كثير استقلالها الخارجي. ثم حكم ابنه الشيخ فرحان إلى أن أرسل له الشيخ خزعل آل مرداو الكعبي جيشاً كبيراً، وبعد معارك عدة مالت الدفة فيها لصالح الشيخ خزعل قبل آل كثير الصلح، وخضعت الإمارة لنفوذ حكم آل مرداو وتزوج الشيخ خزعل ابنة الشيخ فرحان ليكسب منه الولاء المطلق، انطلاقاً من علاقة المصاهرة. هذه الأحداث، هذا الشريط من الوقائع التي مرت في ذاكرة الزمان، هي الإثبات الأكيد، والدليل القاطع على عروبة هذه الأرض منذ فجر التاريخ وحتى اليوم. وهناك روايات كثيرة عن بطولات الشعب الأحوازي، تعبر عن تمسك هذا الشعب بأرض شهدت انطلاقته وكانت أمينة عليه . لم يذكر عن الأحوازيين أي تخاذل في الدفاع عن أرضهم، وكثيراً ما تغنى التاريخ ببطولاتهم، لكنما الفرس أدخلوا كل ذلك في عتمة لا آخر لها.
بطولات ... أسدل الفرس عليها الستار سيدة أحوازية تلحق الهزيمة بجيوش مدججة.. بالأساطيل
يذكر التاريخ بأن المرأة الأحوازية كان لها دورها الكبير أيضاً في الدفاع عن الوطن؛ ففي العام 1765 أقدمت الدول الثلاث بريطانيا، تركيا، ومعهم الفرس على غزو إمارة كعب في الفلاحية، حيث أرسلت بريطانيا أسطولاً بحرياً كبيراً، وأرسل الأتراك مجموعة برية كبيرة، تألف الجيش الفارسي من عدد كبير من الجنود ويقال إنه كان أكثر من عشرين ألف جندي. عندما رأى الكعبيون، وكان على رأسهم الشيخ سلمان الكعبي، هذه القوى الكبيرة التي تهاجمهم، أيقنوا بأنهم لن يتمكنوا من ردع الغزاة ودحرهم، ففضلوا التحصن بالفلاحية، حيث طبيعة الأرض هناك بمثابة رادع طبيعي لكل الغزاة، فالهور والمستنقعات كثيرة، وليس من السهولة بمكان المرور بها. بعد حصار دام طويلاً، نفذت المؤن لدى الكعبيين، ولم يستطع شيوخ بني كعب ايجاد الحلول الناجعة لفك هذا الحصار الثلاثي عن إمارة بني كعب. وفي أحد الأيام دخلت عليهم ابنة الشيخ سلمان وهي تلبس زياً عسكرياً، وتحمل السلاح بيدها وقالت للحضور: هذا وطنكم، فكيف تجلسون وترتضون أن يدوس الإنكليز على شرفكم وعرضكم؟ إجلسوا إن أردتم، أما أنا فذاهبة إلى الحرب مع الطغاة.... كلام إبنة الشيخ فجر بركان الحماسة لدى أهلها ومواطنيها، فطلبوا من الشيخ سلمان أن يسمح لهم بمواجهة الأعداء. وفي الليلة ذاتها هاجم الأحوازيون الأعداء بشراسة وقوة فهزموا الجيوش المعادية وأحرقوا سفن الأسطول الأنكليزي وغنموا غنائم كثيرة. إضافة إلى هذه الإمارات التي ازدهرت في الأحواز، شهدت المنطقة عدداً من الحكومات والدول أيضاً. من قصص البطولة.. علي كمال الأحوازي: ومن البطولات الأحوازية الاخرى قصة حقيقية بطلها علي كمال الأحوازي، وهو عربي من أهالي نخيلو في جنوب شرق الأحواز، بطولات هذا الرجل تعتبر من أبرز الصفحات المشرقة في السماء الأحوازية، بيد أنها كغيرها بقيت طي الكتمان، لأن الفرس أرادوا ذلك. بعدما رأى علي كمال بطش الفرس بالعرب، وخصوصاً في المناطق التي سلبها الاعاجم من العرب، حاول هذا البطل الأحوازي توحيد الصف العربي، وسعى إلى ذلك بكل ما يملكه من حسن تدبير. قام علي كمال بتحصين أقرب ميناء، وخبأ السفن وراء الرمال وتحصن بشكل جيد، وعندما هاجمه الفرس، صد هو ورجاله هجمات الفرس الذين كانوا يملكون أسلحة حديثة ومتطورة في ذلك الحين، إضافة إلى أعداد هائلة من الرجال المدربين، بينما علي كمال لم يكن يملك هو ورجاله القلائل سوى البنادق الخفيفة، ومع ذلك تمكن من صد الجيش الفارسي المهاجم، واصيب علي كمال بجروح كبيرة ما اضطره إلى التراج. تراجع علي كمال لكنه ظل البطل الذي لم يستطع الفرس إخضاعه، وبقي في الاذهان ذلك الجندي الذي لا يتخلى ابدا عن وطنه...

الأحواز الفردوس العربي المسروق -3

بقلم أيوب عودة / موقع المحرر العربي
الهدف إلغاء العروبة
الأحواز... مقاطعة عاشرة ليس إلا عرب حتى الرمق الأخير... وصراع قومي حقيقة لا يمكن تجاهلها: عربستان عربية! وهذه العروبة تعود إلى تاريخ سحيق في منطقة نهر كارون العرب هناك كانوا الأغلبيةالساحقة، وطن عربي، والعروبة فيه ولدتها ظروف معينة، منها ما هو تاريخي، يعود إلى جذور الماضي البعيد. كل الحقائق تشير إلى أن الفرس كانوا غزاة لهذه الأرض؛ لقد حكم العرب الفرس لقرون طوال، ولم يقفوا يوماً ليقولوا بلاد فارس عربية، لم يطالبوا بها، وبأبسط عبارة، وإذا عدنا إلى التسمية (عربستان) فإن الفرس أنفسهم كانوا أطلقوا هذه التسمية، لأن غالبية سكان المنطقة كانوا من العرب، فالتسمية مصادقة على عروبة الأحواز من قبل الفرس، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإننا اذا عدنا إلى نظام الحكم عند كل من عرب الأحواز والفرس، لوجدنا اختلافاً جذرياً بين النظامين، لا وجود لأي تشابه بينهما، فأسلوب الحكم في فارس يقوم على الدولة التي يرأسها شاه (ملك)، أما في عربستان فالحكم للقبيلة، وعلى رأس كل قبيلة شيخ، وبنظرة خاطفة نجد أن كل جزيرة العرب كان تسير على هذا المنوال، وهناك من يقول إن نظام الحكم هذا جعل إيران الفارسية تستخف بعربستان كنظام سياسي قائم بذاته، فلم تعترف به البتة. والواقع ان إيران لم تمارس سيادة مطلقة على عربستان، إلا بعد احتلالها بالكامل عام 1925، وبعد أن حولتها إلى مقاطعة عاشرة منها، وكل الادعاءات التي تقول بأن شيوخ القبائل العربية هناك وافقوا على إعلان الولاء لفارس، بناء على أنهم دفعوا الضريبة لها، هي ادعاءات باطلة روجت لها إيران لكي تشرع ضم عربستان لنفوذها ولسلطانها. شيوخ العرب دفعوا الضرائب للدولة العثمانية أيضاً، فلماذا لم تطالب دولة الأتراك بعربستان، ولماذا لم تجعلها مقاطعة تابعة لها؟؟ لم تكتف إيران بذلك فحسب، بل أقدمت على ضم جزر البحرين أيضاً، وأطلقت على الخليج العربي اسم الخليج الفارسي، بالرغم من كونها أبقت على تسمية: شط العرب، وبالرغم من كون كل السكان هناك من العرب، والضفاف عربية، ناهيك عن العادات والتقاليد وما إلى ذلك. العنصر العربي يعتبر المكون الأكبر والأساسي في الأحواز، هاجروا اليها منذ أقدم العصور، ولا سيما قبل الفتح الإسلامي وكونوا كما اسلفنا حكومة ميسان العربية في غربي نهر كارون، وحكومة اليمائيس في شرقي هذا النهر، ويدل على ذلك، أسطول الأخمينيين الذي كانت قيادته بيد العرب.
هنا يتربع الأصل العربي جذور متأصلة... وعين فارسية حاقدة
عرب الشمال: هم من أقدم القبائل العربية التي استقرت في شمال غربي الأحواز قبل الإسلام : بنو حنظلة، بنو العم، وهم من مالك وتميم وأصلهم من اليمن، وهؤلاء كانوا عونا للعرب والمسلمين في تركيز الدعوة الإسلامية. قبيلة الصقور نزحت من العراق، واستقرت في القبان وبقيت فيها حتى أجلاها بنو كعب. هناك قبائل عربية أخرى نذكر منها: قبيلة بني تميم وهي من القبائل الكبرى في الأحواز إضافة إلى عشائر أخرى كثيرة. بنو كعب: من أكبر القبائل العربية في الأحواز وفيها: كعب آل ناصر وفي هذا الفخذ عدد من العشائر أهمها: العساكرة، المجدم. بنو طرف: من القبائل العربية الكبيرة، التي قطنت غربي الأحواز في منطقة ميسان، ومدينة الأحواز. قبيلة طي: أهم العشائر التي تنتسب لها هي: بيت امنشيد، بيت مهاوي، بيت حاج سبحان، بيت زاير علي، بيت شرهان، كذلك تحالفت معهم عشائر عربية من أصول مختلفة، كالبوكلدة والهل والشاخة والفريسات. إضافة إلى ذلك هناك أيضا قبيلة الباوية وهي من كبرى القبائل الأحوازية، وتقطن على ضفاف نهر كارون. بنو لام: من عشائرهم آل راجي لويمي، عبد الخان فرج، صرخة. وتأتي بعدها قبيلة آل خميس. بنو سالة: وهي من العشائر الكبيرة في جنوب غربي الأحواز وتسكن هذه العشيرة مقاطعة الحويزة وتقسم إلى ثمانية أقسام هي البو عذار، براهنة، البوغنيمة، مناصير، البوسويط، حلاف وحمودي. ثم تأتي بعدها عشيرة السلامات، ويرجع نسبها إلى قبيلة الباوية، وتسكن الأحواز. عشيرة الشريفات ويرجع نسبها إلى عشيرة الأشراف في مكة المكرمة، وقد هاجرت إلى الأحواز في بداية حكم بني كعب، وتنقسم إلى قسمين وهما الرجيبات وبني رشيد. العكرش وتنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي بيت غالب، بيت حسين ودغاغلة. السادات او الشرفا تعود نسبتهم إلى بني هاشم، من قريش وهم الأشراف. العرب في الجنوب الشرقي للأحواز (ليان): سكنت في تلك المنطقة قبائل وعشائر عربية وقد أطلق على بعض من هذه الأسر اسم »الهولة« وهي بالأصل الحولة أي العرب، الذين تحولوا من الساحل الغربي إلى الساحل الشرقي من الخليج العربي وبالعكس. وسبب تحريف هذا الاسم كما ذكر سابقاً بشأن الأحواز التي تلفظ أهواز، أن الأعاجم لا يستطيعون لفظ حرف الحاء فيبدلونه بالهاء، لذلك أطلقوا عليها اسم الهولة بدلاً من الحولة. من القبائل العربية أيضاً: قبيلة العبادلة، ومفردها العبيدلي أو العبدولي. قبيلة آل حماد ومفردها الحميدي، ثم أصبح الحمادي، قبيلة الجبور ومنهم آل أبو طامي والنصوري، قبيلة العبادي وموطنهم أختر، قبيلة آل علي، ومنها حكام جزيرة قيس وميناء (شارك)، وهم أولاد عمومة حكام أم القيوين، قبيلة آل حرم ومفردها الحرمي، قبيلة ابن تميم ومفردها التميمي، قبيلة بني مالك ومفردها المالكي... بالإضافة إلى قبيلة الأنصاري التي يرجع نسبها إلى قبيلتي الأوس والخزرج. قبيلة آل بشر ومفردها البشري، قبيلة المزاريق ومفردها المرزوقي وهم أبناء عم قبيلة العجمان العربية، قبيلة المناصير ومفردها القاسمي ومنها آل حاتم وآل احمد وآل عبد الوهاب وآل شكا وآل ويني الربيعة، قبيلة القواسم ومفردها القاسمي ومنها حكام (لنجة) والشارقة ورأس الخيمة، قبيلة الحوسني، قبيلة البوسلار ومنهم آل الكندري، آل رستم، آل طالب، آل خلفان، آل عبد القادر. قبيلة العسيري وهم يسكنون جزيرة فيلكا في الكويت، وهناك آل العسيري أيضاً نسبة إلى عسير، وهي قرية في جنوب شرقي الأحواز ينتسب لها البعض، قبيلة الجناعات، عشيرة أل صرى، التي سكنت لفترة جزيرة صرى، وقد أطلق عليها الفرس اسم سيري، بالقرب من رأس الخيمة، لكنها كانت تتبع مشايخ عرب الحولة في الجنوب الشرقي للأحواز. إضافة إلى ذلك، هناك قبيلة الهاشمي التي سكنت خولار وهي تنتمي إلى آل البيت أي إنها من أشراف مكة، ومنها آل مصطفوي في دولة الإمارات، وشجرة نسب العائلة في هذه القبيلة يتوارثها الأولاد والأحفاد من جيل إلى جيل. قبيلة المدني ومنها سادة لاور شيخ، وينتسبون إلى آل البيت أيضا، وعرف منهم الشيخ حسن والشيخ يوسف، ولهم أتباع في الباطنة في عمان، قبيلة الروستاق وكانت لها مع آل الحمادي أرض كبيرة على شكل سهم تسمى منطقة الروستاق، قبيلة الشيباني ومنها كنادرة و(جدهم). يسكن بعضهم في موانىء وقرى جنوب شرق الأحواز، وبعضهم في شط ابن تميم، قبيلة العباسي التي يرجع نسبها إلى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، سكنت في خنج وبستك. قبيلة آل سودان ومفردها السويدي وسكنت في جزيرة فارور وهنرابي وجزيرة الشيخ شعيب، قبيلة شمر في أقصى جنوب شرق الأحواز، حكموا جزيرتي جسم وهرمز وميناء جرون وأحواش وجاسك. قبيلة العوازم ومفردها العازمي، سكن فخذ منها في منطقة تدعى آل رشدان في منطقة ميناء كنج، قبيلة العتوب، وتتواجد في ميناء ديلم وفي ابو شهر، وبعضها في المناطق الغربية من شط العرب، قبيلة بني مصعب ومنهم عشيرة آل زعابي حكام إمارة ريق، قبيلة الخليفات تتواجد في ميناء ابو شهر. إضافة إلى كل ما تقدم هناك الكثير من الأسر والعائلات الكبيرة مثل: الخاجة، النجدي، الخاطر، الحميدي، الخان. اختلاط ألبس العرب زياً مختلفاً لكن عروبتهم لم تبدلها الأزمات منحدر الجبل.... وعرب الكمرية الجبيلات او الجبلانية ويطلق عليهم الفرس اسم عرب كمري، والكمرية أو الكمر كلمة فارسية تعني الحزام أو النطاق، وتأتي أيضا بمعنى منحدر الجبل، وهم من مكونات الشعب الأحوازي، يسكنون الجبال على مسافة 850 كلم من جبال زاغروس. وهم من قبائل عربية شتى، سكنوا الحزام الجبلي للأحواز قبل قرون، فاختلطوا بأقوام غير عربية كانت ترابط ما بين هضبة إيران وجبال زاغروس، ففقدوا بعضاً من مقوماتهم العربية نتيجة للتفاعل الثقافي والاجتماعي بينهم وبين الشعوب الأخرى غير العربية. فمن ناحية الثياب لبسوا زي غيرهم من الشعوب مثل: البختيارية، الترك القشقائين، الأكراد، البلوش، والفرس، إلا أنهم ما زالوا يحتفظون بكثير من العادات والتقاليد العربية، ويمكن تمييزهم بسهولة عن الشعوب والأقوام الأخرى. السريان: يعتبر السريان من السكان المحليين للأحواز ويتركزون في السوس، وتستر، وجندي سابور، رامز، بهبهان وبيروت. هاجر بعضهم من الروم الشرقية (سورية الكبرى) إثر خلاف مذهبي حصل بين النسطوريين وحكومة الروم، عندما حاولت الأخيرة توحيد المذاهب المسيحية. من الشخصيات السريانية المعروفة: بختيشوع بن جبرائيل الذي عاش زمن الخليفة المتوكل، وقصد بغداد من جنديسابور لمعالجة الخليفة المنصور. هكذا عاشت هذه الجماعة من الشعب الأحوازي معظم الأدوار التاريخية التي مرت بها البلاد طيلة 1600 سنة. حصل السريان على مناصب كثيرة زمن المشعشعين والكعبيين (البوناصر وآل بوكاسب). كان السريان الذين عاصروا الدولة الكعبية وهم يتكلمون العربية بطلاقة، لكن الجيل الجديد لا يعرف العربية، لأن السلطات الإيرانية قد زرعت بذور التفرقة بين أبناء الشعب الأحوازي. الصابئة (المندائيون) الصابئة المندائيون يعتبرون يحيى عليه السلام نبياً أرسله الله لهم. يقدس أتباع الدين الصابئي الكواكب والنجوم ويعظمونها، ويعتبرون الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي »سلوكاً مقدساً«، ويؤدون طقوس التعميد في المياه الجارية.وهم من المكونات الرئيسية للشعب الأحوازي، ويعتبرون بأن دينهم من أكثر الأديان قدما، إذ يعود إلى عهد آدم عليه السلام، وينتسبون إلى سام بن نوح عليه السلام. مسكنهم الأصلي كان في القدس إلا انهم طردوا منها بعد الميلاد، فهاجروا إلى حران، ثم إلى موطنهم الحالي في جنوب العراق والأحواز. انتشر الصابئة على ضفاف نهر كرخة ومنطقة ميسان، وتمكنوا من العيش بحرية تامة كما حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم الدينية وشاركوا في ازدهار الحضارة الميسانية واليمائيس، وقد سهل لهم الدين الإسلامي آنذاك تأدية طقوسهم الدينية والدنيوية حتى القرن التاسع للهجرة. المندائيون كانوا يسكنون الحويزة، نزحوا منها إلى تستر وأطراف نهر كارون وشط العرب والمحمرة والكرخة نظرا للمضايقات التي مارسها عليهم المشعشعون، حيث تعايشوا مع سكان المنطقة وأطلق لهم العنان كي يمارسوا ديانتهم وتقاليدهم وأعمالهم الحرفية بحرية. وقد رحب بهم اهالي الجوار وسكان المنطقة، ولا سيما شيوخ العشائر والقبائل العربية، إذ أذنوا لهم بزرع الأراضي واستغلال محاصيلها. ولكن وبسبب عنصرية الفرس الشديدة، والمضايقات التي تعرضوا لها من قبلهم، والاضطهاد القومي الذي لاقوه من قبل سلطات الاحتلال الفارسي، إلى درجة أنهم لم يقبلوا لحد الآن كأقلية دينية معترف بها في إيران، فقد هاجر الكثير منهم حاليا إلى دول الخليج العربي واوروبا واستراليا... زمن الفتوحات الإسلامية... والمجد الضائع: في زمن الفتوحات الإسلامية وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كان مركز ميسان يقع في نهر (تيري) والذي موقعه الآن بالقرب من قرية كوت الطالقانية الراهنة والواقعة على بعد 35 كلم غرب الناصرية. وقد فتحها عتبة بن غزوة، وما إن أصبحت تحت تصرف المسلمين حتى ولي عليها فاروق بن نعمان بن عدي، وأهم مدن ميسان في ذلك العهد: الكرخة والبطائح والحويزة. ولكن كيف كان حال الأحواز في العصور الإسلامية الأولى؟ وكيف كان نظام الحكم هناك، وما هي الإمارات التي شهدت النور في الأحواز؟....
من البادية إلى القادسية
عودة إلى الأحضان: الأحواز في العصور الإسلامية الأولى: الصدام بين المملكة الساسانية ودولة الإسلام، لم يبدأ عندما رفض الملك يزدجر ابن شهريار دعوة الرسول الأمين للدخول في الإسلام، وإنما عندما طلب من عامله في اليمن السير لقتال المسلمين، إذ شرع المسلمون الأوائل في العراق بمهاجمة الحاميات العسكرية الساسانية. بيد أن هذه الحملات لم تحقق الهدف المنشود، لذلك أرسل الخليفة أبو بكر الصديق بعض المجاهدين بقيادة خالد بن الوليد فلما صارت الخلافة إلى عمر الفاروق، أرسل الجيش الإسلامي بقيادة سعد بن أبي وقاص لمحاربة الفرس، فاستطاع هذا الجيش أن يلحق الهزيمة بالساسانيين سنة 636 م في معركة القادسية، هرب على إثرها الملك الساساني يزدجر إلى إقليم الأحواز، حيث استطاع السيطرة على الإقليم بعد إخضاع الإمارات السامية التي كانت شبه مستقلة، ولكن الجيش لإسلامي لم يتوقف بعد معركة القادسية بل استمر في فتح مدن العراق والأحواز الواحدة تلو الأخرى. ولم يأت العام 637 حتى عادت الأقاليم إلى السيادة العربية تماماً، وبعد ذلك اتجه جيش من العرب بقيادة عثمان بن أبي العاص عن طريق البحر وحرر الأحواز من الاحتلال الفارسي، وجعل مدينة توج عاصمة للعرب المسلمين. في ذلك العهد، عهد الدولة الإسلامية، ألحق إقليم الأحواز إدارياً بولاية البصرة، وتولى حكمه ولاة كانوا يعينون من قبل الخليفة، يعزلهم في حالات تقصيرهم، وكانت السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس في الإقليم باسمه، ونيابة عنه. بعد قيام الإمبراطورية العربية الإسلامية.لم تعد هناك حدود فاصلة بين إقليم الأحواز والأقاليم الإسلامية الأخرى، حيث أصبح هذا الإقليم جزءاً من وحدة سياسية متماسكة في عهد الراشدين وفي ظل الأمويين والعباسيين. لعل أهم محطات العصر العباسي التاريخية كانت ثورة الزنج، وخروج الشيخ أبو سعيد الجنابي على الخليفة المعتضد العباسي، الذي استطاع أن يستولي على الجزر والساحل الشرقي الأحوازي، ومن ثم البحرين، (التي كانت في ذلك الوقت تعتبر منطقة ممتدة من شط العرب عبر سواحل شبه الجزيرة العربية إلى حدود عمان وكانت عاصمتها البرية مدينة هجر في ساحل الحسا). بعد مقتل الشيخ الجنابي تولى ابنه سليمان الحكم وعمل على توسيع حكم القرامطة ليشمل كل سواحل الخليج العربي والجزر، وكذلك استولى على مكة المكرمة في العام 317 للهجرة، وقام بنقل الحجر الأسود إلى مدينة هجر وجعله في جامع المدينة، وطلب من الناس أن يحجوا نحوه، ولكنه ما لبث أن أعاده إلى مكة المكرمة، وهكذا استولى أبو سعيد الجنابي وأولاده من بعده على الخليج والحجاز طيلة قرون وأقاموا الخطبة باسم الخليفة الفاطمي. إن أهم النتائج التي ترتبت على الفتح الإسلامي، هي زوال وانحسار كل سيادة سابقة عليه، بحيث أصبح جزءاً من إقليم الدولة العربية يخضع لسيادتها ويندمج في ثقافتها. غزو مغولي وسقوط عباسي: الإمارات التي قامت في شمال غربي الأحواز: كانت حال الأحواز تماثل غيرها من بقية الأقطار العربية في مشرق الوطن العربي، ولكن بعد انقضاء تلك المرحلة المظلمة، أقامت القبائل والعشائر العربية حكماً امتد نفوذه إلى ما بعد الأحواز العربية. بيد أن الدولة الإيرانية عملت على طمس معالم الدول والإمارات العربية التي قامت في تلك المنطقة، ما أدى إلى هجرة أهل تلك الإمارات إلى الساحل الغربي والعراق فراراً من الاضطهاد. تمتعت تلك الإمارات باستقلال داخلي تام، وأبت أن يتدخل الفرس في شؤونها، إلا في فترات محدودة، وكان شيوخها يلقبون بثلاثة ألقاب من قبل حكام الفرس؛ لقب خان الحاكم الذي يعني الشيخ أو الزعيم. لقب الشيخ رجل العلم. لقب آغا الذي يعني السيد. وبناء على ذلك فكل حاكم من هؤلاء الحكام يعيش في إمارته مع قبيلته، ويمارس نفوذه تحت شروط وحدود معينة مع التبعية الإسمية للحكومة الإيرانية أو العثمانية التي كانت تمارس ضغوطاً على حكام الإمارات والقبائل العربية، لتكسب لنفسها حقوقاً على المنطقة، ومنها دفع الضرائب على المنتوجات الزراعية والرسوم الجمركية على البضائع التي تصل إلى الموانئ في تلك المنطقة.

الأحواز الفردوس العربي المسروق -2

بقلم أيوب عودة / موقع المحرر العربي
التخاذل العربي جعل من عربستان لقمة سائغة والتآمر الدولي على العربوالإسلام أطلق يد الفرس
بالرغم من أهمية عربستان في تاريخ العرب القديم واتصالها الوثيق بالتاريخ المعاصر، إلا ان أحدا لم يتطرق إلى الحديث عن تلك الجريمة النكراء بحق أرض وشعب، دفعت بهما رياح التخاذل العربي والتآمر الدولي - إضافة إلى الأطماع الفارسية - إلى هاوية ضياع الأرض ومحاولات إلغاء القومية تحت ضربات المطرقة الفارسية التي لا ترحم، وسندان التآمر الدولي على العرب. الواقع يقول أن عربستان ما زالت تعاني من فقدان معالم المستقبل الواضحة، ما زال الضباب الفارسي يحجب الطريق، وما زال الشعب العربي هناك يناضل في سبيل الاستقلال، لا بل يبذل كل غال بغية التحرر من سيطرة فارسية ثقيلة، لا تسعى إلا إلى قطع كل الأوردة التي تغذي القلب العربي هناك في عربستان. الأحوازيون يؤمنون بحق تقرير المصير، وقطعا لا يعترفون بالسيطرة الفارسية وبالقمع الفارسي، ويعارضون سياسة إيران التي تسعى إلى عزل الأحوازيين عن العرب وعن العالم ؛ سياسة تهدد أي تحرك وطني يسعى إلى الاستقلال ويهدف إلى السيادة الحقيقية لشعب عربي على أرضه. شيوخ ومصاهرات وعشائرية ترفض الانصياع ازدهرت الأحواز بشكل لم تشهده من قبل، أيام إمارة الشيخ سلمان بن سلطان، (1667-1737) حيث اشتهر هذا الرجل بذكائه الشديد، فمال إلى تشجيع الزراعة والتجارة في كل المناطق التي كانت تنضوي تحت سلطانه، واستعان بالخبراء لكي يعزز أسطول الإمارة، فنافس بذلك الأسطول العثماني، وفرض الضرائب على السفن المارة في شمال الخليج دونما استثناء، وتمكن من إخضاع المنطقة بأسرها لسيطرته، فأصبحت الموانئ الممتدة من جزيرة عبادان إلى مدينة بوشهر وصولا إلى سواحل عمان والخليج العربي واقعة تحت نفوذه القوي. ذكاء هذا الرجل أقلق الأتراك والفرس معاً، والإنكليز أيضاً.. فشن كريم خان الحرب عليه، بإطلاقه حملة كبيرة لكسر شوكته، وضم تلك البلاد العربية إلى فارس، لكنه باء بالفشل، فعاد خائبا مستاءً من نفوذ عربي يتعاظم ويكبر وليس هناك من يقف بوجهه. وكذلك فعل الاتراك ولكنهم لم يوفقوا، عندها لجأوا ومعهم الفرس إلى محاربته متحالفين سنة 1765م. هدف كريم خان إلى تحقيق حلمه التوسعي الفارسي، فهو كان يسعى دائماً إلى ضم العراق أيضاً إلى فارس وليس عربستان فحسب، خصوصاً وأن العراق هو موطن أئمة الشيعة. وحاربه الاتراك لأنهم شعروا بالضعف أمامه، وخصوصاً أنه لم يقم بدفع الجزية كغيره من أمراء المنطقة من قبل، أما الإنكليز فشعروا بأن مصالحهم مهددة بشكل كبير في المنطقة. لكن الشيخ سلمان استطاع أن يشتت أساطيل المتحالفين، فلجأ الأتراك إلى مصالحته، بينما زحف كريم خان بجيش كبير، فلم يكتب له النجاح للمرة الثانية أيضاً، نظرا لوعورة الأرض، وللمقاومة العربية، فاضطر إلى الانسحاب.
شجاعة تملأ الدنيا
بعد كريم خان تفرغ الشيخ إلى الإنكليز، حيث وجه اليهم ضربته واستطاع ان يستولي على بعض سفنهم. في هذا الوقت بالذات وجه الإنكليز أنظارهم إلى هذه المنطقة، وفكروا في إدخالها ضمن دائرة نفوذهم... شجاعة الشيخ سلمان القيادية والعسكرية أذهلت الاعداء، الذين كتيرا ما أبدوا إعجابهم بمهارته القيادية والعسكرية، ويحكى أن شهرته ملأت الأقطار حتى وصلت إلى أوروبا.
صراع وذرائع فارسية
المنطقة العربية في الشرق شهدت صراعا عنيفا بين الفرس والعثمانيين، وسباقا على السيطرة قل نظيره، بدءاً من القرن السادس عشر وصولاً إلى القرن الثامن عشر، وكانت عربستان النقطة الجوهرية في هذا الصراع، في حين كان أمراؤها من العرب المحليين، يتمتعون باستقلال ذاتي في إماراتهم. وقد تعرضت لكثير من الهجمات الفارسية والعثمانية، أكثر من بقية الإمارات التي تجاورها لأنها تشكل الحد الفاصل بين الفرس والأتراك، وتشرف على الطريق المؤدية إلى العراق من إيران، لذلك طمعت بها كل القوى التوسعية في المنطقة، ذاك أن من يسيطر على منطقة الأحواز يملك التفوق على غيره، نظراً إلى أهميتها البالغة في الدفاع والهجوم.. الذريعة التي قدمها الفرس لتبرير محاولات ضم عربستان كانت تقول: إن شيوخ عربستان أقدموا على ضم أراض فارسية إلى نفوذهم، كما انهم وحسب الرواية الفارسية أيضا، لم يعلنوا استقلالهم عن إيران، وان بعض شيوخ عربستان أعلنوا الولاء المطلق للفرس فليس هناك ما يعيق ضم عربستان إلى الدولة الفارسية. لقد اتبع الفرس ولفترة طويلة سياسة خاصة في عربستان، طوال ذلك الصراع المرير عليها، فكانوا يمارسون على الحكام ضغوطا تدفع بهم إلى إعلان الولاء التام للشاه، ويعقب ذلك دخول الجيوش الفارسية إلى الأراضي العربية.. والحق ان عربستان حملت كل الأعباء وحدها؛ عبء الادعاء العثماني، والفارسي! فالفرس والاتراك اعتبروا أبناء عربستان مجرد رعايا، فما كان من شيوخ عربستان إلا أن استغلوا هذا الوضع المتفاقم، وهذه الخلافات، وسعوا إلى تأجيج الخلاف الفارسي العثماني بهدف المحافظة على استقلالهم، الأمر الذي مكنهم من السيطرة على كامل أراضيهم، وتوطيد نفوذهم في شط العرب، واحتلال الكثير من القرى والبساتين والجزر هناك، حيث وصلوا إلى البصرة فأخضعوا الملاحة في شط العرب وجعلوها في يدهم، ولكن فارس لم تستطع ممارسة نفوذها وسيطرتها الكاملة على عربستان، نظراً لنقص في إمكاناتها من ناحية القوة العسكرية آنذاك. رفض شيوخ عربستان على الدوام التنازل عن سيادتهم، ومن الملاحظ أيضاً أن علاقة الأقاليم كانت أوثق مع العراق، وخصوصاً البصرة، مما هي مع بلاد فارس، ولا ننسى أن العوامل الجغرافية كان لها الدور الكبير أيضاً في هذا التمازج الوثيق.
أبعد من الأحواز
العتبات الشيعية المقدسة وحلم ضمها الحماية للشيعة.. والهدم لمعالم السنّة تخبط دولي ومعاهدات... وغموض بعد معاهدة أرضروم الثانية قسمت عربستان إلى منطقتي نفوذ، الأولى تابعة للفرس والثانية خضعت للنفوذ العثماني، لكنما هذا التقسيم كان على أساس عشائري من الصعب أن يطبق على الأرض، الأمر الذي دفع بالدولة العثمانية إلى الاحتجاج. حيث نصت المعاهدة على أن العشائر المعترف بتبعيتها للفرس، يجب أن تخضع للدولة الفارسية، ولكن القبائل لم تتنازل عن سيادة أراضيها لفارس في يوم من الأيام، ولم تتصل بها لا من قريب ولا من بعيد، وخصوصاً من ناحيتي القومية واللغة. كما حصل مع بني كعب. قدمت الدولة العثمانية مذكرة للسفيرين البريطاني والروسي، جاء فيها أن فارس لا تملك حق السيطرة على أي قسم من الأراضي أو الموانئ الموجودة في إقليم عربستان، وأشارت المذكرة بأن فارس لا يمكنها ان تضع يدها أو أن تدعي حقوق الملكية في ما يخص الارض الواقعة على يمين أو يسار شط العرب. كان لهذا النزاع الاثر الكبير جدا على هذه المنطقة، وتميز بالنزعة المذهبية، حيث ألحقت عربستان بفارس نظرا لكونها منطقة شيعية، وضمت السليمانية وما إلى جوارها - وهي سنية - للدولة العثمانية. فالفرس كانوا حماة المذهب الشيعي، بينما عملوا على هدم معالم السنة، وأمروا بقتل جماعة من علمائهم، أما العثمانيون، فقد كانوا حماة المذهب السني، وكان رد فعلهم أقوى وأعنف إذ أمروا الشيعة الذين هم في مناطق نفوذهم، بضرورة الدخول في مذهب أهل السنة والجماعة ومن رفض كان نصيبه القتل، لذلك كان لا بد من وضع حد لهذه المجازر. ونظراً لأن عربستان كانت منطقة الاحتكاك بين الدولتين، أقترحت معاهدة أرضروم (على اسم مدينة تركية) تقسيمها لتخفيف حدة النزاع الطائفي والتوتر المذهبي، فسبب التقسيم كان الصراع المذهبي المقيت. واللافت أن هذه المعاهدة لم تستطع نزع فتيل الصراع في المنطقة، واستمر النزاع بعدها، واستمرت الصراعات في تصاعد مخيف.. كل ذلك لم يرض الفرس الذين لم يحلموا فقط بعربستان، إنما كان هدفهم أيضا العراق، لأنه يحمل أهمية دينية كبيرة بالنسبة إليهم، فهو الذي يحتوي العتبات الشيعية المقدسة

1 - الأحواز الفردوس العربي المسروق

بقلم أيوب عودة / موقع المحرر العربي
فلسطين ليست الأرض العربية الوحيدة التي أضاعها العرب، ولا الجولان والإسكندرون ! وليس اليهود الصهاينة هم فقط الذين أقدموا على انتزاع الهوية العربية من أرض وشعب عربيين ! فالأحواز أرض عربية تماماً كأي أرض عربية أخرى يضمها العالم العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، وسكان الأحواز أيضاً من العرب، لا بل من القبائل العربية التي تعود جذورها إلى شجرة العائلة العربية الأصيلة. الأحواز ليست مجرد أرض، مرت عليها القبائل ثم رحلت، إنما هي حقيقة وتاريخ، ونضال، وواقع خانته ذاكرة العرب وسكت عنه الغرب كالساكت عن الحق... حقيقة تقول: هي أرض عربية لا تقل شأناً عن أرض المسجد الأقصى، وشعبها الذي انحدر من أعرق السلالات العربية، لا تختلف معاناته عن شعب فلسطين المحتلة وربما أكثر. الهجمة على العرب، على أرضهم وتاريخهم وثقافتهم، لم يبدأ بها الصهاينة المدعومون من الغرب، وإنما بدأها جيران العرب، الفرس الذين لم يتورعوا عن ضم الأحواز العربية إلى إيران الفارسية، ليس بهدف التوسع الجغرافي فحسب، وإنما بغية السيطرة على موارد تلك الأرض الغنية. ولم يكتفوا بذلك، إذ بادروا لمحو الهوية العربية، وإزالة كل معالمها وخطوطها الواضحة، و دمجها بشكل كامل في المجتمع الفارسي. وبمعنى آخر جعلها فارسية لا تمت بصلة إلى العرب والعروبة. ولعل الأخطر من كل ذلك بالنسبة إلى دولة الفرس، هو الاختباء خلف عباءة الدين الإسلامي الحنيف، والدعوة اليه، والتنديد بأعداء الإسلام، والوعد بإزالة إسرائيل من الوجود، بينما تستولي هي على مقدرات أرض وتستغل خيراتها وتمزق عروبتها، وليس من رادع يردعها أو يقف بوجه طموحها الكبير المتمثل بحلم إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، ورفع صولجان أباطرة ساسان في منطقة الشرق الأوسط. الشعب العربي الأحوازي الذي عانى ما عاناه من الظلم والقهر والضغوط المختلفة، يُساق للتخلي عن أصله وجذوره وماضيه ومستقبله، ومع ذلك ظل متماسكاً بوجه دولة تملك كل المقومات التي لا يملكها العربي الذي يكافح كي يتمسك بما تبقى لديه من وطن ومن هوية. الصراع بين العرب والفرس قديم، ولعله قفز إلى الواجهة بُعيد الدعوة الإسلامية وما تلاها من ارتقاء روحي وصل إليه العرب، تماشيا ًمع العقيدة السمحاء، التي لم تفرق بين أبيض وأسود ولا بين عربي وعجمي.. والتي دعت إلى التوحيد والى الإيمان مع كل ما يرافق الإيمان من فضائل روحية صافية، وأخلاقيات يتحتم على المؤمن أن يتحلى بها. الأحواز؛ عربستان أي أرض العرب ! لم يستوطن تلك المنطقة إلا العرب، وإلا القبائل العربية الأصيلة. فشعب الأحواز تحدر من القبائل العربية الأساسية، التي كانت موجودة في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، والتي تعتبر بمثابة الجذور الأساسية للعرب، فهناك على هذه الرقعة المغتصبة تجد أمات القبائل العربية المتمسكة بأصولها والتي تأبى الانقياد إلى أي مغتصب او عابث بمصائر الشعوب وخرائط الدول، بيد أن إيران لم تلتفت إلى كل ذلك، بل راحت بكل ما تملكه من دهاء وقوة، تفرض عنصريتها على تلك الأرض العربية، مستعملة في ذلك كل الوسائل المتاحة أمامها، من تحريم استعمال اللغة العربية سواء في الكتابة أم في التحادث وما إلى ذلك، إضافة إلى منع المدارس من تعليم العربية، سعياً إلى إلغائها بشكل نهائي، وإحلال اللغة الفارسية مكانها كلغة رسمية لسكان الأحواز. ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، بل إن كل من يتجرأ على مخالفة أوامرها الواضحة، من جهة استعمال اللغة العربية، يتعرض لأقسى أنواع العقاب الذي قد يصل إلى السجن أو النفي خارج بلاده... ومن جهة أخرى أقدمت إيران على استغلال ثروات تلك الارض بشكل علني وسافر. فالمعروف عن الأحواز انها من أغنى البلدان في منطقة الشرق، حيث تحتوي أراضيها على كميات كبيرة جداً من النفط الخام، إضافة إلى الغاز الطبيعي، وصولاً إلى الثروات المائية والأنهار والينابيع العذبة، وخصوبة التربة الصالحة للزراعة. والسؤال : كيف استطاع الفرس أن يسيطروا على هذه المنطقة العربية التي لا يستهان بها لا من حيث المساحة، ولا من حيث السكان عدداً ونوعية؟ في لحظة من لحظات الغياب الدولي، وعندما كانت الصراعات على أشدها، والدول الكبيرة تلعب بحدود الدول الصغيرة وكأنها رقعة شطرنج، أقدمت إيران على ضم الأحواز واعتبارها ولاية من الدولة الفارسية. ونظراً إلى أن العالم آنذاك كان منشغلاً في محو معالم حرب عالمية (الأولى)، لم يرافق هذا الحدث أي استنكار دولي أو عربي، الأمر الذي شجع الدولة الفارسية على الاستمرار بسياستها العنصرية ضد الأحواز وشعب الأحواز العربي. وقد لا نفاجأ بذلك عندما نعرف أن طموح رضاخان بهلوي التوسعي كان يهدف إلى ضم البحرين أيضاً وأجزاء أخرى من الخليج ليحكم السيطرة الفارسية على الخليج العربي الذي يطلق عليه الفرس اسم الخليج الفارسي. إنها ملحمة ومعاناة شعب، أراد أن يتمسك بحقه المغتصب، وأرضه المسلوبة، وهويته التي لن يرضى عنها بديلا، معاناة شعب ووطن عربي، ككل الاوطان العربية الأخرى، ولكن لم يلق اهتماماً ولا عوناً من أحد، فبقي منسياً، مغيباً عن ساحة المطالبة بالحريات العامة وحقوق الإنسان. إن من بين كل قضايا العرب، تبرز قضية فلسطين المحتلة إلى الواجهة، ويسلط الضوء على ما تقوم به اسرائيل من اضطهاد للشعب العربي الفلسطيني هناك، ولكن أحداً لم يسلط الضوء لا في المحافل العربية ولا الدولية، على قضية تعد من أكبر القضايا العربية، وعلى أرض من اغنى البلاد العربية، وعلى شعب من أعرق الشعوب العربية وأصفاها. إن ما تقوم به إيران الفارسية، ليس إلا »خطة طريق نحو شرق أوسط جديد« لا يبقى فيه إلا أحفاد كسرى أنو شروان، أو من يؤيدهم ويدور في فلكهم. مر التاريخ كثيرا من هناك، ووقفت قوافله على تلك الأرض العربية، ونسج ممالك وحضارات، التهمتها نيران العنصرية الفارسية وخنقتها في المهد. الأحواز - عربستان لنعد إلى الوراء حيث صوت التاريخ الهادر يخبرنا عما كان.
الأرض السليب والخطوط المتشابكة:
المواجهة بين العروبة وأعدائها ما زالت مستمرة، فإذا كانت فلسطين هي القضية الأبرز لدى العرب، وإذا كانوا عقدوا العزم على تخليصها من نير الاحتلال الصهيوني، فالواجب القومي العربي يدعوهم إلى الجهاد أيضاً، في سبيل تحرير أرض عابقة بالعروبة، لا تقل أهمية عن أي أرض عربية أخرى، وهي فوق ذلك محتلة من »آخر« لا يمت إلى العرب بصلة، لا من حيث اللغة، ولا من حيث القومية أو الجذور. باستثناء رابط الدين الذي بات يستعمل كغطاء في سبيل تمرير قضايا لا تخدم إلا نوايا التوسع لدى الفرس، وما حدث ويحدث في تلك الأرض السليب.
الأحواز: عروبة تائهة وريحٌ فارسية عاتية البحث عن هوية:
سكان هذه الرقعة الجغرافية العربية هم من العرب الأقحاح، ويطلقون عليها اسم الأحواز، ويعتبرونها جزءاً لا يتجزأ من بلاد العرب. وإذا عدنا إلى أصل كلمة أحواز فهي من حوز وحاز بمعنى الحيازة أو التملك، والعرب يستعملون هذا اللفظ دلالة على التبعية الإدارية والسياسة أو العشائرية بالنسبة للقبائل أو الحواضر أو الإمارات، حيث يقال حوز فلان، فأحواز تميم وأحواز البصرة.... ويقال أيضا إن الاسم أطلق على هذه الرقعة من الأرض، منذ أيام فتح الإسكندر المقدوني. الفرس والعثمانيون أطلقوا اسم عربستان على منطقة الخليج العربي الشمالية، حيث تقطن القبائل العربية ودلتا نهر كارون (قارون) منذ القرن الثالث الميلادي، وعن اسم الأهواز يقول ياقوت الحموي في معجمه: (هو جمع لكلمة هوز وأصلها حوز العربية وذلك لانعدام حرف الحاء في لغة فارس ونطقها بالهاء، فالفرس لفظوا الأهواز بدلاً من الأحواز، وتلقفها العرب منهم بعد ذلك بحكم الكثرة، وربما لسهولة نطق حرف الهاء بدل الحاء). واللافت أن كلمة هوز ليس لها أي أصل في اللغة الفارسية.. بعد الفتح الإسلامي، وتحرير المناطق العربية من سلطة الدولة الساسانية، أطلق العرب على القطر اسمه العربي الصحيح: الأحواز، وميزوا حاضرة الأحواز عن عاصمته، فأطلقوا عليها اسم ( سوق الأحواز ) بيد أن اسم الأهواز ظل شائعا نظراً لسهولة استعماله، فسميت المنطقة في كتب التاريخ ودواوين الشعر وكتب الأدب تارة بالأحواز، وتارة أخرى بالأهواز، بينما بقي اسم أحواز البصرة اسماً للقطر منذ فتحه وتحريره، وإلحاقه بإمارة البصرة بعد تمصيرها عام 639 حتى زوال الدولة العباسية. في أوائل القرن السادس عشر الميلادي، تعرض الوطن العربي للغزو الأجنبي، فغزا الفرس العراق من الشرق وغزاه الأتراك العثمانيون من الشمال، كما غزا البرتغاليون ثم الهولنديون والبريطانيون الخليج، إلا أن أحدا منهم لم يكتب له النجاح بالتجذر هناك، حيث قوبلوا بمقاومة ضارية من جهتي شط العرب وشمال الخليج العربي، وفشلوا أكثر من مرة في احتلال تلك المنطقة، فيما احتلوا المناطق العربية الأخرى. في تلك الفترة المظلمة، المليئة بالصراعات والنزاعات، عاد الفرس والأتراك فأطلقوا من جديد اسم عربستان على الأحواز. عربستان تسمية حملت في مضامينها اعترافاً من أكبر الدول الاستعمارية حينذاك بقوة جديدة في منطقة الخليج استطاعت صد جيوشها عن أرضها وحطمت أساطيلها. هذه التسمية كانت وصفاً لسلطة عربية فعلية حافظت على استقلالها، ووقفت صامدة أمام أباطرة الفرس والعثمانيين وضد التوسع الاستعماري الغربي، وبرزت كدولة قوية، مستقلة على شواطئ الخليج العربي... لوقت طويل بقي اسم عربستان رمزاً للقوة والاستقلال، في حين استمرت الإمارات والحكومات الأحوازية تعقد المؤتمرات والمعاهدات، وتمنح الامتيازات، حتى بداية التوسع الفارسي نحو الجنوب عام 1870م إلى أن تم الاحتلال العسكري الفارسي لإمارة المحمرة، إحدى أقوى الإمارات الأحوازية عام 1925م فأعلنت حكومة فارس بعد هذا الاحتلال تغييرها لاسم عربستان، الذي أطلقته على هذا القطر العربي، فأبدلته بأسماء أخرى فارسية مثل ( خوزستان، بو شهر، وهرمزكان). أما كلمة خوزستان فأطلقها الفرس على الأحواز بعد معركة القادسية، التي كتبت مصير الامبراطورية الفارسية إلى الأبد، بسبب الهزيمة النكراء التي مني بها الجيش الفارسي على يد جيوش الفتح العربية، وما استبدال اسم عربستان باسم خوزستان (ومعناها أرض المواقع والحصون) سوى تصرف عنصري حاقد من قبل الفرس، الذين هدفوا إلى طمس حضارة عربية عريقة نشأت على ضفاف الخليج العربي الشرقية.
ذهب أسود... وتاريخ
لعبت عربستان دوراً بارزاً في تجارة تلك المنطقة، نظراً للموقع المميز الذي تحتله في الخليج العربي، وتسيطر سيطرة كاملة على موانئه، خصوصاً في زمن الدولة العباسية، وفي وقت لم تكن فيه قناة السويس قد شهدت النور بعد، بيد أن كل ذلك لم يكسبها أهمية كالتي اكتسبتها بعد الثورة الصناعية، إذ اتجهت أنظار العالم الحديث إليها، لكونها تمتلك مخزوناً هائلاً من النفط والغاز الطبيعي، الأمر الذي جعلها ميداناً للتنافس الدولي الخطير للحصول على النفط . إضافة إلى ذلك، كان لموقع الأحواز وإشرافها المباشر على سواحل الخليج العربي وجزره، أهمية لا تقل عن المكانة الاقتصادية التي تتمتع بها، فهي كما وصفها العسكريون، تحتل منطقة غاية في الأهمية من الناحية العسكرية. في عربستان الكثير من المدن العريقة التي تمتد جذورها إلى التاريخ القديم، والى جانبها ظهرت مدن جديدة، منها سياسية، ومنها ما استمد وجوده من وجود البترول. ولكن توزع الحضارة والمدن تركز على ضفاف الأنهار. ويقال أن العرب اطلقوا عليها اسم الأحواز لتمييزها عن باقي إقليم عربستان وهي تقع على نهر كارون في أواسط عربستان، بينما تقع إمارة المحمرة وهي اليوم خرمشهر، عند مصب نهر كارون في شط العرب وتبعد عن الأحواز زهاء 120كم، وهي ميناء تجاري مهم ارتبط بالبصرة ارتباطاً اقتصادياً واجتماعياً وثيقاً. شيدها يوسف بن مرداو عام 1812 على آثار مدينة قديمة كانت قائمة قبل ستة قرون، وجعلها وأتباعه سكنا له، وأطلقوا عليها اسم المحمرة، ثم أصبحت عاصمة للإمارة بعد استقلالها. وهناك عبادان وتسمى اليوم آبادان وهي أيضا من مدن عربستان المهمة، تقع إلى جنوب المحمرة، تستمد شهرتها من مينائها الذي يحوي أكبر مصفاة للنفط في الشرق الأوسط. عبادان قديمة وعريقة، زارها رحالة كثيرون، وكتبوا عنها، وقد عدت هذه المدينة ضمن مدن البصرة والعراق. ثم تأتي الحويزة التي أصبحت اليوم (دشت ميشان) وهي أيضاً من المدن العريقة في عربستان، اتخذتها دولة المشعشعين العرب عاصمة أيام المغول 1441، وكانت من قبل تابعة للعراق، وسكانها من القبائل العربية. وهناك (تستر) ويسميها الفرس شوشتر، وهي مشهورة بروعة بساتينها ومياهها وخيراتها، ومدينة السوس الأثرية، ومدينة الفلاحية - شاوكان - اليوم، حسب التسمية الفارسية، فقد كانت مركز أمراء عربستان قبل المحمرة.
عــــــــيـــــــــلام من فجر التاريخ الأول إلى تاريخ الشرق برمته
وقف العالم الدنماركي الرائد كارستن نيبور مستهزئاً، من قول بعض الجغرافيين بشأن الأحواز، على انها تابعة لبلاد فارس، لا بل قطعة منها، تخضع لملوك الفرس، وكان يعرف تماماً أن الفرس ما استطاعوا أن يسيطروا على البحر ولا أن يصبحوا أسياده، وأن العرب استقروا في هذا القطر قبل فتوحات الخلفاء، وامتلكوا جميع السواحل البحرية للإمبراطورية الفارسية من مصب الفرات إلى مصب نهر الأندوس تقريبا. ثم يتابع كارستن نيبور فيقول : »صحيح أن المستعمرات الواقعة على السواحل الفارسية لا تخص الجزيرة العربية ذاتها، ولكن بالنظر إلى أنها مستقلة عن بلاد فارس، ولأن لأهلها لسان العرب وعاداتهم، فقد عنيت بإيراد نبذة موجزة عنهم«. وأضاف: »يستحيل تحديد الوقت الذي أنشأ فيه العرب هذه المستعمرات على السواحل، وقد جاء في السير القديمة أنهم قاموا بإنشائها منذ عصور سلفت، وأن هذه المستعمرات العربية نشأت في عهد أول ملوك الفرس، فهناك تشابه بين عادات العرب القدماء، وعادات هؤلاء العرب«. وتابع في مكان آخر يقول: »وهم قوم يعشقون الحرية إلى درجة قصوى، شأنهم شأن أخوانهم في البادية، ويكاد يكون لكل بلد شيخها، وهو لا يتقاضى شيئاً من رعاياه، وإذا حدث ولم يرض القوم عن الشيخ الحاكم، انتخبوا من أسرته من يحل محله«. حاول نادر شاه تهجير العرب وطردهم إلى قزوين، وإحلال الفرس محلهم في الأحواز العربية، وساعده الأنكليز في ذلك لمدة ثلاث سنوات، باتفاق مبرم معهم، كما حاول جاهدا إبعاد العرب عن الساحل الشرقي للخليج العربي إلا أن مصرعه حال دون ذلك، ودامت سلطة العرب على الساحل الشرقي، وبقيت إماراتهم واستمر حكمهم. ثم جاء بعده كريم خان زند، فحاول أيضا القضاء عليهم بمساعدة البرتغاليين والإنكليز، غير أنه لم ينجح. فالعرب استطاعوا طوال فترات حكمهم في الأحواز، الثبات أمام النكبات التي اعترضتهم بجرأة وبسالة، ووقفوا كالطود الشامخ أمام قوى الفرس والعثمانيين، والأسطول البريطاني في الخليج العربي، في معركة حامية الوطيس، وقف فيها عرب عمان إلى جانب إخوانهم العرب. كانت الأحواز في فجر التاريخ تدعى عيلام ! الآثار الباقية تقول أن نشوء تلك الحضارة كان متزامناً مع الحضارة السومرية في أواسط الألفية الرابعة قبل الميلاد، حضارة دامت حتى العام 700 ق.م. أي حوالى ثلاثة الآف سنة، حيث أقامت خلالها علاقات ثقافية واجتماعية عميقة مع سائر حضارات بلاد ما بين النهرين السومرية والبابلية والآكادية والكلدانية وأخيرا الآشورية. أطلق عليها هذا الأسم نسبة إلى عيلام بن سام بن نوح عليه السلام، حيث اتخذ من هذا الإقليم مسكناً وموطناً له، فسميت المنطقة باسمه كما ورد اسمه في سفر دانيال حيث يقول : »فرأيت في الرؤيا وانا في شوشن القصر الذي في ولاية عيلام«. في كتابه »قصة الحضارة« يقول ويل ديورانت : »احترت في اختيار الحضارة التي أبدأ بها الكتاب، وكان قد وقع اختياري الأول على عيلام«. واضح أنه يتكلم على عيلام باعتبارها حضارة سامية، ويقول أيضا »اجتمع في مدينة السوس تاريخ الشرق القديم برمته«. وانطلاقاً من ذلك فإن الكثير من المؤرخين، ومنهم العرب اعتبروا أن عيلام أحد أولاد سام بن نوح. واللافت أن علاقة عيلام مع حضارات بلاد ما بين النهرين، لم تكن ودية، إنما كانت عرضة للصراعات بين الفينة والأخرى. وفيما كانت المملكة الآكادية تسير في طريق الضعف والانحلال، كانت قوة عيلام تزداد يوما بعد يوم، حتى استطاع العيلاميون اكتساح مملكة آكاد، واحتلال عاصمتها (أور) وأنشأوا المملكة العيلامية التي بسطت سلطانها على الأقوام السامية كافة التي كانت تستوطن إقليم الأحواز. وعند قيام المملكة البابلية في العراق سنة 2220ق.م بدأت النزاعات في ما بينها وبين المملكة العيلامية وكان هدف كل واحدة منهما اخضاع الأخرى لسلطانها، ولكن هذا النزاع انتهى لصالح المملكة البابلية، إذ بسطت سلطانها على الخليج العربي في بادئ الأمر ثم أخضعت المملكة العيلامية لسلطانها في عهد حمورابي سنة 2094ق.م. فيما بعد قامت المملكة الآشورية السامية على أنقاض المملكة البابلية، فقضت على المملكة العيلامية التي كانت قد استردت وجودها المستقل في فترة سيطرة مملكة بابل، ولكن هذا الاستقلال لم يدم طويلاً، ذاك أن الآشوريين أقدموا على احتلال عاصمتها دور أونتاش (جغارزنبيل) سنة 646ق.م كما أسروا سكانها واستولوا على ذهبها، بيد أن كل ذلك لم يؤد إلى انقراض مملكة عيلام كما يتصور بعض المؤرخين، حيث أن الآشوريين لم يحكموا الأحواز طويلا، فقد استطاع الكلدانيون والميديون القضاء على المملكة الآشورية، وتقسيم أراضيها، فسيطر الميديون على القسم الشمالي من المملكة، وسيطر الكلدانيون على القسم الجنوبي الذي كان يشتمل على إقليم الأحواز. يقول هيرودث: »كافة الشعوب التي أخضعها كورش قد اعترفت بسلطان داريوس ما عدا العرب البابليين الذين لم يخضعوا لسلطة فارس وإنما كانوا أحلافها«... واستمر الأمر على هذا المنوال إلى أن دمرت جيوش الإسكندر المقدوني الجيش الأخميني في معركة (أن أبيلا عام 331ق.م.) بعد موت الإسكندر الكبير، وتقسيم امبراطوريته بين قادة جيشه خضع إقليم الأحواز لحكم الأسرة السلوقية منذ العام 311ق.م. وجاء البارثيون فاستطاعوا القضاء على الأسرة السلوقية عام 126ق.م وأسقطوها ثم جعلوا طيسفون عاصمة لها، وبسطوا سلطانهم على كافة الأقاليم التي خضعت لحكم السلوقيين، ومنها إقليم الأحواز، ولكن سلطان البارثية اكتفى بإلزام حكام الأقاليم التي بسط سلطانه عليها، بدفع ضريبة سنوية للملك البارثي مقابل تمتعهم باستقلال ذاتي.
تفوق حضاري أوقد نار الأطماع ميسان حضارة صنعت حضارات:
من الحضارات التي قامت في الأحواز خلال هذا العهد، حضارة ميسان (ميسن) وكان تاريخ نشأتها حوالى عام 129ق.م، واستمرت إلى 225ق.م. وقد استطاع الباحثون العثور على أسماء ثلاثة وعشرين ملكاً من ملوك تلك الحضارة الذين حكموا ثلاثة قرون ونصف القرن، وكانت حدود تلك الإمارة بحسب الدراسات التي أجريت في هذا المجال: من الغرب نهرا دجلة والفرات، من الشرق نهر كارون، وكان أول ملوكها في تلك المرحلة هو الملك العربي الذي يدعى هيسباوسينس، وكان مركز الحكومة يسمى الكرخة أو خاركاس (مدينة المحمرة الراهنة) أما ميناء هذه المدينة فكان يعد من أهم الموانئ التجارية آنذاك؟ اليمائيس: الأمس - اليوم والمفارقة! هي الحضارة الأخرى التي نشأت في التاريخ نفسه في شرقي نهر كارون في الأحواز، وكانت عاصمتها دورق، واستمرت تنافس حضارة ميسان لمئات السنين، وفيما كانت تتخذ ميسان من جزيرة (خرج) مركزا لتجارتها البحرية، اتخذت اليمائيس جزيرة (قيس) للغرض نفسه.. يذكر التاريخ اسم بعض ملوكها مثل ملك أد وملك الأحواز وغيرهما.. ميسان واليمائيس تزامن وجودهما مع ظهور السيد المسيح، إذ أرسل رسلا لدعوة الناس فيهما إلى المسيحية آنذاك، في حين كانت الديانة الصابئية هي الرائجة. وبالرغم من كون الأسرة الساسانية قضت على حضارتي ميسان واليمائيس إلا أنها لم تبسط سيطرتها على إقليم الأحواز إلا في سنة 241 ق.م. المملكة الساسانية أيضاً لم تستطع إخضاع إقليم الأحواز لها إخضاعا تاما بسبب الثورات المستمرة فيه، الأمر الذي كان يفرض عليها توجهات عسكرية لمواجهة هذه الثورات، حيث هزم الجيش الساساني على يد العرب في الأحواز، وقتل ملكهم في تلك المعركة المسماة (نرسي أبو شابور ذو الأكتاف ) وكانت آخر الحملات تلك التي قادها سابور الثاني سنة 310 م، اقتنعت بعدها المملكة الساسانية باستحالة إخضاع الساميين العرب لسيطرتها، فسمحت لهم انشاء إمارات تتمتع باستقلال ذاتي، مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني. هذا غيض من فيض تاريخ لا ينضب، ومن طموح شعب وقف بوجه الفتن التي لا تهدف إلا إلى محوه وتفريس هويته العربية، وجعله تابعاً ذليلاً بعد أن كان سيداً كريماً، فمن هم الأحوازيون، وفي أي تربة نمت جذورهم وترعرعت أغصانهم؟