2009/06/21

الانتخابات الرئاسية الإيرانية ... سُنة إيران بين الوعود الخيالية والواقع المؤلم

موقع القادسية
حمدي السعدي

عرفته عن طريق الانترنت كان مترددا وهو يتكلم معي استدرجته في السؤال تلوا السؤال حتى أقنعته بضرورة الحديث عن أوضاع السنة في إيران فتكلم لي قائلا : " أنا شاب إيراني سني المذهب أبلغ من العمر 24 عاما أعيش في الجنوب على الساحل الغربي عشت حياتي وطفولتي بإيران , يعاني أهل السنة في بلدي الكثير من الأذى وكبداية سأخبركم بموقف غريب أثر بي إلى هذا اليوم حينما كنت صغيراً كانت هناك مباراة بين إيران والسعودية وكنت أشجع إيران وإخوتي كذلك يشجعونها لكن والدي يشجع السعودية ! في الحقيقة قلت لوالدي كيف لا تشجع إيران بلدنا فلم يجبني بل اكتفى بابتسامةٍ جميلة عرفت السر لكن بعد أن كبرت وسواني الله رجلاً ، قبل كل شي لابد أن أعلن لكم أننا ليس كما يظن العالم الإسلامي من أننا أقليات مثل أقليات الدنيا نحن نشكل نسبة 35% من الشعب الإيراني وعددنا يفوق ما ينشر بإحصائيات إيران الرسمية نحن عددنا 23 مليون سني نعم 23 مليون سني بمعنى أننا مقاربون لعدد الشعب السعودية تقريبا ومع ذلك غير معترف بنا لا مدارس مخصصة لنا كسنة ولا جامعات، بل السني الإيراني إذا ذهب للسعودية ليدرس الإسلام ، يعود لإيران فتمسكه الحكومة وتأخذه خلف الشمس . لأنه وهابي صار لا يمكن أن أنسى يوم مرضي حينما كنت بسن المراهقة فذهبت إلى المستشفى طلباً للعلاج فأول ما رآني الاستقبال لم ينادي الممرضات ولم يناديني ويسأل اسمي وإنما كان أول سؤاله لي: أنت شيعي أم سني ؟في الحقيقة أدركت بعد ذلك بأنهم لا يعاملوننا كما يعاملون الشيعة فالشيعي مقدم حتى في الحقنة التي تشفيني بعد الله وعرفت بأن موقفه ليس موقفاً شخصياً بل موقفٌ حكوميٌ وسياسي " والغريب ان الساسة الإيرانيون وحكام طهران على التتابع تتهافت على المناطق السنية ومناطق الأقليات في أوقات الانتخابات وتتوعدهم بالخير الكثير ويعترفوا بتقصير الحكومات تجاههم ويتوعدونهم خيرا ولكن سرعان ما تذوب هذه الوعود بمجرد انتهاء الانتخابات ,, ولتسليط الضوء على سنة إيران ومحاولة الحكام لكسب أصواتهم في الانتخابات الإيرانية كان لنا هذا التقرير .

يشكل السنة نسبة الثلث من الشعب الإيراني البالغ عددهم حوالي 65 مليون نسمة معظم السنة من الأكراد بينما يأتي البلوش في المرتبة الثانية , جغرافياََ يتواجد أهل السنة في إيران على المناطق الحدودية وفي مدن ومناطق وأقاليم متفرقة ومنفصلة عن بعضها البعض ، والمناطق التي يتواجد فيها أهل السنة هي كالتالي:

1- محافظة كردستان: تقع غرب إيران ومركزها مدينة سنندج ويشكل الأكراد نسبة 100% من سكان المحافظة .

2- محافظة أذربيجان الغربية: تقع شمال غرب ايران ويشكل السنة الأكراد أكثر نسبة من سكانها.

3- محافظة كرمنشاه: تقع شرق وجنوب شرق ايران, مركزها مدينة كرمنشاه ويشكل الأكراد أكبر نسبة من سكانها.

4- منطقة تركمن صحراء: تقع شمال ايران أي من سواحل بحر قزوين الى الحدود الجنوبية لدولة تركمنستان.

5- محافظة خراسان: تقع شمال ايران وهي تمتدّ الى حدود أفغانستان في شرق ايران.

6- محافظة سيستان و بلوشستان: تقع جنوب شرق ايران و يشكل الشعب البلوشي المسلم أكبر نسبة من سكانها .

7- محافظة هرمزكان: خاصة مدينة بندر عباس وضواحيها وجزيرة قشم والمناطق الواقعة على سواحل الخليج وبحر عمان.

8- محافظة فارس: وخاصة في منطقة (لارستان) وضواحيها وقراها وأيضاََ في مناطق أخرى مثل: طلة دار ، خور ، اوز ، خنج ، بستك ، فيشور وجناح وغيرها من المناطق.

9- مدينة بوشهر والمناطق والقرى المحيطة بها وأيضاََ مناطق: بندر مقام ، طاوبندي و كشكنار و مناطق أخرى في جنوب غربي ايران .

10- ضواحي مدينة خلخال التابعة لمحافظة أردبيل.

11- منطقة طوالس وعنبران الواقعتان في غرب بحر قزوين في الشمال.

حين اندلعت الثورة المليونية في ايران عام 1979 م شارك أبناء السنة بكل أطيافهم في تلك الثورة ، و كان علماء وشباب السنة في مقدمة المتظاهرين وقدّموا مئات الأرواح في سبيل نيل الحرية والخلاص من الظلم و الاستبداد , لكن بعد انتصار الثورة وسقوط نظام الشاه بأشهر قليلة بدأ خميني بأحتكار السلطة وسيطر على الحكم وحوّل آمال الشعب في اقامة جمهورية اسلامية الى اقامة جمهورية طائفية شيعية ضيّقة ، واستعملوا السلطة لقمع الأقليات المذهبية والقومية وخاصة الشعب الكردي المسلم .

فقامت باغتيالات واعتقالات مستمرة لعلماء ومشايخ السنه ومارست إيران علنا ودون تقية أو حياء سياسة التصفية الجسدية مع علماء السنة وطلابها و مثقفيها ودارسيها ، ومع أن حوالي نصف مليون نسمة من سكان طهران الأصليين من السنة لكن ليس لهم مسجد واحد يصلون فيه، ولا مركز يجتمعون فيه بينما توجد كنائس للنصارى وبيع لليهود وبيوت النار للمجوس وغيرهم. ، لا بل إن مساجدهم و مدارسهم الدينية تطالها يد الهدم الشيعية ؟ .

لقد قامت الأنظمة الايرانية بأرتكاب مجازر جماعية مروعة اقتلعت أهل السنة تماماً , مثلما حدث في مدينة تبريز عندما أصبحت شيعية بالكامل, حين قتل في يوم واحد أكثر من 140,000 من أهل السنة والجماعة.

والمواطن السني محروم من تولي المناصب العالية في الدولة مهما بلغ من العلم ومهما نال من تأييد جماهيري، حيث إن الدستور الذي وضع على أساس عنصري وطائفي يشترط في الفقرة الخامسة من المادة الخامسة عشرة بعد المئة أن الاعتقاد بمذهب التشيع شرط أساس لتولي المناصب. ويشهد إقليم خوزستان العربي (عربستان) ومدينة الأهواز، الغني بالنفط جنوب غرب البلاد والذي تقطنه أغلبية عربية سنية عملية تفريس مكثفة حيث ينقل السنة والعرب عموما من مناطقهم ويتم توطين عائلات من عرق فارسي.

في هذه الايام نسمع اعترفات لأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة وهو مهدي الكروبي الذي أقر أن القوميات غير الفارسية تشكل أغلبية السكان في إيران وتعهد بإنصافها في حالة انتخابه رئيسا للجمهورية .

وأكد كروبي في بيان نشره الموقع الفارسي عن مصادر إيرانية أنه سيختار أعضاء حكومته المقبلة من بين أبناء القوميات الفارسية والعربية والأذربيجانية والكردية والبلوشية وأتباع المذهبين الشيعي والسني دون استثناء.

وأوضح كروبي قائلا: (أن إيران بلد متعدد القوميات والمذاهب وملك لكافة موطنيه، وفي واقع الأمر أن الأقليات القومية والمذهبية تشكل أغلبية السكان، وأن الظلم والإجحاف بحق هؤلاء يشكل خطرا حقيقياً لوحدة البلاد والتضامن الوطني فيه).

ووعد كروبي بتطبيق المواد المعطلة في الدستور الإيراني وخاصة المادة 15 التي تؤكد على تدريس لغات القوميات في مناطق تواجدها واستخدامها في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة إلى جانب اللغة الفارسية.

أما ( اعتماد ملي ) أمين عام حزب الثقه الوطنيه والمعروف بشيخ الإصلاحيين فقد دعا في برنامجه الانتخابي إلى نفس ما دعا به كروبي من تعديل الدستور الإيراني بغية تشكيل برلمانات محلية في كافة الأقاليم الإيرانية ومنح حكام الولايات سلطات أكبر على أن يتم اختيار الحكام بالتصويت المباشر, وليس تعيينهم من قبل السلطات المركزية في طهران كما يحدث حاليا، وذلك تمهيدا لمشاركة كافة القوميات والمذاهب في السلطة والثروة ..

سبق وأن تحدث الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قبل انسحابه المفاجىء من ترشحه للانتخابات القادمة ، عن حقوق القوميات غير الفارسية المهدرة.

كما أصدر حزب المشاركة الإسلامي بيانًا أشار فيه إلى ما أسماه بتضييع حقوق القوميات في إيران مطالبًا بإنصافهم، وتحدث رئيس بلدية طهران، محمد باقر قاليباف، عن تطبيق نظام الحكومات المحلية، وطرح عبدالله نوري وزير الداخلية الأسبق ضرورة تطبيق نظام الولايات الفيدرالية.

فيما توجه مير حسين موسوي بعد الإعلان عن ترشيحه للانتخابات الرئاسية إلى إقليم الأحواز ، والتقى بعدد من كبار شيوخ القبائل العربية قبل أن يطلق بعض الوعود خاصة مذكرًا بالدور الذي لعبه الإقليم في الانتخابات الرئاسية التي جاءت بخاتمي إلى الحكم حيث استطاع أن يحصد 85 من الأصوات هناك بينما لم يتمكن وقتها منافسه العربي علي الشمخاني من الحصول على نسبة تذكر في تلك الانتخابات.

لقد شهدت الأقاليم التي تسكنها قوميات غير فارسية، والتي تشكل حوالي 58% من السكان إضطرابات عدة منذ مجيء أحمدي نجاد إلى سدة الحكم، حيث تتهمه المعارضة بإغلاق الكثير من مؤسسات المجتمع المدني التي تأسست في فترة حكم خاتمي وأغلق أغلبية الصحف والمجلات الناطقة بلغات القوميات.

وشهد إقليم الأحواز في أبريل 2005 احتجاجات دموية على خلفية رسالة نسبت إلى مسؤول مكتب الرئيس الإيراني السابق محمد علي أبطحي يدعو فيها رئيس دائرة التخطيط والميزانية الإيراني إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة بتغيير التركيبة السكانية للإقليم لصالح غير العرب على أن يتحول العرب خلال عشرة أعوام إلى أقلية في إقليم يوفر 80% من البترول لبلد يعتبر ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم.

واشارت صحيفة روز الايرانية الى تهديد سنة ايران وعلى لسان المولوي عبد الحميد ( أحد رجال الدين السنة البارزين في إقليم سيستان وبلوشستان ) بمقاطعة الانتخابات الرئاسية المرتقبة إذا لم يكف النظام عن انتهاك حقوق السنة .وعن اصراره على تطبيق سياسة التمييز الطائفي المذهبي , حيث قال المولوي: "إذا واصل هذه السياسة فإننا قطعًا لن نشارك في الانتخابات القادمة " ) .

ليست هناك تعليقات: