2009/11/03

إخوان مسلمون يواجهون إيران

حمد الماجد

هذا المؤتمر الإيراني اللندني الذي يرفع شعار الوحدة الإسلامية (لن يكون إلا سبيلا لإيصال الأفكار الطائفية الهدامة إلى دول إسلامية لم تعرف هذه المذاهب التي تكفر صحابة رسول الله وتلعن أمهات المؤمنين)، هذه فقرة من بيان قوي وصريح يحث على مقاطعة المؤتمر الدولي الثالث للتقريب بين المذاهب الإسلامية في لندن، وهو مؤتمر يوافق اهواء إيران، هذا البيان كان من الطبيعي والمنطقي أن يصدر من أحد التجمعات السلفية الكويتية مثلا، أو جمعية أهل الحديث البريطانية، أو جماعة أنصار السنة في القاهرة، لكن أن يصدر من «إخوان مسلمين» في بريطانيا فهو أمر جد لافت.

واللافت أيضا أنه وعلى خلاف مواقف الإخوان المسلمين «الضبابية» التي تصدر من مركزهم الرئيسي في القاهرة أو من فرعهم المؤثر في اليمن أو حتى ذراعهم العسكرية القوية «حماس» حول إيران ونشاطها الأخطبوطي في الدول العربية والإسلامية، فإن بيان «إخوان لندن» كان شفافا وواضحا من هذا النشاط الأيدلوجي وخاصة الفتنة الحوثية، حيث يؤكد بيانهم بأن (خير دليل على ما نقول هي الأحداث الجسام التي تهدد اليمن ووحدته بتآمر عصابات الحوثيين، والقتل الطائفي الذي شهده العراق وبدفع من ميليشيات إيران الطائفية).

وصلني هذا البيان عبر المجموعة البريدية النشطة للإعلامي المشاكس الصديق الدكتور عبد العزيز قاسم، وحين حللت مفردات البيان وجدتها ليست في أدبيات بيانات الإخوان التقليدية، فساورني شك في صحة نسبة البيان إليهم، فاتصلت هاتفيا بأحد قيادات الإخوان في بريطانيا بغية التأكد، ففهمت منه أن البيان ليس صحيحا، ولكنه ليس مكذوبا، مهلا يا سادة، فليس ثمة تناقض في فهمي لكلامه، البيان ليس صحيحا لأن نسبته لا تصح «رسميا» إلى فرع الحركة في بريطانيا، وليس مكذوبا لأن أفرادا من «الإخوان البريطانيين» كتبوا هذا البيان غير مذيل بأسمائهم خشية إحراج قادتهم، أو هكذا بدا لي، هذا البيان يذكرني بتعليقات لأفراد من الإخوان المسلمين على مقالي السابق عن «الإخوان المسلمون والحوثيون» في هذه الصحيفة 18 أيلول (سبتمبر) 2009 منتقدين فيها موقف الحركة غير الواضح والحدي من النشاط التبشيري الإيراني في الدول السنية ومخالبها الحوثية التي غرزتها في خاصرة اليمن.

هذا البيان «الإخواني» حتى ولو لم يكن رسميا فيظل تحولا لافتا وإيجابيا في مواقف «بعض» الإخوان المسلمين، وهو تحول منطقي تمليه الانكشافات الجلية لسوأة السياسة الإيرانية، فحين لعبت بورقة مقاومة حزب الله لإسرائيل انكشفت حقيقتهم بعد أن جاست خلايا الحزب في الديار البيروتية السنية، وسقطت ورقة أخرى لإيران التي تنادي بالوحدة الإسلامية حين عززت من نشاطها التبشيري في بلاد مسلموها سُنة بالكامل مثل مصر والمغرب أو لا يوجد بها المذهب الجعفري أبدا مثل اليمن، هذا الصوت الخافت من أفراد تابعين لحركة الإخوان يجب أن يلقى صداه في المواقف الرسمية للحركة من إيران ونشاطها الأيدلوجي.

المشكل هنا أن إيران وماكينتها الإعلامية المؤثرة والسائرين في فلكها يرفعون «كَرْت الطائفية» الأحمر ضد كل من ينتقد سياسة إيران الأيدلوجية وتدخلاتها في الدول العربية والإسلامية، وكنا سنوافقهم لو أنهم رفعوا هذا الكرت الطائفي ضد الذين يتحرشون بموضوع الطائفية بغية إلحاق الأذى بشريحة هي جزء من لحمة الوطن أو يؤلبون الأغلبية على الأقلية ويشجعون التضييق على حياتهم وأرزاقهم وحتى حرياتهم الدينية، لكن الواقع الإيراني غير ذلك، دقق في نشاطات إيران ستجد أن كل فقرة فيها تعزز الطائفية وتبذر الفتنة، ولعل آخرها تهويش رئيسها المتهور وتلميحاته السيئة حول حج هذا العام وإعلان البراءة في نسختها الإيرانية والتي يتبرأ منها كل الحجاج المسالمين الذين يطمحون في حج آمن هادئ، يا أعزائي إيران تخوض حربا أيدلوجية غير متكافئة مع دول عربية هي أصلا في حالة فصام وخصام مع انتمائها الإسلامي، فنتيجة المعركة إذن معروفة سلفا، ولا يفل أي أيدلوجية إلا أيدلوجية مضادة.

ليست هناك تعليقات: