2010/05/10

خريجو الأزهر: الأنظمة السنية تضعف المؤسسات الدينية لصالح الشيعة

كتب محمد كمال وحسين أحمد (المصريون): | 10-05-2010

فجر الملتقي الخامس للرابطة العالمية لخريجي الأزهر أمس في يومه الثاني قضية المد الشيعي، وسط اتهامات إلى إيران بالعمل على تصدير الفكر الشيعي إلى دول المنطقة بكافة الوسائل، مقابل اتهامات للأنظمة الحاكمة في الدول السنية بالمسئولية عن ذلك نتيجة إضعاف المؤسسات الدينية.
حذر الدكتور عبد الكبير العلوي وزير الأوقاف المغربي الأسبق، أمين صندوق لجنة القدس وعميد كلية الشريعة بجامعة القرويين من أن إيران تقوم بتسخير إمكاناتها المادية والبشرية لنشر المذهب الشيعي، وتصدير الثورة الإيرانية، ودعمها للأقليات الشيعية الموجودة بدول الخليج، وتقوم باستضافة آلاف الطلبة من الدول السنية للدراسة بالجامعات الإيرانية لنشر المذهب الشيعي بجميع الوسائل، إضافة إلى بث محاضرات لعلماء الشيعة عبر القنوات الفضائية تهاجم أهل السنة والجماعة.
اعتبر أن استمرار هذا المد يعد خطرا كبيرا يعصف بالأمة الإسلامية ويهدف إلى القضاء على أهل السنة والجماعة في ظل نفوذ بعض "المرتشين" من المروجين للتشيع الإيراني، الذين قاموا بالترويج للفكر الشيعي ببعض البلدان العربية، مثل سوريا وقطر، ثم وجهوا بوصلتهم للفلسطينيين، إلا أنه نفى أن يكونوا حققوا ما يريدون بسبب تصدي العقلاء من أهل السنة لهذا المد.
وأضاف إنه لا ينبغي أن نلوم إيران إذا أخلصوا في خدمة مذهبهم وعملوا على نشره، وإنما ذكرنا هذا لبيان المعركة العقدية وحاجتنا في هذا العصر إلى أدواتها ولوازمها، لاسيما أن لها حمولة سياسية تتعلق بتصدير الثورة وقلب الأنظمة الحاكمة وإحداث التغيير الضروري الذي يسمح بنشر المد الشيعي على العالم الإسلامي كله.
في المقابل، اتهم النظم السياسية في الدول السنية بإضعاف مؤسساتها الدينية، متسائلا: أين الأزهر الشريف وجامع القرويين والزيتونة وغيرها من القلاع الدينية الكبرى التي كانت فيما سبق حصونا من حصون الزود عن الإسلام والمد السني، بعكس إيران التي تعمل على نشر المذهب الشيعي في أوساط السنة رغم تعهدها بوقف هذا المد من خلال مؤتمرات التقريب بين المذاهب الإسلامية، إلا أنها تستمر في نشره وتعمل على تقويته بالمال والإعلام وفى بعض الأوقات بالسلاح، مثل الحوثيين في اليمن الذين قاموا بتسليحهم للخروج على أهل السنة.
وأشار العلوي إلى أن الدين في إيران هو الدولة والدولة دولة الدين والمذهب الشيعي مذهب الدولة وقائد الثورة الإيرانية هو أمام المذهب، لذلك فالدولة خادمة للمذهب وهي حصنه وقلعته وقوته الضاربة على عكس النظم في دول السنة.
وقال إن الأنظمة في الدول السنية اختارت فصل الدين عن الدولة واختارت اللائكية المغلفة بغلاف رقيق شفاف من الطقوس الدينية الشكلية باستثناء السعودية التي تتبنى المذهب الحنبلي والمملكة المغربية التي تعتبر ملكها أمير المؤمنين وتتبنى المذهب الأشعري.
واتهم الأنظمة السنية بأنها قامت بإضعاف مؤسساتها الدينية عن عمد وسبق إصرار لأسباب سياسية تخدم المد الأيدلوجي والفكري الذي كان يرى في تلك المؤسسات كهوفا لثقافة تقليدية بالية لا تسمح بعصرنة المجتمع ودمقرطته وتقدمه، على حد قوله.
ومضى قائلاً إن علماء السلف الصالح لم يدرجوا موضوع الخلافة ونظام الحكم في أبواب الفقه بل أدرجوه في أبواب العقيدة وهذا التصرف المنهجي له دلالته العميقة، وطالب الأنظمة السياسية السنية بأن تعتني بمذهبها العقدي السني لأنه ليس مهما من الوجهة الدينية فحسب، لكن أيضا من الوجهة السياسية والأمنية.
وفى نهاية كلمته دعا الدول العربية من الحريصين على وحدة الأمة مثل السعودية ومصر إلى التصدي لهذا المد الشيعي بكل قوة، خاصة وان إيران لا تزال تبذل الكثير لنشر مذهبها في تلك البلدين بعد نجاحها في نشره ببعض بلدان الخليج والعراق وغيرها.
وقوبلت كلمة العلوي بتأييد كبير من العلماء الحاضرين، متفقين على ضرورة التصدي لهذا الخطر الذي يريد القضاء على أهل السنة، معتبرين أن المد الفارسي يعد بمثابة السرطان الذي ينتشر في جسد الأمة ومن ثم يجب التصدي له والقضاء عليه.
من جانبه، أكد الدكتور عبد الله الحسيني رئيس جامعة الأزهر أن المؤتمر لن يتحول إلى ساحة للهجوم على المذاهب الفقهية، لكن يهدف إلى العمل على وحدة الأمة الإسلامية.

2010/05/04

الحسيني: ولاية الفقيه مضللة وإيران استعمارية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --

قال السياسي والعلامة الشيعي اللبناني، محمد علي الحسيني، أمين عام المجلس الإسلامي العربي، إن النظام الإيراني يسعى لـ"تضليل الشيعة العرب" عبر نظام ولاية الفقيه، ونفى الحسيني وجود صلات تجمعه بحزب الله، إلا أنه أشار إلى "علاقاته الجيدة" بالمملكة العربية السعودية.

وأكد الحسيني، في حديثه خاص لموقع CNN بالعربية، بأن تنظيمه السياسي والعسكري لن يتخذ أي قرار عسكري بمعزل عن الحكومة اللبنانية، معتبرا الحديث عن "استغلاله الشبه بينه وبين الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله" بأنه "مجرد دعابة."

ولدى سؤاله عن موقف حزبه في حال اندلاع حرب بين لبنان وإسرائيل، خاصة في ظل مؤشرات الحرب التي تبدو في المنطقة قال الحسيني: "الموضوع ليس القتال إلى جانب حزب الله أم لا . المقاومة في لبنان موجودة قبل حزب الله، وستستمر بعده طالما بقيت أرض لبنانية محتلة، أو بقي خطر العدوان على لبنان "

وتابع: "هذا في الشكل. أما في المضمون فالمقاومة الإسلامية العربية التي يقودها الجناح الجهادي للمجلس الإسلامي العربي (الذي يقوده) كانت واضحة منذ اليوم لانطلاقتها بأنها وجدت للدفاع عن لبنان وعن كل أرض عربية تتعرض للخطر، وهي في ثقافتها وسلوكها تنخرط تحت سقف القانون في البلد المعني، وفي حالة لبنان فإن هذه المقاومة تلتزم بقرار الدولة اللبنانية ، ولا تخرج عنه."

وأوضح الحسيني أن الجناح العسكري الذي يقوده "لا ننفرد بقرار إشعال حرب" معتبراً أن خطوة من هذا النوع تعود للدولة التي حددته في البيان الوزراي للحكومة اللبنانية الذي أكد حق لبنان، جيشا ومقاومة وشعبا، في الدفاع عن أرضه، ورأى أن كلمة المقاومة الواردة في البيان "لا تعني حزبا محددا أو جهة بعينها .

ورفض الحسيني ما يقال عن محاولته الاستفادة من الشبه بينه وبين نصر الله لمنافسته بين شيعة لبنان ، واصفا الأمر بأنه "دعابة لا شك فيها،" خاصة وأن هناك في حزب الله من يشبه نصر الله أكثر منه، وأضاف: "نحن لا نقدم أنفسنا كمنافسين بالشكل الذي ورد في السؤال، نحن ننطلق من أن الشيعة في لبنان وغيره من الدول، لهم الحق في اختيار قيادتهم ومرجعيتهم، بالاستناد إلى أفكار واجتهادات ومواقف، وليس بالنظر إلى أمور شكلية أو تفصيلية "

ودلى سؤاله عن سبب إصراره على تسمية نفسه "المرجع السياسي للشيعة العرب" قال الحسيني: "والواقع أن كل تاريخ الشيعة هو تاريخ مرجعيات كبيرة وفذة ومشعة في عالم الفكر الإسلامي التوحيدي. نحن لا ندعي أننا نزيل من هذا التاريخ المشرق علاماته المضيئة، جل ما في الأمر أن الشيعة العرب يتعرضون اليوم لأوسع حملة تضليل واستغلال في تاريخهم من قبل نظام ولاية الفقيه الإيراني."

واتهم الحسيني طهران بأنها تحاول عبر فكرة ولاية الفقيه: "الترويج لمعتقدات غريبة عن التراث والفكر الشيعيين، واعتبار (النظام الإيراني) نفسه وليا على هؤلاء الشيعة. مضيفاً أنه أوضح في أطروحته التي تحمل عنوان "ولاية الفقيه" بأن هذه النظرية ليست من صلب العقيدة الشيعية، وأنها ليست سوى مسألة سياسية تزعم الارتكاز إلى الدين."

وأضاف: "ولاية الفقيه ليست من صلب العقيدة الشيعية، إنها مسألة سياسية إيرانية، وللتوضيح أكثر نقول أن رفض الشيعي لنظرية ولاية الفقيه لا يخرجه من الطائفة، وأن ما ينزع عنه صفة الشيعي هو نكران ما ورد في صلب العقيدة الشيعية."

وأكد الحسيني أنه نال مبايعة من الشيعة العرب لدوره السياسي قائلاً: "تصدينا بحزم لإدعاءات ولاية الفقيه، وعملنا على تنوير الشيعة على مخاطرها التي قد تودي بهم للانخراط في مخطط التمدد الاستعماري للنظام الإيراني الحالي، ونتيجة لطروحاتنا وعملنا الدؤوب مع أبناء الطائفة الشيعية في الدول العربية جاءت مبايعتنا كمرجعية سياسية لهم."

وتابع قائلاً: "الإصرار على تسمية المرجع السياسي للشيعة العرب لا يأتي من ذاتنا، بل من مئات الآلاف من المتابعين لدعوتنا ولحركتنا، والتي يجدون فيها ردا أصيلا على مزاعم فارسية غريبة عن تاريخهم وتراثهم وثقافتهم وانتمائهم القومي ."

وأكد الحسيني وجود فوارق دينية وعقائدية بين الشيعة العرب والشيعة بإيران، إلى جانب الشق السياسي المتمثل في البعد القومي بين العرب والإيرانيين، وأضاف: "في السياسة يختار المواطنون في كل دولة النظام الذي يحكمهم ويدير أمورهم. أما في إيران كان النظام مستندا على استفتاء شعبي نظم على عجل بعد سقوط الشاه، واختار الإيرانيون يومها الجمهورية الإسلامية . وبصرف النظر عن موقف الشعب الإيراني اليوم فهذا شأنه ولا نتدخل فيه .

وأردف: "أما الشيعة العرب فقد اختاروا منذ عقود طويلة العيش في ظل الأنظمة القائمة في دولهم، ولم يطمحوا يوما لان يكونوا تحت سلطة ولية الفقيه الإيراني، بل على العكس. والشيعة العرب ، فضلوا الرابطة القومية على الرابطة المذهبية، وقد كان لنا الدور الأساس في تقديم المبررات الفقهية لذلك."

وحول تمكن حزب الله من الساحة الشيعية في لبنان، رغم مرور سنوات على وجود حركة الحسيني قال الأخير إن المقارنة بهذا الشكل لا تصح، باعتبار أن حزب الله "لم ينطلق من فراغ، بل خرج كتلة تنظيمية شبه مكتملة من رحم حركة أمل (تنظيم شيعي لبناني يقوده حالياً رئيس مجلس النواب نبيه بري) بعد سنوات من التشكل داخلها."

ورأى الحسيني أن حزب الله: "ولد حزب الله وفي فمه ملعقة من الذهب، بعدما وضعت إيران من الأيام الأولى لقيام نظام الخميني ثقلها المادي لقيام الحزب، وخصصت له مئات ملايين الدولارات وكل الدعم البشري والتقني والتسليحي والتدريبي والتوجيهي ، فكانت انطلاقته سريعة للغاية."

وبمقارنة ذلك مع وضع حركته قال الحسيني: "حركتنا تسير بخطى واثقة وثابتة، وإن ظن البعض أنها بطيئة. ولكن يجب الآخذ بالحسبان أنها قامت وتستمر بجهودها الذاتية، ولا تستند إلى دولة ثرية أو محور دولي فاعل. ومع ذلك فقد تحول مجلسنا الإسلامي العربي إلى المرجعية السياسية للشيعة العرب."

-ودافع الحسيني عن وجود العنصر النسائي في الجناح العسكري لحركته، وقال إن "الجهاد" ليس حكرا على الرجال دون النساء، وقال إن للمرأة أدوار كثيرة تقوم بها في الحركة، ومنها الدور العسكري والأمني واللوجستي، وأضاف بأنه أفتى بمشاركة المرأة مشاركة كاملة في الأعمال العسكرية على اختلافها.

وعن علاقاته الإقليمية، وخاصة مع إيران والسعودية، قال الحسيني: "لا نقيم أي علاقة أو اتصال مع النظام الإيراني، إنما نقيم علاقات طيبة للغاية مع الشعب والقوى الحية في إيران التي تنتفض منذ حوالي العام ببسالة لقمع النظام الدكتاتوري القاتل في بلادها."
وأضاف: "أما المملكة العربية السعودية - كبلد إسلامي عربي- فعلاقتنا بها ممتازة، وسبق لنا أن تشرفنا بتلبية الدعوات الكريمة لخادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله بن عبدالعزيز) للحج إلى الأراضي المقدسة، وكان لنا لقاء مع جلالته ، عدا عن الاجتماعات والزيارات للإخوة في الشؤون الإسلامية ورابطة العالم الإسلامي."

ورفض الحسيني التعليق على التقارير التي تحدثت عن احتمال توجيه اتهام لبعض قادة حزب الله بالتورط بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، وقال إنه "ينتظر ينتظر كسائر اللبنانيين قرار المحكمة ليبني على الشيء مقتضاه."

وعلى صعيد حركته ومستقبلها، وعد الحسيني بـ"مفاجآت" على الصعيد العسكري، مرتبطة بصلب التحضير للحرب التي قد تقع، أما على المستوى السياسي والفكري، فأشار الحسيني إلى أن عمله "مستمر لقلب موازين القوى على الساحة الشيعية العربية،" معرباً عن أمله بمفاجأة العالم بمدى التجاوب الشعبي مع دعوته وحركته.

الكويت ومخططات الشر الإيرانية… تاريخ حافل

السياسة الكويتية

بقلم : داود البصري

لا يخفى على حصيف أو أي مطلع على شؤون دول الخليج العربي بأن لدولة الكويت أهمية استثنائية في التفكير و التخطيط التبشيري الاستراتيجي الإيراني منذ الأيام الأولى للثورة الإيرانية العام 1979 وهيمنة التيار الديني الطائفي المتشدد على دفة الأمور في طهران , فطبيعة الفكر الآيديولوجي للثورة الإيرانية هي طبيعة تبشيرية مباشرة تصب باتجاه تكوين الأنصار و المحازبين و الخلايا و التمهيد لأحوال انقلاب فكرية و عقائدية وصولا لتحقيق الهدف الأكبر و المعروف , كما ان الهدف النهائي و الحاسم للمجموعة الحاكمة في طهران هو السيطرة على مقاليد الأمور في دول الخليج العربي تمهيدا لإخضاعها بالكامل ليس للنفوذ السياسي المباشر فقط بل حتى للولاء الديني و المرجعي وهو الملف الذي اشتغل عليه الإيرانيون بدءا من العراق وحيث البيئة و الوسط المناسب بالكامل لتنفيذ الطروحات و الأجندة الإيرانية من خلال الأحزاب التابعة و الموالية للفكر الإيراني المذهبي و السياسي من أمثال حزب الدعوة أو جماعة العلماء المجاهدين أو منظمة العمل الإسلامي أو جند الإمام أو غيرها من التفرعات و الأسماء و الجماعات التي نبتت فيما بعد و تصب جميعها في خدمة المشروع الإيراني العام و الذي هو مشروع تبشيري عقائدي ضخم للغاية و ليس مجرد ( كلام فاضي ) أو جعجعة في الهواء , و أعتقد أن أحداث الثمانينيات من القرن الماضي ستعطي القارئ الذي لم يعش أحداث تلك الفترة و تحولاتها و صدماتها و مآسيها صورة عامة لطبيعة ذلك المشروع الذي كان سببا مباشرا من أسباب التوتر الإقليمي و العسكري في الخليج العربي و الشرق الأوسط حيث شهدت المنطقة أشنع حرب إقليمية مدمرة تمثلت في الحرب العراقية الإيرانية ( 1980/1988) و التي وجدت دول الخليج نفسها فيها بين المطرقة و السندان , فهذه الدول الصغيرة لا ترغب في التوتر و لا في الحروب المدمرة و لكنها وجدت نفسها على غير رغبة منها واقعة في وسط نيران إقليمية و دولية تهدف لتصفية الحسابات العاجلة و لتسوية ملفات و أجندات كان يراد لها أن تسوى و تطوى بطريقة أو بأخرى , لقد وجد النظام الثوري الجديد و المتحمس وقتها في إيران أن الساحة الخليجية مهيأة بالكامل لتقبل المشروع الإيراني اعتمادا على حجم و شكل الصورة المذهبية السائدة و مساحات التسامح و الديمقراطية و الانفتاح الواسعة نسبيا في الساحة الخليجية , فبدأ مشروع تصدير الثورة الإسلامية العالمية عبر بناء الخلايا و الكوادر الشبابية المتعاطفة و المؤمنة بما حدث في إيران واستثمار تلكم الطاقات الشبابية المتحمسة في تنفيذ أغراض الدولة الإيرانية و أهدافها , و كانت دولة الكويت بطبيعتها المتسامحة و بتحرر و ثقافة شبابها في تلكم الأيام هي المركز الأول و المفضل للدعاية الإيرانية و بسبب القرب الجغرافي من العراق أيضا حيث يكمن هناك الثقل الحقيقي لأصحاب المشروع الإيراني التوسعي , وشهدت تلك الفترة منذ بداية الثمانينيات وحتى نهايتها النشاط الحقيقي لبناء الخلايا السرية المرتبطة بالولاء الحقيقي و الشرعي لسلطة الولي الإيراني الفقيه و كان وقتها المرحوم آية الله الخميني بشخصيته الكارزمية المعروفة و بالهالة الإعلامية الكبرى التي أحاطت به , و كان ذلك المشروع ينمو باضطراد و فاعلية واضحة و تميز في بعض حلقاته بنشاطات مسلحة تمت فيها المواجهة العسكرية في شوارع الكويت مع بعض من أعضاء تلكم المجاميع المرتبطة بالمشروع الإيراني الهادف لتغيير نظام الحكم في دولة الكويت و إلحاق الكويت تحت ظل الهيمنة الإيرانية!! ( وطبعا ذلك ليس كلام فاضي أبدا )! , و الدليل هو المواجهات العسكرية و الأمنية التي حدثت بين الأمن الكويتي و أتباع النظام الإيراني من الكويتيين في يوم 15/7/ 1987 أمام مجمع الصالحية التجاري في قلب العاصمة الكويتية و كذلك المواجهات الأمنية التي تكررت يوم 19/5/1988 بالقرب من مبنى الخطوط الجوية الكويتية في شارع الشهداء حاليا و التي سقط فيها عدد من الضحايا لا أرى داعيا لذكر أسمائهم وأرشيف التاريخ يحتفظ بكل شيء , وطبعا تلك المواجهات مع تلك الخلايا جاءت بعد سنوات طويلة من التوتر الأمني الذي بدأ في بداية عقد الثمانينيات مع تفجير المقاهي الشعبية على شاطئ الخليج العربي في السالمية و كذلك بعد المواجهات مع الأحزاب و الجماعات الدينية العراقية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في الأحواز و اهمها حملة الانفجارات الكبرى في السفارتين الأميركية القديمة في بنيد القار و الفرنسية و بعض المؤسسات الكويتية في يوم 12/12/1983 و التي جاءت بعد الانفجارات الكبرى التي عمت لبنان العام 1981 ثم أتبع ذلك سيناريو المحاولة الإجرامية الفاشلة لاغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله في 25 مايو 1985 و حيث اشتد أوار المواجهة الأمنية مع أهل المشروع الإيراني الذي لم تمنعه أوضاع الحرب مع العراق من استثمار مختلف الفرص لتنفيذ مخططاته من خلال سلسلة عملائه في الداخل سواء كانوا من الكويتيين أو العراقيين أو الجنسيات الأخرى ( ولم يكن ذلك كلام فاضي أبدا )!, و كان التطور الأكبر في استثمار الحلقات السرية الكويتية قد جاءت مع الأحداث الدموية المريعة الكبرى التي شهدها الحرم المكي في موسم الحج في يوم 21/9/1989 حيث اندلعت المواجهات التي أشعلها حجاج الحرس الثوري الإيراني و التي ذهب ضحيتها المئات من الحجاج و التي تورط فيها أيضا عدد مهم من الشباب الكويتي لا أرى داعيا لذكر أسمائهم لأنها معروفة جدا و بعضها وصل للبرلمان (مجلس الأمة ) الكويتي فيما بعد وقد توفي فيها أيضا عدد من الشباب الكويتي كما صدر أحكام بالإعدام ضد بعضهم و بالسجن الطويل و حيث تدخلت يد السلطة الكويتية الحانية و الرقيقة على شعبها لإطفاء الموضوع و تسوية القضية بأقل الخسائر الممكنة وخصوصا الدور الإنساني الكبير الذي لعبه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي كان وقتذاك وزيرا للخارجية ( ولم يكن ذلك أيضا كلام فاضي )!, وحتى محطة الغزو العراقي للكويت في العام 1990 كانت هنالك محطات توتر أمنية هائلة تغيرت أساليبها بعد الغزو بعد أن تحور المشروع الإيراني ليلائم الأوضاع المستجدة و التي تتطلب مهارات تكتيكية مهمة في إدارة ملفات الصراع الإقليمي.

المهم إن تاريخ الصراع الحديث مع المشاريع التبشيرية الإيرانية الهادفة لتغيير الأنظمة في الكويت ودول الخليج العربي هو تاريخ حافل و موثق بشواهد وأدلة مادية لا تقبل النقض وليست مجرد ( كلام فاضي ) وهو ما سنعود إليه تباعا لأن التاريخ لا يجامل أحدا و احداثه الجسام التي عشناها هي الحد بين الجد و الهزل.. و الكلام الفاضي!

حجم الدور التآمري الإيراني على الأمن الإقليمي أكبر من كل ما هو متصور ولكن المشكلة في العالم العربي عموما هي أنه لا أحد يتعظ أو يتعلم من التاريخ… و كما قال سيدنا و إمام المتقين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الكريم:

ما أكثر العبر و أقل الاعتبار…..

فعلينا أن نلحق نفسنا قبل أن يضحك علينا التاريخ و تنبذنا السياسة ونتحول كشعوب مجرد ( كلام فاضي )!.. و اللهِ حالة……

محمد علي الحسيني: الفرس لم ينتصروا للمذهب الجعفري ...

المصدر: جريدة السياسية الكويتية

تسنى لي الالتقاء بالسيد محمد علي الحسيني الامين العام للمجلس الاسلامي العربي, للمرة الأولى في باريس قبل أكثر من عامين في احد المؤتمرات السياسية هناك, يومذاك دخلت معه في حوار جانبي وتناولت معه مواضيع شتى حتى وجدت نفسي قد أمضيت وقتا طويلا جدا في الكلام مع الرجل من دون أن أشعر بمرور الوقت, وقد كان السبب في ذلك ثقافته الواسعة ومتابعته الدقيقة لمجمل الامور الجارية على الساحة وقبل كل ذلك رؤيته الذاتية الموضوعية لاشكالية الدور الشيعي في الوطن العربي ولا السبل المتاحة بتغيير هذه الاشكالية الى مرتكز ايجابي يخدم الواقع العربي ولا يخترقه. وقد تمكنت من الالتقاء بالعلامة الحسيني لمرات أخرى في روما وبروكسل وبيروت, ووجدته مصرا ومندفعا في سبيل تجسيد أفكاره وطروحاته على أرض الواقع, وبمناسبة مرور عامين على تأسيس المجلس الاسلامي العربي في لبنان, التقيناه عن قرب وأجرينا معه هذا الحوار:
المجلس العربي الاسلامي في لبنان, هل هو بمثابة بديل سياسي - فكري لتيارات سياسية - فكرية شيعية أخرى, أم هو تنظيم يعمل من أجل تغيير في وجهة النظر العربية بخصوص دور الشيعة العرب في الوطن العربي?
نحن لانحبذ فكرة البديل, ولسنا نتصور مجلسنا بمثل تلك الصورة ولا حتى طرحنا لأنصارنا ومؤازرينا هكذا تصور, بيد أننا نرى وفي ضوء تفاقم التوظيفات الخارجية للقضية الشيعية في سبيل أهداف ومآرب مشبوهة, بأنه قد بات من صميم واجبنا العمل بسياق يقف بالمرصاد لهكذا توظيفات. الحقيقة أننا نؤسس لاتجاه جديد على الساحة العربية, اتجاه يرجع بالقضية الشيعية الى أصولها العربية النقية, وذلك يعني تنقيتها من الشوائب والرواسب العالقة به.
من هؤلاء الذين وظفوا القضية الشيعية لأهداف ومآرب مشبوهة? هل بالامكان تحديدهم?
الحسيني: الفرس, ولا سيما بعد الحقبة الصفوية.
هل تعني أن الفرس لم يخدموا القضية الشيعية, أو بكلمة أخرى استغلوها لأهداف ومآرب خاصة?
لا ليس بهذا المعنى الشمولي الجامع, فأنا أفرق هنا بين ما يوظف ليخدم النظام السياسي أو الفئوي وبين مذهب يجتمع عليه أناس بنقاوة فطرتهم بعيدا من اي أهداف مبيتة. صحيح كانوا هنالك علماء أفاضل من الفرس خدموا المذهب الشيعي, لكنه صحيح أيضا ان سياقات سياسية كانت دائماً تسعى لجر حفنة من العلماء لكي يجيروا المذهب وفق تلك السياقات خدمة لمصالح ضيقة.
لكن الفرس انتصروا للمذهب الشيعي وأسسوا دولة بل امبراطورية شيعية تجسد طموح وآمال الشيعة, فكيف بامكانك جدلا أن لاتقر بهذه الحقيقة?
يا أخي, الفرس لم ينتصروا للمذهب الشيعي بقدر ما انتصروا لأنفسهم ولطموحاتهم السياسية, تلك الامبراطورية الصفوية التي تسربلت بالرداء الشيعي, لم تهتم بالانسان الشيعي وبالمذهب الشيعي بقدر اهتمامها بالصراع وقتال الدولة العثمانية وذلك لم يكن الا في سبيل جعل كلمة الفرس الصفويين هي الاعلى وكفتهم الاكثر رجحانا. برأيي, أن الدولة الصفوية قد ظلمت الشيعة العرب وكانت من عوامل عدم اندماجهم الكامل بمحيطهم, ولا سيما وقد ادى الجهل الاجتماعي دوره بربط الشيعة العرب بالعربة الصفوية وتصورهم كطابور خامس يخدم تلك الدولة, كما نحن لسنا ندعي بان البعض لم ينجرف من الشيعة العرب خلف تلك المزاعم الصفوية وذلك لتوهمهم بأنها تخدم مذهبهم. والحق أن سعي أطراف خارجية لاستغلال الورقة الشيعية في لبنان لحسابات ومصالح خاصة ليست لها علاقة بلبنان, يرسم ظلالا من الخوف على الامن القومي العربي وكما تسعى تلك الاطراف الى استغلال الورقة الشيعية فانه من حقنا الشرعي أيضا حماية انفسنا.
لكن ألم يطرأ تغيير على هذه المسألة بعد الثورة الاسلامية - في ايران العام 1979 وسقوط عرش الشاه, أم أنك ترى الامر من الزاوية نفسها?
لو كان الذي حدث في ايران في فبراير العام 1979 ثورة اسلامية بالمعنى الدقيق للكلمة, لكان من الواجب أن نرى واقعا آخرا غير الذي نراه حاليا, واقعاً يحمل في ثناياه كل الذي من شأنه أن يولد بواعث الطمأنينة لدى العرب, لكن الذي حدث ويحدث الى الآن, هو بخلاف ذلك تماما, لقد صارت ايران مصدر قلق وعامل خلق الفوضى والازمات والمشكلات لمختلف الدول العربية من المحيط الى الخليج وهو أمر بامكان أي متابع سياسي مبتدئ أن يشعر به.
أليس بالامكان وعن طريق الحوار والقنوات الديبلوماسية دفع طهران الى انتهاج سياسة لا تحمل في مضامينها عوامل القلق للعرب?
اسمع! أنا شخصيا لست أتمنى أن تنجر ايران في متاهات سياساتها المضادة للعرب في أكثر من جانب, لكن للأسف كل الذي نتلمسه على أرض الواقع يؤكد ان ايران مصرة على المضي قدما في سياساتها, وأن اجراء مفاوضات أو أي حوار معها سيدور في حلقة مفرغة, اذ أن ايران سعت وتسعى الى توظيف عامل الوقت والاستفادة منه قدر امكانها لكي تصل الى أهدافها المبيتة من خلال ذلك وباعتقادي أن ايران ماهرة في ادارة المفاوضات وتسييرها بالطريقة والاسلوب الذي يخدم سياساتها.
حسنا, اذا كان الغرب والدول العربية برمتها غير قادرة على تغيير الموقف الايراني باتجاهات أخرى, فماذا بامكان مجلسكم أن يعمل في مواجهة ذلك, ولاسيما وأنكم تملكون امكانيات متواضعة جدا أمام ايران?
يا أخي الكريم, أنا لاأشعل حربا ضد ايران ولا أقود ميليشيا ضدها ولا حتى أفكر يوما أن أقصيها من الساحة العربية بالقوة, أنا أؤكد أن تقوية الحضور العربي في لبنان وتمتينه بعوامل الثبات والاستقرار, هو الضمان لغلق الباب أمام النفوذ الايراني, نحن في المجلس الاسلامي العربي نعمل من أجل خلق وايجاد تيار سياسي - فكري جديد يرتكز على المبادئ والاسس القومية وينبذ التعامل مع الايادي الاجنبية القادمة من خلف الحدود وأن تقوية المجلس واسناده بالشكل الملائم سيكون كفيلا بسحب البساطة من تحت الاقدام الايرانية ذلك أن الانسان بطبعه يحب الاصل ولا يستسيغ الشئ المفتعل أو المشوه ونحن نمثل الاصل, الاصالة العربية.
واضح من كلامكم أنكم تثقون بمجلسكم ثقة كبيرة, لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو: ماذا فعل المجلس الاسلامي العربي على أرض الواقع? وما المساحة التي يشغلها على الساحة?
ثقتنا الكبيرة بالمجلس العربي الاسلامي ترجع في الاساس الى ثقتنا بالمبادئ والاسس الصحيحة التي بنيت عليها, نحن ندعو الجماهير بوضوح الى طريق واضح ليس فيه دهاليز ولا أقبية ولا مغارات, نحن نعمل تحت ضوء النهار وليس خلسة أو في جنح الظلام, اننا واضحون وصادقون في طروحاتنا وفي الافكار والمبادئ التي نطرحها والتي نستمدها أساسا من ديننا الحنيف, ولذلك فاننا نكسب الجماهير الى جانبنا ولاتمر فترة من عمر المجلس الذي تجاوز العامين الا وحققنا فيه مزيدا من الكسب في صفوف الجماهير وقد جسد الحضور الجماهيري العارم لاحتفالات الذكرى السنوية الثانية لانبثاق المجلس هذه الحقيقة والتي شاهدها الخصوم قبل الاصدقاء.
من هم خصومكم?
نحن كما أسلفت جبهة سياسية - فكرية سلاحها الوحيد هو الزاد الثقافي ومن يرفض طروحاتنا فان هذا شأنه وهو حر في تقبل ذلك أم رفضه, لكننا نرفض وبشدة الايادي التي تعبث بمقدرات وبارادة اللبنانيين من خلف الحدود وتعمل على مصادرة قراره الوطني الحر المستقل, وكل من يعمل وفق هذا المنهج فهو من خصومنا ومن حقنا أن نفضحه ورفض طروحاته المشبوهة.
ما موقفكم من »حزب الله« اللبناني?
هو تنظيم سياسي له شأنه على الساحة اللبنانية لكنه كما تعلم مثير للجدل ولقلق الكثير من دول المنطقة والعالم لأسباب واضحة للجميع, وهذا الحزب قد حقق انجازات عسكرية كبيرة كانت ستكون أكبر لو لم توظفها قوى خارجية وفق أجندتها الخاصة.
في كلمتكم التي ألقيتموها بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لتأسيس المجلس الاسلامي العربي, أكدتم مسألة العروبة بحيث أنكم قد القيتم بكل تفاحاتكم في السلة العربية, هل تعتقدون أن العرب سيساندونكم بالقوة نفسها التي تساند بها ايران تيارات سياسية شيعية في العراق ولبنان مثلا? ألا تتصورون أنكم عولتم أكثر من اللازم على هذا الجانب?
أنا طرحت الذي أستطيع أن أسميه الخيار الستراتيجي للعرب بخصوص تحديد وحتى انهاء النفوذ الايراني داخل الدول العربية, ولاسيما تلك التي يتواجد فيها الشيعة, اذ عوضا عن رفع عقيدة الصوت والاحتجاجات والتنظير ضد تنامي النفوذ الايراني في المنطقة وتزايد خطورته, فان من الافضل جدا البحث في الخيارات المتاحة لمواجهة ذلك الامر عمليا على أرض الواقع, ويشهد الله انني قد اديت واجبي الشرعي من هذه الناحية وحددت الطريق الذي من خلاله سنشهد نهاية أو ضمور الدور الايراني, لكن السؤال هو: هل سيفهم القادة العرب رسالتي ويدركوا فحوى الذي أعنيه تحديدا? ذلك ما أتضرع الى الله سبحانه وتعالى أن يصل الى مراميه ويحقق أهدافه المرجوة.