صباح الموسوي (المصريون) : بتاريخ 28 - 9 - 2009
هل قضت أزمة الصراع على السلطة الجارية في إيران” على نظرية " ولاية الفقيه " ؟ “ هذه النظرية السياسية التي ابتكرها الفقيه الشيعي " محمد بن مكي العاملي (729ـ 786هـ)” والتي لم يسبق تطبيقها في التاريخ الشيعي إلا لمرة واحدة فقط “ أي بعد مرور ستة قرون ونيف من ابتداعها” وذلك بعد ان تولى رجال الدين الحكم في إيران عام 1979 “حيث اعتبر الخميني هذه النظرية بمثابة ركن من أركان الدين والدولة .
ان هذا التساؤل ليس مجرد تخمين “ وإنما هي مجموعة استدلالات مبنية على متابعة لأحداث الأزمة الإيرانية التي أخذت تتطور مجرياتها اليومية و تتبلور صورها موضحة عمق هذه الأزمة وتداعياتها على النظام الإيراني وعلى نظرية " ولاية الفقيه " التي قائم عليها نظام الجمهورية " الإسلامية " الإيرانية .
ان ما تشهده إيران اليوم من صراع بين أجنحة نظام " ولاية الفقيه" يعد حدثا جديدا لم يشهده هذا النظام من قبل” وما يميز هذا الصراع ان طريقة وأسباب توسعه من دائرة الى أخرى “ تشبه الى حد بعيد طريقة توسع الأمراض الخبيثة التي تبدأ بضرب نقطة صغيرة في الجسم ومن ثم تأخذ بالانتشار حتى تنتهي بالقضاء على الجسم بأكمله. وهذا ماهو حاصل في إيران حاليا حيث بدأ الأمر مجرد خلاف على سير عملية الانتخابات الرئاسية ومن ثم نتائجها ولكن سرعا ما تحول الخلاف الى صراع اتهم أطرافه احدهم الآخر بحياكة مؤامرة انقلابية تستهدف القضاء على الثورة والنظام . وقد شهد هذا الصراع سقوط ضحايا ودماء غزيرة ساهمت في توسيع رقعته و رفع مستواه ليطال أعلى مقام في السلطة وهو مقام " الولي الفقيه " ( آية الله ) علي خامنئي الذي عجز عن ان يجنب نفسه الدخول في معمعة هذا الصراع وانحاز بكله الى جانب طرف على حساب آخر . وحين دخل الولي دائرة الصراع فقد جعل مقام " الولاية " التي يتمتع بها “مرمى لسهام المعارضين “رافعا عن نفسه الهالة والقدسية التي كانت تطوق مقام الفقيه صاحب الولاية المطلقة “ وقد أصبح ذلك ظاهرا من خلال الشعارات التي بات يرفعها أنصار ما يسمى بالجناح " الإصلاحي " الذين استبدلوا مطالبهم وشعاراتهم التي كانت تنادي بإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية وإسقاط الرئيس احمدي نجاد” الى إلغاء منصب ولاية الفقيه . و قد وجد هذا المطلب أنصارا ومؤيدين له من داخل الحوزة الدينية حيث تجلت صورة هذا التأييد من خلال الموقف المعارض الذي أعلنه لأول مرة منذ عقود ما يقارب الـ 15 من كبار مراجع الحوزة الدينية في قم والنجف” لحكم إعلان يوم الأحد يوم عيد الفطر في إيران “الذي أعلنه علي خامنئي حيث اعتبر هؤلاء المراجع ان يوم العيد هو الاثنين وليس الأحد. وكان من بين ابرز هؤلاء المراجع “ علي السيستاني “علي حسين منتظري “ يوسف صانعي “محمد سعيد الحكيم “بشير النجفي “ مكارم شيرازي صافي الكلبايكاني “نوري الهمداني “هادي المدرسي “ صادق الشيرازي “وحيد خراساني “ فياض وآخرون. علما ان جميع هؤلاء المراجع يرون”ان حكم الفقيه الحاكم في مسألة خلافية مقدم على رأي سائر الفقهاء “غير أنهم لم يعيروا اهتماما لحكم خامنئي وباتوا يستغلون المناسبات لإظهار معارضتهم لقراراته “ وقد اعتبر الكثير منهم ان رئاسة احمدي نجاد غير شرعية وهذا أيضا فيه مخالفة صريحة وعلانية لموقف خامنئي والحكم الذي كلف بموجبه احمدي نجاد بتشكيل الحكومة الحالية .
لقد اظهر هذا الاختلاف بين خامنئي ومراجع الحوزة في قم والنجف “ان الأمر تجاوز مسألة الخلاف بشأن طرق رؤية الهلال و تحديد يوم العيد “ والذي يحصل للمرة الأولى بين مراجع الحوزة الشيعية “كما انه تجاوز الخلاف حول نتائج الانتخابات الرئاسية وما نجم عنها من تداعيات سياسية أدت الى حصول الأزمة القائمة . بل ان الأمر تخطى ذلك بكثير وانتقل الى صراع حول قضية كانت الى أمد قريب تعد من أقدس مقدسات النظام والحوزة وهي مسألة " ولاية الفقيه المطلقة " التي يعتقد الخامنئي بما رآه الخميني في هذه المسألة من قبل “حيث كان الخميني يعتقد ان ولاية الفقيه " واحدة من الأحكام الأولية المقدمة على جميع الأحكام الفرعية “ بما فيها أحكام الصلاة والصوم والحج " .
و ربما دخول مرجعية حوزة قم والنجف على خط الأزمة السياسية القائمة في إيران “ هو ما يفسر السبب الذي جعل السلطات الإيرانية تتحاشى لحد الآن الإقدام على اعتقال قادة الجناح الإصلاحي " رفسنجاني “ كروبي “ خاتمي “ موسوي " “بعد ان تبين لخامنئي ان هؤلاء أصبحوا رموزا ثانوية في المعارضة وأنهم مجرد واجهة لرموز أقوى وأكثر نفوذا وتأثيرا في الساحة “ و هم مراجع الحوزة الدينية الكبار الذي لا يقوى خامنئي على المساس بهم .
وقد يقول قائل ان الخميني قد أقدم على اعتقل واهانة عددا من المراجع ممن كانوا اعلم و أقوى منه في مقام المرجعية الدينية وهم “ المرجع الشريعتمداري و محمد الشيرازي والمرجع الأحوازي محمد طاهر الخاقاني ؟.
نقول نعم لقد فعل الخميني ذلك يوم كانت إيران كلها تهتف باسمه وكان يمتلك من القدرة التي لم يمتلكها مرجع شيعي من قبل والتي كانت تمكنه من فعل أي شي يريده دون وجود قدرة حقيقية تعارضه . ولكن منه خامنئي “ وماذا يحتل من المكانة والمنزلة بين المرجعيات الدينية وفي الشارع الإيراني لكي يستطيع ان يجرئ على التصدي أو التطاول على المرجعيات التي أعلنت مخالفتها له ورفضت صراحة أحكامه الدينية وقراراته السياسية الأخيرة “ وأعلنت تأيدها الصريح للتيار " الإصلاحي " وطعنت بشرعية الرئيس احمدي نجاد ؟.
ان تسليم خامنئي مقاليد السلطة للحرس الثوري من أجل حماية منصبه قد جعله يصبح " فقيها بلا ولاية " “ حيث من الطبيعي حين ينتهك الدستور وتصادر الحريات وتباح الحرمات “ تعتبر مسألة ولاية الفقيه ملغاة ولا قيمة لها . و إذا ما استمرت الأزمة في إيران تسير بنفس المنوال التي هي عليه “ فأنها من المؤكد سوف تحول البلاد الى ولاية من دون فقيه .
و شتان مابين فقيه بلا ولاية “ و ولاية من دون فقيه .
هل قضت أزمة الصراع على السلطة الجارية في إيران” على نظرية " ولاية الفقيه " ؟ “ هذه النظرية السياسية التي ابتكرها الفقيه الشيعي " محمد بن مكي العاملي (729ـ 786هـ)” والتي لم يسبق تطبيقها في التاريخ الشيعي إلا لمرة واحدة فقط “ أي بعد مرور ستة قرون ونيف من ابتداعها” وذلك بعد ان تولى رجال الدين الحكم في إيران عام 1979 “حيث اعتبر الخميني هذه النظرية بمثابة ركن من أركان الدين والدولة .
ان هذا التساؤل ليس مجرد تخمين “ وإنما هي مجموعة استدلالات مبنية على متابعة لأحداث الأزمة الإيرانية التي أخذت تتطور مجرياتها اليومية و تتبلور صورها موضحة عمق هذه الأزمة وتداعياتها على النظام الإيراني وعلى نظرية " ولاية الفقيه " التي قائم عليها نظام الجمهورية " الإسلامية " الإيرانية .
ان ما تشهده إيران اليوم من صراع بين أجنحة نظام " ولاية الفقيه" يعد حدثا جديدا لم يشهده هذا النظام من قبل” وما يميز هذا الصراع ان طريقة وأسباب توسعه من دائرة الى أخرى “ تشبه الى حد بعيد طريقة توسع الأمراض الخبيثة التي تبدأ بضرب نقطة صغيرة في الجسم ومن ثم تأخذ بالانتشار حتى تنتهي بالقضاء على الجسم بأكمله. وهذا ماهو حاصل في إيران حاليا حيث بدأ الأمر مجرد خلاف على سير عملية الانتخابات الرئاسية ومن ثم نتائجها ولكن سرعا ما تحول الخلاف الى صراع اتهم أطرافه احدهم الآخر بحياكة مؤامرة انقلابية تستهدف القضاء على الثورة والنظام . وقد شهد هذا الصراع سقوط ضحايا ودماء غزيرة ساهمت في توسيع رقعته و رفع مستواه ليطال أعلى مقام في السلطة وهو مقام " الولي الفقيه " ( آية الله ) علي خامنئي الذي عجز عن ان يجنب نفسه الدخول في معمعة هذا الصراع وانحاز بكله الى جانب طرف على حساب آخر . وحين دخل الولي دائرة الصراع فقد جعل مقام " الولاية " التي يتمتع بها “مرمى لسهام المعارضين “رافعا عن نفسه الهالة والقدسية التي كانت تطوق مقام الفقيه صاحب الولاية المطلقة “ وقد أصبح ذلك ظاهرا من خلال الشعارات التي بات يرفعها أنصار ما يسمى بالجناح " الإصلاحي " الذين استبدلوا مطالبهم وشعاراتهم التي كانت تنادي بإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية وإسقاط الرئيس احمدي نجاد” الى إلغاء منصب ولاية الفقيه . و قد وجد هذا المطلب أنصارا ومؤيدين له من داخل الحوزة الدينية حيث تجلت صورة هذا التأييد من خلال الموقف المعارض الذي أعلنه لأول مرة منذ عقود ما يقارب الـ 15 من كبار مراجع الحوزة الدينية في قم والنجف” لحكم إعلان يوم الأحد يوم عيد الفطر في إيران “الذي أعلنه علي خامنئي حيث اعتبر هؤلاء المراجع ان يوم العيد هو الاثنين وليس الأحد. وكان من بين ابرز هؤلاء المراجع “ علي السيستاني “علي حسين منتظري “ يوسف صانعي “محمد سعيد الحكيم “بشير النجفي “ مكارم شيرازي صافي الكلبايكاني “نوري الهمداني “هادي المدرسي “ صادق الشيرازي “وحيد خراساني “ فياض وآخرون. علما ان جميع هؤلاء المراجع يرون”ان حكم الفقيه الحاكم في مسألة خلافية مقدم على رأي سائر الفقهاء “غير أنهم لم يعيروا اهتماما لحكم خامنئي وباتوا يستغلون المناسبات لإظهار معارضتهم لقراراته “ وقد اعتبر الكثير منهم ان رئاسة احمدي نجاد غير شرعية وهذا أيضا فيه مخالفة صريحة وعلانية لموقف خامنئي والحكم الذي كلف بموجبه احمدي نجاد بتشكيل الحكومة الحالية .
لقد اظهر هذا الاختلاف بين خامنئي ومراجع الحوزة في قم والنجف “ان الأمر تجاوز مسألة الخلاف بشأن طرق رؤية الهلال و تحديد يوم العيد “ والذي يحصل للمرة الأولى بين مراجع الحوزة الشيعية “كما انه تجاوز الخلاف حول نتائج الانتخابات الرئاسية وما نجم عنها من تداعيات سياسية أدت الى حصول الأزمة القائمة . بل ان الأمر تخطى ذلك بكثير وانتقل الى صراع حول قضية كانت الى أمد قريب تعد من أقدس مقدسات النظام والحوزة وهي مسألة " ولاية الفقيه المطلقة " التي يعتقد الخامنئي بما رآه الخميني في هذه المسألة من قبل “حيث كان الخميني يعتقد ان ولاية الفقيه " واحدة من الأحكام الأولية المقدمة على جميع الأحكام الفرعية “ بما فيها أحكام الصلاة والصوم والحج " .
و ربما دخول مرجعية حوزة قم والنجف على خط الأزمة السياسية القائمة في إيران “ هو ما يفسر السبب الذي جعل السلطات الإيرانية تتحاشى لحد الآن الإقدام على اعتقال قادة الجناح الإصلاحي " رفسنجاني “ كروبي “ خاتمي “ موسوي " “بعد ان تبين لخامنئي ان هؤلاء أصبحوا رموزا ثانوية في المعارضة وأنهم مجرد واجهة لرموز أقوى وأكثر نفوذا وتأثيرا في الساحة “ و هم مراجع الحوزة الدينية الكبار الذي لا يقوى خامنئي على المساس بهم .
وقد يقول قائل ان الخميني قد أقدم على اعتقل واهانة عددا من المراجع ممن كانوا اعلم و أقوى منه في مقام المرجعية الدينية وهم “ المرجع الشريعتمداري و محمد الشيرازي والمرجع الأحوازي محمد طاهر الخاقاني ؟.
نقول نعم لقد فعل الخميني ذلك يوم كانت إيران كلها تهتف باسمه وكان يمتلك من القدرة التي لم يمتلكها مرجع شيعي من قبل والتي كانت تمكنه من فعل أي شي يريده دون وجود قدرة حقيقية تعارضه . ولكن منه خامنئي “ وماذا يحتل من المكانة والمنزلة بين المرجعيات الدينية وفي الشارع الإيراني لكي يستطيع ان يجرئ على التصدي أو التطاول على المرجعيات التي أعلنت مخالفتها له ورفضت صراحة أحكامه الدينية وقراراته السياسية الأخيرة “ وأعلنت تأيدها الصريح للتيار " الإصلاحي " وطعنت بشرعية الرئيس احمدي نجاد ؟.
ان تسليم خامنئي مقاليد السلطة للحرس الثوري من أجل حماية منصبه قد جعله يصبح " فقيها بلا ولاية " “ حيث من الطبيعي حين ينتهك الدستور وتصادر الحريات وتباح الحرمات “ تعتبر مسألة ولاية الفقيه ملغاة ولا قيمة لها . و إذا ما استمرت الأزمة في إيران تسير بنفس المنوال التي هي عليه “ فأنها من المؤكد سوف تحول البلاد الى ولاية من دون فقيه .
و شتان مابين فقيه بلا ولاية “ و ولاية من دون فقيه .