بقلم أيوب عودة / موقع المحرر العربي
بدو فقبيلة فدولة حديثة...
لم يحفظها الزمن بداية ظهور المعالم الأولى للدولة الحديثة الدول والحكومات العربية في الأحواز: سلطنة هرمز العربية: أصاب الوهن مفاصل الدولة العباسية، وتجزأت بعد أن غزاها المغول بقيادة هولاكو، وقضي عليها بعد مقتل المعتصم بالله العباسي. في تلك الأثناء تأسست مملكة عربية خليجية في الجنوب الشرقي للأحواز، أسسها عرب أقحاح، كانوا قد استوطنوا البر الشرقي والغربي، وجميع الجزر، قبل الفتح الإسلامي. أسست الإمارة على يد محمد ملك عمان، حيث تخلى عن سلطانه لنجله الأكبر، وتحرك مع مجموعة من حاشيته نحو الساحل الجنوبي الأحوازي، قاصداً إعمار تلك المنطقة بعد أن هجرها العرب، فأصبحت صحراء قاحلة. وقبل عبوره نحو الساحل الشرقي أسس على الساحل الغربي ميناء قلهات. استقر هذا الملك في منطقة هرمز التاريخية على بعد 30 ميلاً خارج المضيق ما بين جرون (سورو - بندر عباس) وجاسك، وبالقرب من الأحواش (ميناب) فشيدها من جديد، ثم وسع حكمه ليشمل كل جنوب شرق الأحواز، وكل الجزر وموانئ الخليج وصولاً إلى ساحل بلوشستان (كرمان القديم) والساحل الغربي. وكان قد سيطر على الملاحة في الخليج من القرن الرابع الهجري إلى القرن العاشر. مملكة قيس التي أسسها عرب بني قيصر في القسم الشمالي من الخليج نافست سلطنة هرمز. كان مركز حكم هذه المملكة في جزيرة قيس، ولم يتمكن حكام فارس وكرمان ولا المغول والسلاجقة الأتراك من إخضاعها. لكنما ملوك هرمز أخضعوها إلى سلطانهم وتمكنوا من ضمها إلى سلطنة هرمز. عنف فارسي.. وتسامح عربي كانت حدود مملكة هرمز من الشمال جزيرة خرج ومن الجنوب جزيرة جرون، وكذلك كل الجزر في الخليج والساحل بأكمله في جنوب شرق الأحواز. ينقسم تاريخ سلطنة هرمز إلى مرحلتين تاريخيتين : المرحلة الأولى امتدت من القرن الرابع الهجري إلى حوالى العام 1300 م. والمرحلة الثانية بدأت عام 1300 م في زمن الملك شهاب الدين، أحد ملوك السلطنة عندما نقل عاصمة المملكة من ميناء هرمز إلى جزيرة هرمز غير المأهولة لموقعها الممتاز كي يتمكن من الدفاع عنها أمام غزاة المغول الذين هاجموا مملكته. وبعد ذلك أصبحت مملكة هرمز سلطنة عظيمة وكبيرة وتمكنت من السيطرة على الخليج لأكثر من ثلاثة قرون. كانت تضم ثلاث حاضرات (مدن) كبيرة هي : هرمز الجديدة، رأس الخيمة، وقلهات، وضربت النقود باسمها. وبعد زحف الفرس إلى مملكة لار العربية واستيلائهم عليها بين عامي 1602/1601 م، اتفق الشاه عباس الصفوي مع البريطانيين للهجوم على سلطنة هرمز اثناء حكم الملك محمود الذي تولى الحكم بعد اخيه فيروز. احتل الصفويون البحرين التابعة لهرمز، ثم احتلوا ميناء جرون، وهدموه، ثم بنوا مكانه ميناء سموه العباسي أو بندر عباس، وقدموه للإنكليز مقابل مساعدتهم في احتلال هرمز، وبعد ذلك حاصر الفرس جزيرة جسم لقطع الإمدادات عن هرمز... وتحصن العرب والبرتغاليون ووقفوا ضد الإنكليز والفرس ولكن من دون جدوى. ثم حاصر الفرس والإنكليز جزيرة هرمز مركز السلطنة، وبعد معارك ضارية، وحصار دام ستة أشهر، سقطت هرمز في يد الفرس فهدموا كل ما فيها حتى لا تعيد بناء مجدها من جديد. سقط في هذه المعارك الكثير من القتلى بين الطرفين، لكن الفرس تصرفوا بوحشية شديدة وهمجية لم يسبق لها مثيل، حيث أقدموا على إعدام الأسرى العرب في الحين الذي كان فيه العرب يسلمون كل الأسرى من الفرس والإنكليز. وفي عام 1031 م أسر آخر ملك من ملوك هرمز، ونقل إلى شيراز ثم أعدم هناك. هكذا طويت صفحة مشرقة من صفحات تاريخ الأحواز المليئة بالأمجاد والبطولات الملحمية، فظهر في المعارك مع الصفويين أبطال ذكرهم التاريخ، واعترف الفرس ببطولاتهم أيضاً، منهم : حاكم جاسم وعلي كمال حاكم نخيلو. إعصار فارسي وزلازل طبيعية مملكة قيس العربية : تأسست تلك المملكة، وهي مملكة بحرية، في القرن الرابع للهجرة، وتزامن تأسيسها مع تأسيس سلطنة هرمز العربية في الجنوب الشرقي للأحواز، وكان مركزها جزيرة قيس إحدى جزر الأحواز، ويقال إن أول من عمر هذه الجزيرة هو عربي يسمى عمر بن عميرة. وكانت تشمل المملكة الساحل الأحوازي وجزر القسم الشمالي من الخليج العربي، وقد استولت تلك المملكة على كل الجزر وسواحل الخليج الشمالية، وكانت تشرف على السفن والتجارة في كل شمال الخليج، ونافست، منذ تأسيسها، سلطنة هرمز العربية السلطة على الخليج وجزرها وسواحلها وتجارتها. وقد حكم مملكة قيس بعد طرد سيف الدين أبو النضر احد أفراد عائلة بني قيس ويدعى الملك سلطان، لكن سيف الدين جزيرة قيس مرة أخرى، بعد أن استقر له الحكم في هرمز، وبعد أن اطمأن من عدم انحياز أتابك أبو بكر السلغوري التركي، عاد واستولى مرة أخرى على جزيرة قيس وأسر الملك سلطان وكبار بني قيصر، ونقلهم إلى جزيرة جرون (هرمز) ونفذ حكم الإعدام فيهم سنة 622 للهجرة. هذه الواقعة لم تكن نهاية ملوك قيس، ففي بعض الأحيان كانوا يهاجمون جزيرة هرمز ويعيدون سيطرتهم عليها وسلطانهم الذي فقدوه. من هؤلاء الملوك نذكر: الملك جمال الدين نعيم، الذي حكم كل شمال الخليج بجزره وسواحله حوالى العام 700 للهجرة، إلا أن ملك هرمز هزمه وأسره، لكنه تمكن من الفرار، وكذلك ابنه غياث الدين الذي انهزم وقتل على يد قطب الدين ملك هرمز. وهكذا تم استيلاء ملوك هرمز على مملكة قيس بالكامل. هكذا كان شكل الحكم العربي في منطقة الأحواز العربية، إمارات وقبائل وشيوخ. ولكن بعد سيطرة الفرس بمساعدة الإنكليز على تلك الأرض العربية، عمل العرب على استعادة نفوذهم على تلك الأرض في ما بعد، فماذا حصل وكيف استطاع العرب إعادة تشكيل حكم هناك، وكيف كانت أشكال الحكم لديهم؟
الإمارات الذهبية في عصر أعجف
الإمارات التي قامت في جنوب شرقي الأحواز بعد الاحتلال الصفوي : بعد نزوح الصفويين نحو الجنوب وباتجاه الساحل الشرقي للخليج العربي، واحتلال مملكة لار العربية بمساعدة الانكليز عام 1622م التي كانت تحكم جنوب شرقي الأحواز، وعلى امتداد الساحل الشرقي طيلة سبعة قرون، استعاد الوجود العربي سيطرته على جنوب شرقي الأحواز مرة أخرى، حيث تمكن، وبعد بضعة عقود من الاحتلال الصفوي من بسط سيطرته. أما الإمارات التي قامت في الجنوب الشرقي للأحواز فهي: إمارة بني العباس :(1673-1967م) والحكم الذي انزلق من الشاه إلى ضباط الشرطة كان مقرها مدينة بستك، وكان يحكمها في السابق ذرية عبدالله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ابن عم رسول الله، استمرت تلك الإمارة ثلاثة قرون، وكان مؤسس هذه الإمارة الشيخ عبد القادر حسن البستكي العباسي، وقد خلفه الأمير الشيخ محمد سعيد البستكي العباسي، ثم الأمير الشيخ محمد البستكي العباسي، المعروف بمحمد الكبير الذي حكم الجهانكيرية، ومنطقة الجبال المنحدرة (شيبكوه) وميناء لنجة، وجزر الخليج الجنوبية، ومنطقة ميناء جرون أو بندر عباس ولارستان. وقد انتصر على الفرس في معارك عدة.. كان للأمير محمد رضا خان العباسي خمسة أولاد، ولكن شقيقه استلم الحكم وكان يدعى محمد أعظم خان، واستمر يحكم البلاد إلى أن ضعفت سلطته بسبب تزايد قوة الحكومة المركزية الإيرانية وتطبيق سياساتها الهادفة إلى التخلص من شيوخ القبائل العربية والأمراء المحليين، حتى أصبحت زمام الأمور في أيدي ضباط الشرطة. إمارة القواسم: انتهازية الفرس.. لم تتغير بعد أن حكم أمراء عمان »لنجة« لمدة طويلة، أجمع أهل »لنجة« على تولية أحد القواسم عليها، فاختاروا الشيخ قضيب بن راشد بن مطر القاسمي، الذي حكم بين الناس بالعدل والإنصاف، وبعد وفاته استلم ابنه الشيخ محمد بن قضيب الحكم من بعده، وكان صاحب رؤية وتدبير عال. حصل على شهرة لا يستهان بها بعد قيامه بعقد مصالحة بين الشيخ سلطان بن صقر القاسمي حاكم الشارقة، وبين قريبه شيخ رأس الخيمة القاسمي، وكذلك في العام 1830 اجرى الشيخ محمد بن قضيب صلحاً آخر بين الشيخ طحنون بن شخبوط حاكم أبو ظبي والشيخ سلطان بن صقر شيخ الشارقة.. بعد وفاة الشيخ محمد تولى الحكم من بعده شقيقه الشيخ سعيد بن قضيب الحكم، وقام بمهامه على اكمل وجه، وبعد وفاته تولى الحكم ابنه الشيخ خليفة بن سعيد، وبعد هذا الاخير تولى الحكم الشيخ علي بن خليفة تحت وصاية الشيخ يوسف بسبب صغر سنه. احتلت الدولة الفارسية »لنجة« بقيادة احمد خان كبابي مستفيدة من الخلاف القائم، ثم تولى الحكم فيها هدايه الله خان بحيث كان أول فارسي يتولى حكم »لنجة«، ولكن حكم القواسم لم ينته. حكم الفرس »لنجة« من عام 1305 إلى 1315 حيث ثار الشيخ محمد بن خليفة القاسمي وطرد الحامية الفارسية وحكم مدة سنة وتسعة أشهر، إلا أن الفرس والإنكليز توحدوا ضده واجبروه على ترك »لنجة« بعد معركة ضارية ومقاومة أظهر فيها الأحوازيون شجاعة نادرة. ولكن »لنجة« بقيت ساحة مفتوحة على الصراعات وتنافس القوى الكبرى من إنكليز إلى فرس وأتراك. تعتبر »لنجة« مركزا لإمارة القواسم، امتد نفوذها إلى ميناء كنج الذي كان ساحة لتنافس أمراء بني معين. لعب القولسم دوراً بارزاً في طرد المستعمرين الأوروبيين من الخليج وكانوا يعرفون بقراصنة البحر. ولإمارة القواسم مواقف مشهورة أيضاً في الدفاع عن الاراضي العربية بوجه البرتغاليين والإنكليز، كما صدوا هجمات الفرس أثناء محاولات السيطرة على الأحواز، وقد تعاون اسطول القواسم في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي مع أسطول إمارة كعب آل ناصر، فما كان من الإنكليز إلا ان تعاونوا مع العثمانيين في محاولة لدحر القواسم، ولكن دونما جدوى. إمارة آل حرم: يعودون بنسبهم إلى أحد بطون قبيلة غزية القحطانية، وسبب تسميتهم بآل الحرم يرجع إلى كونهم من سكان الحرم المكي، وكانت هجرتهم إلى الساحل الشرقي الأحوازي ناتجة عن خلاف وقع بينهم وبين قبيلة ثقيف، فاتخذوا قرية (حالة بندر) مقراً لهم. كان أرحيمة بن سيف الحرمي أول حاكم لهذه الإمارة، قاد قبيلة الحرم سنة 1061 إلى جنوب شرق الأحواز، ثم توفي في عسلوه سنة 1092. اتخذ آل حرم عسلو عاصمة لهم. والمناطق التي دخلت تحت سيطرة الحرم هي: نابند، عسلوه، بو عسكر، بزبز، دهنو، غويرزة، كشكنار، خيارو، خند، صبروباش، تنك شرزة، تمبو، تمبو الغربية. يعتبر الشيخ محمد بن احمد بن خلفان الحرمي آخر أمراء آل حرم، حيث استطاع رضاشاه بهلوي أن يحتل إمارته ويسجنه، ثم يرسله أسيراً إلى طهران ليدس له السم فيموت في أسره. وفي ظل الاحتلال الفارسي تولى حكم الإمارة الشيخ أبو هند عبدالله الحرمي، بعدما تزوج من أرملة الأمير الشيخ محمد، ولكنه سلم الحكم في ما بعد إلى أبنائه في العام 1370 للهجرة 1951 م، حيث حكم من بعده الأمير الشيخ ابراهيم بن محمد بن أحمد الحرمي، بشكل رمزي، إلى العام 1387 للهجرة 1967 م، ثم انتقل إلى قطر ومنها إلى الإمارات العربية المتحدة مع عائلته وأتباعه، واستقروا في أبو ظبي وبذلك تكون ذهبت إمارتهم بعد حكم دام أكثر من ثلاثمئة عام. إمارة النصوريين (بني خالد) بنو خالد هم بطن من الجبور ذرية جبر بن مهنا الخالدي، وهم من سكان الإحساء. هاجروا منها بعد سقوط دولتهم وانتقلوا بعدها من الجعيمية شمال القطيف عن طريق الزبارة، وقد رافقتهم عشيرة آل سفر وهم من بني حميد أحد بطون بني خالد، ويقال انهم ذرية عبدالله بن قطن بن محمد بن عريعر الخالدي. استطاعت إمارة آل نصور أن تحافظ على استقلالها وأن تصك نقوداً باسمها. يعتبر الشيخ محمد النصوري أول أمرائهم، ومن بعده تولى الأمير الشيخ حاتم بن محمد الحكم، ثم الأمير الشيخ جبارة بن حاتم، والأمير الشيخ حسن جبارة الذي قتل في العام 1227 للهجرة. خاض الأمير الشيخ مذكور بن جبارة معركة ضارية ضد الفرس، واستولى على كل المنطقة الممتدة من كنكون (كنعان) إلى القابندية، واعترفت بسلطته الحكومة الفارسية على كل من كنكون، ميناء طاهري، القابندية، قلعة دار، آسير وعلاء مردوشت. لكن الفرس أرسلوا جيشاً كبيراً مجهزاً بمدفعية، وبعد معركة شرسة احتلوا قلعة قلات الحمر، وأسروا الشيخ مذكور وأرسل إلى شيراز، وأعدم بوحشية، إذ أجبر على ابتلاع العملة التي كانت تضرب في إمارته، إلى أن توفي. بعد فترة من الزمان حاول ابنه الشيخ حسن الانتقام لأبيه فقام بثورة على الفرس عام 1300 للهجرة، لكنه أجبر على التراجع نظرا لعدم التكافؤ بين قواته وقوات الفرس، ولغياب الدعم العربي أيضاً. لكن حكم النصوريين لم ينته عند ذلك، لا بل استمر تحت ظل الحكومة الفارسية. إمارة آل مرزوق من القبائل العربية الكبيرة المنتشرة على ضفتي الخليج، كان مركز هذه الإمارة في مرفأ الحسينية، ومسلم. هم من فخذ العجمان من فرع آل سليمان سكان الأحساء ونجد وهم من قبيلة القحطانية وكانت بلدة مغوه مقر حكمهم. من امرائهم : الأمير الشيخ راشد بن سلمان بن مساوي بن نشوان بن مرزوق المرزوقي، الأمير الشيخ سليمان بن راشد. بنو علي ( المعلى ): سكنوا نجد، وهم من بطن آل علي. انتقلوا إلى الأحواز عن طريق القطيف سنة 1152ويرجعون بنسبهم الى بني قحطان. كانت مدينة ميناء جارك مقر حكم إمارة المعلى ولهم فيها آثار مهمة، منها القلعة الكبيرة الحصينة التي بناها الشيخ صالح بن محمد آل علي، كما تركوا عدداً من المساجد والبرك. أبرز امراء آل علي هم : الشيخ محمد حسن، الشيخ محمد صالح، ثم الشيخ صالح، الشيخ علي بن خلفان آل علي. تأسست إمارتهم في منطقة تسمى صداق في منطقة من الجبال المنحدرة ثم اتسعت، ولعبت دوراً كبيراً في تاريخ الأحواز، ففي عام 1820 شاركت في غارة على السفن والأساطيل البحرية الأوروبية في الخليج العربي، ما أدى إلى تشكيل قوة بحرية موحدة من البريطانيين والهنود والعثمانيين لمهاجمة مقر الإمارة، لكن جيش الإمارة العربية تمكن من دحر القوات المتحالفة والانتصار عليها. من أبرز شخصيات هذه الإمارة : الامير محمد بن حسن، وكان شجاعاً وزعيماً قوياً للإمارة. تمّ القضاء على إمارة بني علي من قبل الإنكليز الذين جهزوا جيشاً قوياً من بومباي وهاجموها مع حلفائهم، ويذكر التاريخ ان أبناء الإمارة دافعوا دفاعاً مستميتاً عن أرضهم وحكمهم، بيد أنهم هزموا في النهايه نظراً لقوة الهجوم الذي تعرضوا له، وكان ان سلمت بريطانيا الإمارة إلى الفرس. لكن الحكم العربي فيها استمر حتى قيام الدولة الحديثة في إيران، وما زال يسكن حوالى أربعة الآف نسمة من العرب السنة هناك في الموقع الذي كانت تشغله إمارة بني علي. إمارة بني حماد: ينتسبون إلى جذام من عرب القحطانية، وهم بطن من الحميديين. سكنوا في أكثر من منطقة: مربق، كلات، كريشة، رستاق، وطين الأحمر. انتقلوا إلى الأحواز سنة 1110 للهجرة، انقسمت إمارتهم إلى منطقتين، شرقية وغربية؛ المنطقة الشرقية، مقر حكمها قرية مربق، وأول شيوخهم كان الأمير عبد الله بن محمد الحمادي الذي حكم عام 1863 م ثم الشيخ أحمد الحمادي، ثم الشيخ محمد الحمادي، وكذلك من أبرز أمرائهم: سليمان بن محمد الحمادي ويوسف وابراهيم واحمد والشيخ عبدالله بن حسن بن الشيخ ابراهيم. المنطقة الغربية: مقر حكمها قرية المقام وسميت بهذا الاسم نسبة إلى إقامة محمد أبو الفضل المعروف بسيف الله القتال الرفاعي الحسيني فيها أثناء هجرته الأولى إلى الأحواز. يعتبر الشيخ حسن بن الشيخ عبدالله الحمادي شيخهم الاول إمارة العبادلة: هم من قبيلة العبدول. يرجعون بنسبهم إلى عبيد بن عبدالله بن حمود ويعدون من بطون شمر. كانوا يحكمون في فلسطين ثم انتقلوا إلى الجزيرة العربية واستقروا في »العديد« ثم نزحوا إلى مناطق مختلفة، ومنها الأحواز سنة 1117 للهجرة. كان لهذه القبيلة الدور الفاعل في زمن سلطنة هرمز العربية، ولم تستطع الأخيرة السيطرة عليها إلا بمساعدة أسطول البرتغاليين. مقر حكم العبادلة كان في قرية العرمكي، وكان مركز إمارتهم في حصن منيع بين جبلي العرمكي والرميلة، وكانت إمارتهم تشمل مناطق العرمكي، نخل خلفان، أبو جراش، علفدان، الرميلة، أبو الطيور، الجبرية، حميران، كلشان، كوشند، جزيرة شيخ هندرابي، نخيلو وميناء جيروه - شيرو (بلدة كبيرة تقع على بعد 36 كلم من المكاحيل) وهي المركز الثاني للعبادلة ولهم فيها قلعة حصينة. ويذكر ان الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين زارهم سنة 1330 للهجرة حيث استقبل بحفاوة بالغة. من أبرز شيوخهم: الشيخ عبد الله بن محمد العبيدلي الذي كان أديباً وشاعراً، والشيخ عبد الجبار بن محمد العبيدلي والشيخ أحمد بن محمد العبيدلي والشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي. تتبع إمارة العبادلة عشائر آل ملا وآل رميزان وآل ناصر. مارس الفرس كل أنواع الاضطهاد على العبادلة لحملهم على الهجرة إلى الساحل الغربي من الخليج. إمارة آل بشر: آل بشر حكام نخل مير وميناء طاحونة. أصلهم من نجد وكبيرهم الشيخ مفلح بن بشر، يقال إنهم من بني مرة وكان انتقالهم سنة 1152 للهجرة، مقر حكمهم قرية نخل مير وما زالت لهم فيها قلعة قديمة وكذلك مسجد ومزراع وبرك. ومن أشهر رجالهم الشيخ محمد بن رحمة البشري. إمارة بني معين: ينتسب بنو معين إلى قبيلة حرب، وكما ينسبون إلى قبيلة شمر المشهورة. هاجروا من الجزيرة العربية سنة 1007 للهجرة، سكنوا جنوب شرق الأحواز بقيادة الشيخ عطية بن علي، حكموا جزر جسم، هرمز، لارك، هنجام، ميناء جرون (بندر عباس)، ميناء جاسك، ميناء شارك، ميناء نخيلو، أحواش (ميناب)، وأقصى المناطق في جنوب شرق الأحواز على الحدود مع بلوشستان. تمتعوا في بعض الاحيان باستقلالية كاملة ومطلقة في الحكم في إمارتهم، وفي أحيان اخرى كانت لهم تبعية اسمية لحكام فارس وأئمة مسقط، إلا أنهم كانوا يعتبرون حلفاء لهم أكثر مما كانوا تابعين. إمارة آل مذخور أو مذكور : عاصمتها ميناء أبو شهر، وكان لها أعظم أسطول بحري في الخليج آنذاك، ومن اعظم أمرائها الأمير الشيخ ناصر آل مذكور الذي ينتسب إلى قبيلة المطاريش، وكان قبله الشيخ مذكور بن حميد. شيد الشيخ ناصر آل مذكور مدينة أبو شهر الحديثة على انقاض مدينة أبو شهر العيلامية الأثرية، وجعلها عاصمة له، وتحالف مع بعض القبائل الأحوازية الداخلية والساحلية لصد زحف كريم خان زند نحو الأحواز، إلا أنه فشل وأسر على يد الجيش الفارسي حيث بقي في سجن أصفهان سنين طويلة. أثناء غيابه حكم أخوه الأمير الشيخ سعدون بن مذكور، حتى رجع الشيخ ناصر إلى الحكم مرة أخرى. الجدير بالذكر أن الأميرين الأخيرين عاصرا أمراء آل زعابي وتحالفا معهم للاستيلاء على البحرين، ولكن الأمر لم يطل وسقط هذا التحالف ضحية خلافاتهم. إمارة آل مذخور تشمل مناطق دشتستان وتنكستان تمتعت بموقع تجاري هام في الخليج وكان لها علاقات تجارية مع مسقط والهند والحجاز والبصرة. استطاع آل مذخور عام 1753 م الاستيلاء على البحرين بمساعدة آل زعابي، وكان لهم علاقات وطيدة مع شركة الهند الشرقية الهولندية - البريطانية. من القبائل التابعة لهذه الإمارة، شمر والبومهير وقد ذكرهما نيبور الرحالة فقال: (إنهما من السكان القدماء والأصليين). إمارة آل زعابي: بنو مصعب تأسست هذه الإمارة في ميناء ريق القريب من أبو شهر. يعود نسب آل زعابي إلى قبيلة بني مصعب. ويقال بأن لهم صلة بعشيرة مهرة الساكنة في مدينة جلفار برأس الخيمة. كانت أراضي هذه الإمارة تشمل مناطق ميناء ريق، جزر خرج، خويرج، ومنطقة نهر الحلة، وكانت تملك أسطولاً بحرياً كبيراً وعشرات القطع البحرية. تدين هذه الإمارة بأهميتها إلى التجارة والملاحة. من أشهر حكامها الأمير الشيخ حمد آل زعابي. وبعد وفاة الأمير الشيخ ناصر بن حمد آل زعابي استلم أبناؤه الحكم من بعده، حيث برز مير مهنا واعتبر لاحقاً من أشهر أمراء آل زعابي. فلقد استطاع هذا الأمير إخراج الهولنديين ومن ثم الإنكليز من بلاده ووقف بوجه الفرس والعثمانيين، كما شارك الأميرين ناصر الزعابي ونصر آل مذخور في الاستيلاء على البحرين، وكانت هذه أكبر معركة شارك فيها وكان لا يتجاوز 18 عاما، وشارك في هجوم ملا علي شاه عندما هاجمه بمساعدة بعض قبائل عرب الحولة، كما اتحد مير مهنا مع الشيخ سلمان الكعبي لصد هجوم مشترك شنه الإنكليز والعثمانيون والفرس. ومن مآثر مير مهنّا أيضاً أنه استطاع أن يطرد الهولنديين من جزيرة خرج والخليج إذ كان عمره لا يتجاوز الثلاثين. إلا أن الوضع لم يستمر كذلك إذ ثار الشيخ حسين بن سلطان آل زعابي على مير مهنا بتحريض من الفرس، فذهب مير مهنا إلى البصرة طالبا اللجوء السياسي، ولكن ونتيجة لتواطؤ كريم خان زند مع البريطانيين، إضافة إلى التعاون العثماني في البصرة، اعدم مير مهنا مع رفاقه، وأرسل رأسه إلى بغداد...بعد مير مهنا حكم الأمير حسن بن سلطان لفترة، ثم مير علي آل زعابي إلى أن قضى الفرس على تلك الإمارة بعد تأسيس دولتهم الحديثة. إمارة المدنيين: هي إمارة الشرفاء المدنيين الحسينيين الذين قدموا من المدينة المنورة بطلب من أمراء العباسيين واستقروا في الأحواز. كان مقر حكمهم قرية المربق، ومن أبرز شخصياتهم الشيخ حسن بن سيد محمد بن سيد عبد الحميد الشناوي الذي يرجع نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو من كبار رجال الطريقة النقشبندية في بغداد، فانتقل إلى المدينة المنورة مع أبيه وجده , ثم جاء إلى جنوب شرق الأحواز بطلب من الشيخ عبدالقادر العباسي البستكي، واستقر في بلدة نخيلو حتى توفي سنة 1105 للهجرة. من الشخصيات الأخرى الشيخ مصطفى بن الشيخ حسن المدني والشيخ احمد بن الشيخ حسن المدني وهذا الاخير استقر في مربق وشيد لنفسه قلعة فيها، وكذلك استطاع أن يستولي على ميناء جرون والمناطق المجاورة وعلى كل منطقة لار سنة 1730 للهجرة. وقف أمام زحف نادرشاه افشار وتحالف مع محمد خان البلوشي سنة 1147 للهجرة، لكنه هزم امام الجيش الفارسي وأسر ثم قتل بواسطة الماء المغلي، كل ذلك بأمر من نادر شاه. ومن أمراء المدنيين أيضا الشيخ راشد بن الشيخ حسن المدني الذي أعاد بناء القلعة في مربق (ما زالت آثارها موجودة إلى الآن) وتوفي في بلدة شناص سنة 1178 للهجرة، والشيخ محمد بن راشد بن الشيخ مصطفى الذي بنى قلعة لاور شيخ. كان للشيخ حسن المدني شقيق يدعى الشيخ شعيب المدني بن السيد محمد بن سيد عبد الحميد الشناوي، استقر في نخيلو بعد أن أتى من المدينة مع أخيه ثم رغب في الزهد والعبادة، في جزيرة سماها البرتغاليون لوند إلى أن توفي هناك، احبه الناس وأطلقوا اسمه على تلك الجزيرة، جزيرة شعيب ولكن الفرس غيروا اسمها إلى لاوان بعد الاحتلال.
التنين القادم من الشرق... حذار ايها العرب
الحديث عن الأحواز لا ينتهي، فالسراج العربي الذي أنار طويلا تلك الرقعة الجغرافية، لن ينضب زيته ولن تنطفئ شعلته، ما دام هناك دماء عربية تحاول الثورة، وتقف بوجه الظالم، المستبد، الذي ما زال يحاول قطع الأوردة العربية عن جسد عربي، عن أرض عربية خالصة. والى الآن ما زالت إيران تسعى إلى تغيير ديموغرافية الأحواز عن طريق استقدام العجم من ناحية، والضغط على العرب بشتى الوسائل من ناحية أخرى لدفعهم إلى الهجرة بشكل نهائي من أرضهم. إيران ما زالت تمارس الضغوط على العرب في الأحواز وعلى الحكام وشيوخ القبائل، وتعمل دائما على الحط من شأنهم وتحاول ضمهم إلى الفرس الإيرانيين بكل الوسائل المتاحة وبالقوة اذا لزم الأمر، كما تحاول فرض الثقافة الفارسية باستمرار على العرب. كما لجأت إيران إلى تعيين حكام فرس إيرانيين على شتى المناطق الأحوازية ما ادى إلى غضب العرب ورفضهم القاطع. أما الأمر الذي أدى إلى هجرة الأحوازيين العرب من هناك، فهو القحط الشديد الذي أصاب المنطقة بالجفاف التام فأهلك الزرع والضرع في عام 1361للهجرة. وهكذا فإن هذه الأرض العربية الغنية ضاعت نتيجة التخبط السياسي العربي والتآمر الدولي وخصوصا الأنكليزي في تلك الفترة على العرب. ضاعت هذه الأرض قبل فلسطين والى الآن ليس هناك من يقف ويطالب بحق لعله من أهم الحقوق العربية، ابتلعه التنين الفارسي القادم من الشرق... فحذار أيها العرب