2009/07/27

الهجوم علي الصحابة.. خطوط حمراء

بقلم د/ طارق الزمر

يخطئ قادة الشيعة و علماؤهم.. إذا تصوروا أن مذهبهم قابل للتمدد في المنطقة الإسلامية.. كما يخطئون إذا تصوروا أن مشروعهم السياسي المقاوم للنفوذ الغربي الإسرائيلي في المنطقة يمكن أن يكون قاعدة لهذا التمدد.

كما يخطئون أكثر حين يتخيلون أن مذهبهم هو المذهب المؤهل لقيادة المنطقة.. وفي ضوء شيوع هذه الأخطاء وتردد هذه المغالطات.

يصبح من الواجب علي أهل الحق و قادة و علماء الصحوة الإسلامية السنية أن يحددوا موقفهم الفقهي و السياسي تجاه المشروع الإيراني الفقهي و السياسي.. وخاصة أنه قد أصبح يمتلك العديد من الأوراق الهامة بالمنطقة.

كما لا يخفي علي قادة المشروع الإسلامي المعاصر أهمية هذا الموقف في إطار بناء رؤية متكاملة لمواجهة كل تحديات المرحلة- الخارجية والداخلية.

كما يجب وضع النقاط علي الحروف.. فيما يمكن أن يقبل من المشروع الإيراني.. و ما يجب أن يرفض بل و يقاوم.

وفي ضوء ذلك أري أن أهم ما يجب أن يرتكز عليه المشروع الإسلامي المعاصر بصدد التحرك الإيراني المذهبي:

أولا ً: يجب أن يكون معلوما ً أن عقيدة أهل السنة والجماعة تقوم علي أن الصحابة - رضوان الله عليهم - كلهم عدول.. وأنهم أفضل الأمة.. و خير القرون.. و أن أفضل الصحابة هم الخلفاء الراشدون.. ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة.. و أن هذه العقيدة تستند إلي سبق الصحابة بالإيمان، و صحبتهم للنبي - صلي الله عليه وسلم - و نصوص القرآن الدالة علي صدقهم و بذلهم في سبيل نصرة الدين.. و أنه يستحيل علي الله أن يثني كل هذا الثناء علي قوم.. ثم يقع بعد ذلك ما ينافي هذا الثناء.

ومن يعتقد ذلك إنما يطعن في الله- تعالي - هذا إضافة إلي نص الرسول - صلي الله عليه و سلم - علي خيريتهم و فضلهم.. و نهيه عن عدم الخوض فيهم

ثانيا: إذا كان الشيعة صادقين حقا في مقاومة الهجمة الغربية الصهيونية علي المنطقة.. فليوقفوا فورا ً العدوان و الطعن علي صحابة رسول الله - صلي الله عليه و سلم- و لاسيما إذا كان ذلك يصدر من قادتهم و ذلك للآتي:-

1) لأن الطعن علي صحابة رسول الله - صلي الله عليه و سلم- هو عدوان صريح علي عقيدة غالبية العالم الإسلامي.. و استفزاز لا يتصور عاقل أن يمر دون أن يلقي بظلاله علي تماسك هذا العالم فصلا عن تفكيكه.

2) لأنه يستحيل أن يقف العالم الإسلامي في وجه أعدائه.. أو أن يستنهض لذلك.. و هو مدعو إلي معارك داخلية لن تبقي شبرا لمقاومة العدوان الخارجي !!

3) إن إيران التي تدير صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل، بهذا الدهاء و الاحتراف، لن يغيب عنها أن محاولات التمدد المذهبي ستقوض كل ما قامت ببنائه علي مستوي العالم الإسلامي خلال الثلاثين عام الماضية

4) إذا كان الشيعة يبحثون- حقيقة - عن توافق عقلاني ومن ثم سياسي فالأولي أن يتوقفوا هم عن الهجوم علي صحابة رسول الله -صلي الله عليه وسلم - لا أن يكون أهل السنة هم المطالبون بأن ينكروا فضل أئمتهم و أئمة الهدى.. أو أن يتهموا بعضهم حاش لله !!

ثالثا ً: يجب أن يكون معلوما أن عقيدة أهل السنة و الجماعة، هي العقيدة المؤهلة - علميا وعمليا - لإدارة صراع الأمة المركزي مع الثقافة الغربية ولاسيما في هذه الحقبة الهامة من حقب المواجهة مع هذه الثقافة.

فعقيدة أهل السنة هي العقيدة المؤهلة علميا " لهز " و" دك " حصون عقائد الغرب الدينية و الدنيوية.. بينما عقائد الشيعة قد تتلاقي مع بعض هذه العقائد في بعض مناهج الاستدلال.

و بعض قواعد الفهم.. و لا يخفي ذلك التلاقي بين طعن الشيعة في الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - واستناد المستشرقين علي الطعن في الصحابة كأحد أهم معاول هدم الدين الإسلامي ذاته.

يعتبر التوزيع الجغرافي لأهل السنة من الأكثر تأهيلا و الأنسب توظيفا..حال سخونة واشتعال الصراع الإسلامي الغربي.. فضلا عن قيادة هذا الصراع.

رابعا ً: في الوقت الذي يجب فيه علي العالم الإسلامي السني- و لاسيما قادة صحوته المعاصرة- أن يدافعوا عن عقيدة السلف الصالح، فإنه يجب عليهم أن يضعوا هدا الدفاع في موقفة الصحيح و بحجمه المناسب.. و ذلك في إطار الإدراك العام لكل أبعاد صراع الأمة مع أعدائها، الذين يسعون لطمس عقيدتها واقتلاع جذور هويتها.. فهذا الضابط هو الذي يحول دون اضطراب الرؤية أو اختلال الأولويات.

خامسا ً: يجب أن يكون واضحا لدي الطرفين السني و الشيعي.. أن تأجيج الصراع بينهما إنما يخدم بشكل مباشر مخططات الهجمة الغربية الصهيونية علي المنطقة التي تعد الأخطر علي الإطلاق- علي كل منها.

و في الختام فإننا في الوقت الذي لم نستطع فيه أن نخفي إعجابنا بالنموذج الثوري الإيراني ومشروعة السياسي المناهض للمخططات الأمريكية في المنطقة.. لا يمكننا أيضا أن نخفي انزعاجنا من إمكانيات استخدام هذا المشروع لتدمير المنطقة.. و إشعال حروب طائفية داخلها.. تقضي علي حاضرها ومستقبلها.. و تمكن لمخططات أعدائها.. لهذا وجب التحذير.

ليست هناك تعليقات: