وتكاد ان تجمع اخيراً على ان اخفاق المجتمع الدولي في فرض عقوبات دولية بكل معنى الكلمة اي صادرة عن مجلس الامن وملزمة تالياً لأعضاء هذا المجتمع كلهم وقادرة بشموليتها وشدتها على ممارسة ضغط كبير على ايران لا بد ان تدفعها مستقبلاً الى الاعتدال وطلب التفاهم والتسوية - تكاد ان تجمع على ان هذا الإخفاق سيكون الضوء الاخضر غير الرسمي الدولي او على الاقل الاميركي لاسرائيل كي توجه ضربة عسكرية الى المنشآت النووية الايرانية وربما البنية التحتية العسكرية وغير العسكرية لايران بصرف النظر عن مدى الاذى الذي يمكن ان تلحقه بالمشروع النووي الايراني، والذي يكاد ان يجمع المجتمع الدولي ايضاً على انه سيكون طفيفاً رغم الضرر المعنوي الذي لا بد ان يصيب ايران بل نظامها. لكن ما لا تجمع عليه الجهات الدولية المتنوعة نفسها فهو الموقف الذي سيتخذه "حزب الله" اللبناني الهوية والايراني – الاسلامي الايديولوجيا من الضربة العسكرية الاسرائيلية لايران، اي رد فعله على الضربة وهل يكون بالرد عليها عسكرياً من خلال اطلاق آلاف الصواريخ التي تحتويها ترسانته على مدن اسرائيل وقراها ومراكزها الاقتصادية والعسكرية المتنوعة ام يكون بالصمت العسكري وباعلاء الصوت سياسياً واعلامياً وشعبياً في كل مناطق نفوذه؟
ذلك ان بعض الجهات المذكورة، وقسم منه اوروبي، يميل الى الاعتقاد ان "حزب الله" لن يرد على ضرب اسرائيل لايران عسكرياً بضربها صاروخياً. ولا يعود ذلك فقط الى خوف من رد الفعل الاسرائيلي على ذلك والذي لا بد ان يكون مدمراً للجنوب معقله ومعقل "شعبه" وللبقاع وتحديداً الشمالي معقله الآخر ومعقل "شعبه" وللضاحية الجنوبية للعاصمة معقله الثالث ومعقل "شعبه" وكذلك لسائر المناطق اللبنانية "بشعوبها" المختلفة والمتناقضة. بل يعود الى قرار ايران الاسلامية التي تمون عليه. وهذا القرار لا بد ان يكون بالامتناع عن الرد عسكرياً على اسرائيل من لبنان. اما سبب قرار كهذا فهو اقتناع ايران بانها تملك اوراقاً اقليمية كثيرة منها الوجود الشيعي المتعاطف في دول الخليج والقابل للتحرك في الوقت المناسب ربما بسبب يأسه من الانظمة التي لم تراع يوماً خصوصياته ولم تحترم حقوقه.
ومنها الوجود الايراني داخل الثورة الفلسطينية او على الاقل داخل قسم مهم منها. ومنها الحلف مع سوريا والتأثير الايراني المتنامي داخل اوساطها المتنوعة من مدنية وربما عسكرية. ومنها "حزب الله" اللبناني. واقتناعها في الوقت نفسه بان الورقة اللبنانية التي يمثلها "حزب الله" تبقى الاكبر والأقوى والأهم بالنسبة اليها. فهذا الحزب أخرج اسرائيل بالقوة من اراض لبنانية احتلتها من زمان عام 2000. وهزمها عام 2006 بمنعه اياها من تحقيق اهدافها من الحرب وابرزها القضاء عليه او على الاقل اضعافه بحيث لا يعود في امكانه استعادة قوته. واسس دولة في لبنان في ظل اللادولة اللبنانية وسيطر على غالبية هذه اللادولة وسيسعى للسيطرة على ما تبقى منها باستغلال كل الفرص والامكانات والتحالفات. وهذا الحزب اكثر اخلاصاً لايران الاسلامية وولاية الفقيه بل هو جزء منها ايديولوجياً ولذلك فان لبنان الخاضع لتأثيره يبقى اهم من اي من الاوراق الاخرى المذكورة اعلاه وخصوصاً انها قابلة احياناً للصرف في "معارك" معادية لها او للتمزيق... فضلا عن انه بـ"انجازاته" يكاد يكون الوحيد الذي استطاع تحقيق هدف ايران وهو التحول جزءاً اساسياً في المحور الضاغط على اسرائيل مباشرة وحليفتها اميركا بل المواجه لهما، وتقضي هذه "الميزات" كلها بالمحافظة على الحزب وليس بتعريضه للخطر.
الا ان هناك بعضاً آخر من الجهات الدولية المتنوعة نفسها يعتقد ان "حزب الله" لا يستطيع الا ان يرد على ضرب اسرائيل ايران عسكرياً وان النظام الايراني لا يستطيع الا ان يطلب منه ذلك او بالاحرى ان يتجاوب مع رغبته في الرد. وما يدفعه الى هذا الاعتقاد هو ان موجِّه الضربة الى ايران هو اسرائيل الموجودة على حدود لبنان والواقعة تحت مرمى صواريخ "حزب الله" ذات القياسات والاحجام المتنوعة والمقدر عددها بالآلاف والمهددة دائماً الحزب وحلفائه. في حين ان الرد الايراني على اسرائيل مباشرة ورغم القدرة على ممارسته فإن اذاه في رأي البعض المذكور من الجهات نفسها كما في رأي خبراء دوليين كبار لن يكون كبيراً بعكس اذى الصواريخ "اللبنانية" للحزب. اما لو كانت اميركا هي موجهة الضربة العسكرية الى ايران فان القيادة في الاخيرة قد تطلب من "حزب الله" عدم الرد مباشرة على اسرائيل لأن لا دور رسمياً لها في ذلك ولأن ايران قادرة بصواريخها وسائر اسلحتها على الرد على اميركا عبر قواتها وحلفائها في الخليج وقادرة ايضاً على ضرب حقول النفط او على "سد" طرق نقله وإمداد العالم به ولأن الحزب قد تُطلب خدماته لاحقاً في عمليات امنية ضد مصالح اميركا في عدد من انحاء العالم وخصوصاً حيث له قواعد شعبية تضم بين جنباتها اعضاء فيه.
اي اعتقاد من الاثنين المفصّلين اعلاه هو الأصح؟
الجواب عن ذلك هو نوع من التنظير. اذ لا يعرف احد ردود الفعل عند حدوث الأمور الكبرى. فهي قد تكون نتيجة عقل وحكمة وتخطيط كما قد تكون نتيجة انفعال وربما تهور. كما ان لا شيء يمنع ان تكون مزيجاً من الإثنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق