2008/12/02

موقف التيارات السنية اللبنانية من حزب الله

حسن الرشيدي
منذ انتصار ثورة الآيات في إيران عام 1979 لم تتوقف الرغبة الفارسية في ابتلاع العالم السني بل اكتسبت غطاء شيعيا أيديولوجيا محموما .ونجحت ثورة الآيات في نقل مخططاتها إلى بلاد الأرز و التي كانت قمة تجلياتها في ما بات يعرف بحزب الله .و قد سعى حزب الله منذ بداية تأسيسه إلى صياغة إستراتيجية للسيطرة على لبنان أو على الأقل لتكون له الكلمة العليا في مستقبله و كانت أهم أدواته في ذلك التغلغل داخل الطوائف المختلفة و التي تعج بها الساحة اللبنانية و ذلك بهدف إضعافها و تقسيمها و بالتالي يسهل تمرير المخططات الشيعية .
و من المعلوم أن عدد سكان لبنان التقريبي 4 ملايين. تبلغ نسبة أهل السنة26 % تقريباً من مجمل عدد السكان وفق لوائح الشطب الانتخابية لعام 2005 و هي تزيد طبقا لهذه اللوائح الرسمية عن نسبة الطائفة الشيعية التي تأتي في المرتبة الثانية .
و لكن حزب الله استغل التباين داخل الطائفة السنية حيث هناك عدة تقسيمات يمكن بها اكتشاف التفريعات داخل الطائفة السنية فيوجد التقسيم الجغرافي من حيث المناطق التي يتركز فيها السنة وهناك التقسيم الفئوي القائم على الجماعات السياسية التي تشارك في العملية السياسية أو تؤثر فيها ولها دور خطير في تشكيل الرأي العام السني وقد اخترنا هذا التقسيم الأخير لأنه يغطي بشكل كبير الجماعات المؤثرة في الطائفة السنية:

أولا/ العائلات السنية:
و منها عائلة كرامي التي دائما ما توصف بأنها من العائلات الوطنية السياسية العريقة فعبد الحميد كرامي أحد صانعي الاستقلال وتاريخ هذه العائلة مرتبط دائما بتأييد شكل من العلاقة و التبعية اللبنانية لسوريا ويبدو أنه في البداية هذه الصفة كانت مرتبطة باعتبارات رفض الهيمنة الغربية ومنطق التجزئة للمنطقة العربية والذي اتبعه الحلفاء الغربيين في أوائل القرن الماضي ولكن من جاءوا بعد عبد الحميد كرامي الأب تناسوا أن القائمين على الحكم في سوريا ومنذ أواخر الستينات حتى الآن ممن هم من الباطنيين والذين شغلتهم مصالح طائفتهم بل تعارضت مع مصالح أهل السنة في المنطقة وكانوا شوكة دائما في خصر السنة .و بذلك فإن أقطاب هذه العائلة الآن و على رأسهم عمر كرامي وهو يعتبر أضعف شخصيات هذه العائلة سلموا أوراقهم للنظام السوري و حلفاءه في لبنان و على رأسهم حزب الله .ففي عام 2004 ساند الحزب كرامي كرئيس للوزراء و تشبث بهذا الاختيار و نجح كرامي بالفعل . و حاليا ينضم عمر كرامي لتحالف المعارضة الذي يطالب إسقاط رئيس الحكومة السني فؤاد السنيورة استجابة لمطالب الشيعة بزعامة نصر الله حيث أصبح كرامي لعبة في أيديهم و لكن يبدو أن كرامي ليس له شعبية حيث انفض السنة عنه حتى في معقله في طرابلس .

أما عائلة الحريري فقد كانت أهم نتائج الحرب الأهلية اللبنانية إنها غيبت العائلات الارستقراطية العريقة الصلح وسلام والعيتاني وكرامي والعويني بالنسبة للسنة و انتهت بصعود نجم رفيق الحريري الذي كان مثال العصامي الذي صنع نفسه بنفسه و الذي استطاع أن يفهم معادلات الساسة الإقليمية و الدولية و يصعد لسلم رئاسة الوزراء بدعم سعودي و تمكن الحريري من إعادة التوازن قليلا تجاه السنة و بعلاقات طيبة مع المارون و الدروز و غيرها من الطوائف و أدرك الحريري أن الوجود السوري و ميليشيا حزب الله هما العائق الكبير في سبيل استقلال لبنان لذلك استغل علاقاته الإقليمية و الدولية للحد من نفوذ هذين الطرفين في لبنان و انتهى الصراع بمقتل الحريري.

ثانيا / الاتجاه السلفي :
يتفق كثير من العلماء على أن الحركات السلفية المنتشرة في لبنان رغم كثرتها وتنوعها واختلافها فيما بينها أحيانا هي حركات علمية. وأنه يندر هنا وجود الأفكار السلفية التي تتسم بالحدة والدعوة إلى الجهاد وتكفير المجتمع أو التغيير بالعنف على الرغم من بعض الأحداث التي شهدها لبنان في الضنية ومجدل عنجر. وما رافق هذين الحدثين من عنف وسقوط بعض الضحايا. ويعتبرون أفكار المتهمين في هاتين القضيتين ليست تلك الأفكار التي تدعو إلى تكفير المجتمع أو تغيير المنكر بالقوة والعنف؛ وفق ما يدعو إليه تيار السلفية القتالية. لكنهم لا ينفون وجود أفراد متفرقين هنا وهناك قد يؤمنون بهذه الأفكار من دون أن يكون لهم امتداد تنظيمي أو هيكلي هرمي.و من طبيعة المنهج السلفي انتقاد التيارات غير السنية و هنا في الحالة الشيعية اللبنانية تتبارز التيارات السلفية مع حزب الله حيث يتناول الأئمة السلفيون في خطبهم الدور المشبوه لحزب الله و تتوارد الأنباء بالذات في منطقة صيدا .
و من المعروف أن الشيعة في لبنان يسيطرون بشكل كبير على الأجهزة الأمنية اللبنانية و هذا يفسر الصدامات بين التنظيمات السلفية الجهادية و قوى الأمن .

ثالثا/ الجماعة الإسلامية:
تعتبر الجماعة الإسلامية الفرع اللبناني لتنظيم الإخوان المسلمين .وأسس الجماعة اللبنانية الداعية الإسلامي فتحي يكن وخلفه فيها الأمين العام الحالي للجماعة الشيخ فيصل مولوي. تمكنت الجماعة من إيصال ثلاثة نواب لها في انتخابات المجلس النيابي عام 1992 ولكنها خسرت تمثيلها في المجلس الحالي مع استمرار وجودها في المجالس البلدية وامتلاكها للعديد من المؤسسات الإعلامية والاجتماعية.و لكن وقع انشقاق كبير في الجماعة حيث خرج فتحي يكن من الجماعة.الذي أسس جبهة العمل الإسلامي بلبنان و الذي أيد مواقف حزب الله و الشيعة من الحكومة التي يرأسها السني فؤاد السنيورة .بينما دعت الجماعة الإسلامية كلاًّ من الشيعة والمسيحيين المنضمين لتيار المعارضة إلى احترام السنة بعدم إسقاط رئيس الوزراء في الشارع واعتبرت ذلك خطًّا أحمر مذكرة برفضها إسقاط رئيس الدولة في الشارع واحترامها لتوافق الشيعة على اسم نبيه برّي كمرشح وحيد لرئاسة مجلس النواب.

رابعا /دار الفتوى :
لنسبة لمفتي لبنان فقد حدد هذا المرسوم الصفة الرسمية للمفتي بأنه الرئيس الديني للمسلمين وممثلهم لدى السلطات العامة وله ذات الحرمة والحقوق والامتيازات التي يتمتع بها أعلى الرؤساء الدينيين بلا تخصيص ولا استثناء.وهذه الصفة تجعل مفتي الجمهورية على نفس مستوى بطاركة المذاهب النصرانية ورئيس المجلس الشيعي الأعلى وبمقتضى هذه الصفة تعامله الدولة اللبنانية
و قد برز من الذين تولوا منصب مفتي لبنان شخصيتان :الشيخ حسن خالد الذي أعطى منصب مفتي الجمهورية حقه وأضاف إليه أبعاداً جديدة قولاً وعملاً كلها تصبّ في مصلحة الإسلام والمسلمين على المستوى اللبناني والإسلامي العالمي. ويقول الأستاذ نادر سراج:انصرف المفتي حسن خالد إلى خدمة الإسلام بالتعليم والتأليف وإرساء قواعد العمل المؤسساتي وتطوير أجهزة دار الفتوى التي رفدها بهيئات ومجالس متخصصة فأصبحت مؤسسة إسلامية فاعلة وباتت مرجعية حقيقية تحتضن مؤسسات اجتماعية ناشطة تتسابق في خدمة الإسلام والمسلمين وتسعى لتحسين أحوال أبناء مجتمعها و قد كشف كتاب أن الاستخبارات السورية بمساعدة شيعية قد اغتالت مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد بسبب إبلاغه سفير الكويت أن المدفعية السورية مسئولة عن قصف المنطقتين الشرقية والغربية معا والتسبب بمجزرة الاونيسكو من مرابضها في تلال عرمون.
و على العموم فإن الإستراتيجية السورية و بالتالي الشيعية في لبنان كانت قائمة على أساس تصفية أي شخصية تبرز و تلتف حولها الطائفة السنية.
أما الشخصية الأخرى البارزة في مؤسسة الفتوى اللبنانية كانت الشيخ محمد علي الجوزو مفتي جبل لبنان الذي يقول في مجلة فجر الإسلام العدد الأخير بعد أن تكلم عن انتصارات حزب الله في قرى الجنوب على الجيش الإسرائيلي :هذا الانتصار على ما يبدو دفع بعض شباب حزب الله لمحاولة السيطرة على مساجد أهل السنة والجماعة في الجنوب وفي جبل لبنان، فقد تكررت المحاولات ، وآخرها محاولة السيطرة على مسجد النبي يونس في الجية .و يضيف في بلدة الجية يتعاون حزب الله مع حركة أمل ، مع الشيخ عبد الأمير قبلان على اغتصاب أوقاف السنة ، حيث اصدر المجلس الشيعي الأعلى قراراً بتأليف لجنة لأوقاف الشيعة في الجية ، ثم ادعت هذه اللجنة على المديرية العامة للأوقاف الإسلامية السنية في بيروت بأنها صاحبة حق في أوقاف الجية ، وهي عبارة عن أربعة عشر ألف متر مربع تقع على شاطئ البحر .
و منذ أيام قليلة واصل مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو كشفه لألاعيب حزب الله وقال في تصريح له إن حزب الله نجح إلى حد كبير في إفقار الشعب اللبناني وضرب الاقتصاد اللبناني وضرب الوحدة الوطنية ولم يكتف بهذا بل اخذ أموال الدول العربية ليشتري ضمائر الشباب السني في بعض المناطق ويشتري أشباه العلماء من اجل إثارة الفتنة بين أهل السنة.
وقال إن مسئولي وعناصر حزب الله تناسوا جذورهم فأصبحوا عصابات تهدد البلاد والعباد وتغتال الأمن والطمأنينة في لبنان متسائلا: متى تتوقف هذه العصابة عن ممارسة دورها السيئ في حياة الشعب اللبناني ومتى يعود هؤلاء إلى حجمهم الطبيعي فلا يهددون ولا يتوعدون ولا يعربدون. يدعون إنهم ضد إسرائيل وهم الذين قد مكنوا إسرائيل من تدمير لبنان. لقد افتخروا في الماضي بتحرير الشريط الحدودي فإذا بهم يعرضون لبنان كل لبنان للغارات الإسرائيلية على مدى شهر كامل والتي دمرت البنى التحتية والجسور والأنفاق وعطلت الحياة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية ومنذ حروب تموز وحزب الله يحاول القضاء على ما تبقى من استقرار سياسي واقتصادي داخل لبنان وكأن هناك اتفاقا بين إسرائيل وبين حزب الله على تخريب لبنان والقضاء على الكيان اللبناني نهائيا. نحن أمام ظاهرة من ظواهر التخلف والحقد والتبعية لا نظير لها في التاريخ. نقول للموارنة جميع الموارنة أنقذوا بلدكم واتفقوا على انتخاب رئيس للجمهورية بأسلوب ديمقراطي واقطعوا الطريق على أعداء لبنان قبل أن ينفذوا مؤامراتهم الدنيئة ويضيع لبنان على حد تعبير الجوزو

ليست هناك تعليقات: