2010/07/04

مقتدى القذر

:: بقلم: أحمد سالم ::

كنت أحد المصورين المرافقين للأستاذ غسان بن جدو لإعداد لقاء خاص مع سماحة السيد مقتدى الصدر. وما أن جلست في مقعدي المخصص في الدرجة الأولى للطائرة الإيرانية التي أقلتنا من بيروت باتجاه طهران حتى شعرت بأننا سنلتقي شخصية هامة جدا لم يسبق لي أنا على أقل تقدير أن شاهدت مثلها في عملي المهني لما حضينا به من اهتمام وضيافة وسرية عالية جدا. فالطائرة خاصة والتكتم شديد على طبيعة الشخصية التي سنقابلها.
وما أن حطت بنا الطائرة في مطار طهران حتى أقلتنا سيارة خاصة من نوع باص مظلل النوافذ بالكامل. وبالرغم من إننا لم نكن نعلم الجهة والوجهة التي ذهبنا إليها إلا إننا حال وصولنا أرغمنا على أداء القسم (الغليظ) بعدم البوح إطلاقا عن المكان الذي كنا فيه. وكأنه مخبأ لجيفارا أو الجنرال جياب أو بن لادن أو عزة إبراهيم! وبعد استراحة قصيرة طلب منا الأستاذ غسان البدأ بترتيب تلك الغرفة التي تم القرار عليها لإجراء اللقاء.
وبعد أن أكملنا متطلبات الإضاءة ونصب الكاميرات وتجهيز الصوت والخلفيات دخل الأستاذ غسان الذي يتمتع دائما بطلعة بهية ورائحة زكية وهندام جميل. وجلس على الكرسي المخصص له ليقلب تلك الأوراق الصغيرة التي وضع عليها رؤوس نقاط للأسئلة المقرر توجيهها.
وخلال كل تلك الفترة لم نكن نعلم من هي تلك الشخصية الفذة التي سيتم اللقاء معها. ولعل الفضول الذي راودنا أنا وزملائي من المصورين جعلنا نلح على المخرج ليبيح بما يعلم، ولكنه هو الآخر كان لا يعلم. وبالطبع تلك مشكلة حيث إن المخرج كان لا بد وان يتخذ بعض الإجراءات الأولية لتنظيم عمله وفقا لطبيعة الشخصية وملبسها وحركتها وغيره.
على أية حال، فتحت الأبواب ليندفع منها سيل جارف من البشر الذين يحركون أيديهم باتجاه رؤوسهم المحنية إلى الأرض وكأنهم عبيد لإمبراطور شديد، يحفونه بالإجلال والخضوع والخنوع.
دخلت (فقمة) بشرية سوداء بعمامة كبيرة وبرائحة نتنة تزكم الأنوف، لا يتحملها حتى من كان قد فقد حاسة الشم. وبالرغم من أننا كنا نبتعد مع كامراتنا لثلاثة أمتار عن موقع جلوس مقتدى الصدر إلا أننا كنا نعطف على الأستاذ غسان بن جدو الذي كان طيلة فترة اللقاء يدير برأسه إلى الجانب الآخر عسى أن يخفف عليه وطأة تلك الرائحة العفنة والنتنة. ويبدو انه لم يغتسل لشهرين مضت على اقل تقدير.
بدأ اللقاء بكلمات غريبة أطلقها رجل الإعلام والسياسة: " أنا أريد أن يكون اللقاء مسجل وليس مباشر لان(تره نوبات آني أجفص)! ".. استغرب الأستاذ غسان وقال له: " طيب حسب رغبتك وهكذا أصلا نحن قد قررنا التسجيل وليس البث المباشر منذ أن كنا في بيروت. ولكن سماحة السيد لم نفهم ماذا تعني بكلمة (أجفص) وهل هي عربية أم إيرانية؟"
فأجاب: " أقصد أخاف (ألوص بالحجي)..! "
ولم نفهم جميعنا الأولى حتى نفهم ترجمتها.
وتم اللقاء الذي كان من أصعب اللقاءات المتقطعة بين الحين والآخر وبطلب من(سماحة السيد) حيث بين حين وآخر يقول ها ماقلت لكم(جفصنا ولوصنا).. ثم يردف القول المجامل على طريقته المبتذلة (حبيبي.. لاتزعلون مني تره آني محضرلكم باجه عراقية راح تتخبلون عليها). وتره كل واحد ميطلع منا إلا أغرقه بالتومانات (العملة الإيرانية).!
كنت في حيرة من أمري كيف أصور هذه الفقمة البشرية ومن أي زاوية. هل أركز على وجهه الذي يوحي بالبهل؟ أم على عمامته الكبيرة التي غطت رأسه ومنعته من التفكير؟ أم على عباءته التي لم تغسل أو تكوى؟
كان الأستاذ غسان قد طلب منه التوجه إلى غرفة الماكياج قبل البدأ بالتسجيل إلا انه انتفض وقال :(لعد شنو فرقي عن السياسيين الآخرين؟.. آني أريد أتباعي هيجي يشوفوني).
رجل فج لا يعرف الحديث ولا آداب الحديث.. وطيلة حديثه لم ينطق بأية آية قرآنية كريمة لأنه لا يحفظ آية!!!. أو حديث شريف لأنه ليس له معرفة بالحديث الصحيح!!. ومع كل ذلك يقال له (حجة الإسلام سماحة السيد).. سوقي بمعنى الكلمة لا يصلح سوى أن يكون بائع أحذية قديمة في سوق شعبي.

عندما عدت إلى بيروت تحدثت مع زميل عراقي عن ذلك. فلم يفاجأ بل قال لي: ألم تعلم أن العراقيين جميعا عدا ثلة من أتباعه يسمونه (مقتدى القذر).. ذلك هو عين الحق والصواب.. هكذا هو (القائد) فتصوروا كيف يكون أتباعه!

ليست هناك تعليقات: