المصريون | صباح الموسوي | 10-09-2011 23:09
أثار الربيع العربي العديد من التساؤلات لدى الشارع العام عن الأسباب التي جعلت الحركة الخضراء الإيرانية تخفق في تحقيق أهدافها في الوقت الذي كانت فيه السبَّاقة في رفع الشعارات المطالبة بالتغيير والإصلاح في المنطقة. المراقبون للشأن الإيراني علَّلوا هذه الإخفاقات بأنهَّا تعود لوجود إشكالات وأخطاء جوهرية داخل الحركة وذكر بعضها، معتقدين أنَّه لولا وجود هذه الإشكالات لكان الربيع الإيراني قد سبق الربيع الذي عطَّر أجواء الوطن العربي.
فمن بين تلك الإشكالات التي عاقت عجلة الحركة الخضراء، أولاً: وجود رؤيتين متضادّتين حول رسالة الحركة. ثانياً : عدم وجود مجلس قيادة يحظى بقبول مشترك. ثالثاً: عدم وجود توافق على بناء الشكل التنظيمي للحركة، حيث إنَّ الحركة تفتقد لهيكل تنظيمي موحّد. رابعاً: تقوقع الحركة على الطبقة الوسطى من سكان المدن الكبرى وخاصة طلبة الجامعات، والشباب عامة، وعدم انفتاحها على الفئات المعدومة والقوميات غير الفارسية. لكن يبدو أنَّ الإشكالية الكبرى أو الخطأ الأكبر الذي واجه الحركة الخضراء وتسبب في أصابتها بالشلل، كان وجود الرؤى المتضادّة داخلها، والتي تختلف حول رسالة الحركة وحدود مهامّها. فأصحاب الرؤية الأولى يعتقدون أنَّ الحركة الخضراء مجرَّد وسيلة لإجبار النظام على الالتزام بالدستور من أجل الحفاظ على النظام الإسلامي بالعودة إلى مرحلة عهد الخميني، حيث كانت تعد مرحلة ذهبية من وجهة نظرهم، ولكن بشرط إشراك التيّار الإصلاحي في الحُكم .
أمّا أصحاب الرؤية الثانية فيذهبون إلى أبعد من ذلك، حيث يعتقدون أنَّ رسالة الحركة تكمن في رفض الاستبداد الديني، وتحجيم دور مؤسسة ولاية الفقيه، وذلك بهدف تحقيق الحرّية، وإنجاز المكتسبات الوطنية، ووضع أُسس لبناء مجتمع قائم على قواعد الديمقراطية والعلمانية، عبر إنشاء المؤسسات المدنيّة، وسائر القواعد المجتمعية المتطابقة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لكن بعد السجن المنزلي الذي فُرِض على اثنين من أبرز قادة الحركة الخضراء؛ وهما السيد مير حسين موسوي، والشيخ مهدي كروبي، على خلفية رفضهما لنتائج الانتخابات الرئاسية، التي باتت تُعرف بعملية الانتخابات الانقلابية، وتصدِّيهم لسلطة ولاية الفقيه المطلقة، وجد التيّار الإصلاحي بقيادة الرئيس السابق محمد خاتمي -الجناح المُهادن الذي يمثل الرؤية الأولى في الحركة الخضراء- في اشتداد الخلاف الناشب بين جناح خامنئي وجناح الرئيس أحمدي نجاد فرصة للقيام بإجراء مصالحة مع جناح المرشد خامنئي عبر طرح مشروع العفو عن الطرفين مقابل المصالحة مع النظام. جاء هذا الاقتراح من قِبَل ''جوقة'' المنظّرين للتيار الإصلاحي القابعين في السجون، وعلى رأسهم مصطفى تاج زادة (وكيل وزارة الداخليّة في عهد خاتمي)، وعباس عبادي أحد قادة اتحاد الطلبة السائرين على خط الإمام سابقاً، إضافةً إلى عدد من أعضاء الحركة الخضراء المقيمين خارج البلاد من أمثال عطاء الله مهاجراني (وزير الثقافة في عهد رئاسة رفسنجاني)، وغيرهم، فهؤلاء ابتعدوا عن شعار ''الموت للديكتاتور'' ودعموا مقترح حوار المناصحة للولي الفقيه والمصالحة مع النظام، وقد رأى أصحاب الرؤية الثانية أن هذا الاقتراح هو بمثابة قلب ظهر المجن للجماهير والتنازل عن حقوقها المشروعة، ويعتقد أصحاب هذه الرؤية أنَّ عطاء الله مهاجراني كان أوّل من منح المرشد علي خامنئي شهادة النزاهة وبرَّأه من تُهمة الفساد، كما إنَّ الناطق باسم ''منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية'' في الخارج والوزير السابق علي مزروعي -المحسوب على الجناح الإصلاحي في الحركة الخضراء- هو الآخر حمَّل كلَّ ما جرى من أحداث على عاتق الرئيس أحمدي نجاد، وقال بإمكانية إجراء المصالحة لكن مع جناح المرشد فقط وليس مع نجاد، وهذا ما تسبَّب في تعميق الفجوة بين أصحاب الرؤى المختلفة داخل الحركة الخضراء. لقد توجَّه مَنْ يُسمون بصقور الحركة الخضراء بالسؤال لِمَنْ وقَّعوا على اقتراح المصالحة مع النظام عن كيفية التوافق بين تعظيم ميراث الخميني والحنين إلى ما يسمّونه العهد الذهبي للإمام الراحل، وتطبيق الدستور المبني أصلاً على نظرية ولاية الفقيه من دون أيِّ تنازل، وجعله مخرجاً مشتركاً مع القوى التي تنازلت عن حياتها وخرجت إلى شوارع المدن الكبرى طوال العامين الماضيين تهتف بشعارات الموت للديكتاتورية، والموت لنظرية ولاية الفقيه، ونادتْ برحيل المُرشد على غرار رحيل مبارك وبن علي؟. المتابعون للشأن الإيراني يرون أنَّ مُشكلة الحركة الخضراء تكمن في استمرار مجلس ''تنسيق طريق الأمل الأخضر'' باحتكار الزعامة لنفسه وعدم سعيه لإيجاد تعاون مشترك مع جميع القوى والتيارات المنضوية في الحركة الخضراء، وهذا سوف يؤدي بالحركة في نهاية المطاف إلى التمزّق، فجملة الخلافات الناشبة حالياً بين تيارات الحركة، سواءً حول مقولة فصل الدين عن الدولة، أو الخلاف حول أساليب الكفاح ما إذا يجب أن يكون سلمياً أو غير سلمي (تسيير المظاهرات والاحتجاجات الصامتة، أو استخدام أساليب حرب الشوارع، أو عدم النزول إلى الشارع)، أو مَنْ هم الممثلون الحقيقيون للحركة؟، لا يُمكن حلُّ جميع هذه الخلافات دون تشكيل مجلس قيادة يكون ممثلاً لجميع تيارات الحركة، فقد أثبتت أدبيات علم السياسة أنَّ في أيِّ حركة أو ائتلاف سياسي متنوع الاتجاهات والأفكار، فإنَّ القيادة التي تمثل جميع المشاركين في هذه الحركة أو الائتلاف وتحظى بإجماع عام هي وحدها المهيَّأة لإيجاد مخرج مشترك للأزمة، كما إنَّ الحركة الخضراء لا يُمكنها أن تنجح في تحقيق هدفها ما لم تنفتح على أبناء الشعوب والقوميات غير الفارسية وتشرك ممثلين عنهم في مجلس القيادة المطلوب تشكيلها .
أثار الربيع العربي العديد من التساؤلات لدى الشارع العام عن الأسباب التي جعلت الحركة الخضراء الإيرانية تخفق في تحقيق أهدافها في الوقت الذي كانت فيه السبَّاقة في رفع الشعارات المطالبة بالتغيير والإصلاح في المنطقة. المراقبون للشأن الإيراني علَّلوا هذه الإخفاقات بأنهَّا تعود لوجود إشكالات وأخطاء جوهرية داخل الحركة وذكر بعضها، معتقدين أنَّه لولا وجود هذه الإشكالات لكان الربيع الإيراني قد سبق الربيع الذي عطَّر أجواء الوطن العربي.
فمن بين تلك الإشكالات التي عاقت عجلة الحركة الخضراء، أولاً: وجود رؤيتين متضادّتين حول رسالة الحركة. ثانياً : عدم وجود مجلس قيادة يحظى بقبول مشترك. ثالثاً: عدم وجود توافق على بناء الشكل التنظيمي للحركة، حيث إنَّ الحركة تفتقد لهيكل تنظيمي موحّد. رابعاً: تقوقع الحركة على الطبقة الوسطى من سكان المدن الكبرى وخاصة طلبة الجامعات، والشباب عامة، وعدم انفتاحها على الفئات المعدومة والقوميات غير الفارسية. لكن يبدو أنَّ الإشكالية الكبرى أو الخطأ الأكبر الذي واجه الحركة الخضراء وتسبب في أصابتها بالشلل، كان وجود الرؤى المتضادّة داخلها، والتي تختلف حول رسالة الحركة وحدود مهامّها. فأصحاب الرؤية الأولى يعتقدون أنَّ الحركة الخضراء مجرَّد وسيلة لإجبار النظام على الالتزام بالدستور من أجل الحفاظ على النظام الإسلامي بالعودة إلى مرحلة عهد الخميني، حيث كانت تعد مرحلة ذهبية من وجهة نظرهم، ولكن بشرط إشراك التيّار الإصلاحي في الحُكم .
أمّا أصحاب الرؤية الثانية فيذهبون إلى أبعد من ذلك، حيث يعتقدون أنَّ رسالة الحركة تكمن في رفض الاستبداد الديني، وتحجيم دور مؤسسة ولاية الفقيه، وذلك بهدف تحقيق الحرّية، وإنجاز المكتسبات الوطنية، ووضع أُسس لبناء مجتمع قائم على قواعد الديمقراطية والعلمانية، عبر إنشاء المؤسسات المدنيّة، وسائر القواعد المجتمعية المتطابقة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لكن بعد السجن المنزلي الذي فُرِض على اثنين من أبرز قادة الحركة الخضراء؛ وهما السيد مير حسين موسوي، والشيخ مهدي كروبي، على خلفية رفضهما لنتائج الانتخابات الرئاسية، التي باتت تُعرف بعملية الانتخابات الانقلابية، وتصدِّيهم لسلطة ولاية الفقيه المطلقة، وجد التيّار الإصلاحي بقيادة الرئيس السابق محمد خاتمي -الجناح المُهادن الذي يمثل الرؤية الأولى في الحركة الخضراء- في اشتداد الخلاف الناشب بين جناح خامنئي وجناح الرئيس أحمدي نجاد فرصة للقيام بإجراء مصالحة مع جناح المرشد خامنئي عبر طرح مشروع العفو عن الطرفين مقابل المصالحة مع النظام. جاء هذا الاقتراح من قِبَل ''جوقة'' المنظّرين للتيار الإصلاحي القابعين في السجون، وعلى رأسهم مصطفى تاج زادة (وكيل وزارة الداخليّة في عهد خاتمي)، وعباس عبادي أحد قادة اتحاد الطلبة السائرين على خط الإمام سابقاً، إضافةً إلى عدد من أعضاء الحركة الخضراء المقيمين خارج البلاد من أمثال عطاء الله مهاجراني (وزير الثقافة في عهد رئاسة رفسنجاني)، وغيرهم، فهؤلاء ابتعدوا عن شعار ''الموت للديكتاتور'' ودعموا مقترح حوار المناصحة للولي الفقيه والمصالحة مع النظام، وقد رأى أصحاب الرؤية الثانية أن هذا الاقتراح هو بمثابة قلب ظهر المجن للجماهير والتنازل عن حقوقها المشروعة، ويعتقد أصحاب هذه الرؤية أنَّ عطاء الله مهاجراني كان أوّل من منح المرشد علي خامنئي شهادة النزاهة وبرَّأه من تُهمة الفساد، كما إنَّ الناطق باسم ''منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية'' في الخارج والوزير السابق علي مزروعي -المحسوب على الجناح الإصلاحي في الحركة الخضراء- هو الآخر حمَّل كلَّ ما جرى من أحداث على عاتق الرئيس أحمدي نجاد، وقال بإمكانية إجراء المصالحة لكن مع جناح المرشد فقط وليس مع نجاد، وهذا ما تسبَّب في تعميق الفجوة بين أصحاب الرؤى المختلفة داخل الحركة الخضراء. لقد توجَّه مَنْ يُسمون بصقور الحركة الخضراء بالسؤال لِمَنْ وقَّعوا على اقتراح المصالحة مع النظام عن كيفية التوافق بين تعظيم ميراث الخميني والحنين إلى ما يسمّونه العهد الذهبي للإمام الراحل، وتطبيق الدستور المبني أصلاً على نظرية ولاية الفقيه من دون أيِّ تنازل، وجعله مخرجاً مشتركاً مع القوى التي تنازلت عن حياتها وخرجت إلى شوارع المدن الكبرى طوال العامين الماضيين تهتف بشعارات الموت للديكتاتورية، والموت لنظرية ولاية الفقيه، ونادتْ برحيل المُرشد على غرار رحيل مبارك وبن علي؟. المتابعون للشأن الإيراني يرون أنَّ مُشكلة الحركة الخضراء تكمن في استمرار مجلس ''تنسيق طريق الأمل الأخضر'' باحتكار الزعامة لنفسه وعدم سعيه لإيجاد تعاون مشترك مع جميع القوى والتيارات المنضوية في الحركة الخضراء، وهذا سوف يؤدي بالحركة في نهاية المطاف إلى التمزّق، فجملة الخلافات الناشبة حالياً بين تيارات الحركة، سواءً حول مقولة فصل الدين عن الدولة، أو الخلاف حول أساليب الكفاح ما إذا يجب أن يكون سلمياً أو غير سلمي (تسيير المظاهرات والاحتجاجات الصامتة، أو استخدام أساليب حرب الشوارع، أو عدم النزول إلى الشارع)، أو مَنْ هم الممثلون الحقيقيون للحركة؟، لا يُمكن حلُّ جميع هذه الخلافات دون تشكيل مجلس قيادة يكون ممثلاً لجميع تيارات الحركة، فقد أثبتت أدبيات علم السياسة أنَّ في أيِّ حركة أو ائتلاف سياسي متنوع الاتجاهات والأفكار، فإنَّ القيادة التي تمثل جميع المشاركين في هذه الحركة أو الائتلاف وتحظى بإجماع عام هي وحدها المهيَّأة لإيجاد مخرج مشترك للأزمة، كما إنَّ الحركة الخضراء لا يُمكنها أن تنجح في تحقيق هدفها ما لم تنفتح على أبناء الشعوب والقوميات غير الفارسية وتشرك ممثلين عنهم في مجلس القيادة المطلوب تشكيلها .